تم تحديد حوادث ميلاد السيد المسيح وحياته ، تبعا لتاريخ الدولة الرومانية ، التى كانت تسيطر على الأمة اليهودية فى ذلك الوقت . ومنها حدد المسيحيين تاريخهم ، ابتداء بمولد المسيح . فكان التقويم الرومانى يقوم على أساس تأسيس مدينة روما.
أعلن المسيحيون الأوائل هذا التقويم الخاص بهم بعد انتهاء الاضطهاد الرومانى . وفى بداية القرن السادس نادى الراهب الرومانى " ديونيسيوس اكسسجونوس أو ديونيسيوس اكسسيفوس السكيثي " بوجوب أن يكون بداية التقويم الرمانى على أساس ميلاد السيد المسيح وليس على تأسيس مدينة روما كما كان متبعاً .
نجحت دعوة الراهب أكسيجوس : D. Exigus وبدأ العالم المسيحى منذ عام 532م فى استخدام التقويم الميلادى .
تاريخ أكسيجوس : D. Exigus:-
التقويم اليولياني المسيحي الذي يسير بحسبه الطوائف الشرقية
لم يكن هذا التقويم قط تـقـويـمـاً مسيحياً منذ نشأة المسيحية ، وإنما عمل به في القرن الخامس عشر الميلادي ، وانتشر بعد ذلك في العالم مع انتشار السَّيطرة الاستعمارية العسكرية والثقافية .
وكان الراهب « أكسيجوس : D. Exigus » المتوفى سنة 550م ؛ قد توصَّل إلى أن المسيح ولد في 25 ديسمبر/كانون الأول سنة 753 رومانية من تأسيس مدينة روما ، وقد جعل أول يناير من تلك السنة يساوي أول يناير من السنة الأولى للميلاد ، أي بداية التقويم الميلادي ، وقد اعتمد في ذلك على رواية نُسبت إلى « كليمنت الإسكندري » مفادها أن المسيح ولد في 25 ديسمبر من السنة الثامنة والعشرين لحكم القيصر أغسطس أوكتانيوس الذي يصادف سنة 727 رومانية وهذا يساوي سنة 754 رومانية .
وقد جعل أكسيجوس بداية السنة الميلادية بيوم البشارة في 25 آذار/مارس ، وجرى الناس على ذلك سنين طويلة ، حتى وقع الاختيار على الأسبوع الذي يلي تاريخ الميلاد ليكون بدايةً للسنة الجديدة ، وهو ما استقر عليه الأمر إلى اليوم .
وقد وقع كل من كليمنت وأكسيجوس في أخطاء تاريخية في هذا التقويم ذلك أن السنة التي تعدّ بداية لحكم أغسطس إنما هي سنة 723 رومانية يوم انتصاره في معركة أكتيوم البحرية ، لا سنة 727 رومانية كما ذهب كليمنت ، أي أن المسيح ولد في العام 751 رومانية وليس في العام 754 .
وكما أُبقي على الخطأ في أسـماء الأشهر الغربية في هذا التقويم ولعدم انتباه أحد إليه عبر القرون .
وقد ثبَّتت الكنيسة هذا التقويم سنة 1531م . وهو ما يُعرف اليوم بالتقويم الشرقي ، ثم انتشر ببطء في المشرق العربي وشرقي أوروبا ، وقد طرأ بعد ذلك تعديلٌ أخير على التقويم الميلادي وهو ما يُعرف بالجريجوري أو الغربي .
الحقائق التى أستند عليها الباحثون فى تصحيح تقويم ديونيسيوس -:
1- حدد المؤرخ اليهودى يوسيفوس موت هيرودس بسنة 750 رومانية التى تقابل 4 ق م ، وكون أن يسوع ولد فى أيام هيرودس فيكون ولد أواخر سنة 749 أو أوائل سنة 750 رومانية.
2- حسب بشارة القديس لوقا أن السيد المسيح بدأ خدمته الجهارية فى السنة الخامسة عشر من حكم طيباريوس قيصر الذى حكم الدولة الرومانية سنة 765 رومانية ، وحيث كان عمر يسوع ثلاثون سنه وقتئذ . فيكون ميلاد يسوع سنة 750 رومانية أى 4 ق م .
3- قرر بعض المؤرخين القدامى مثل سافيروس سالبيشيوس ، ونيكونورس كاليستوس ، أن ميلاد السيد المسيح كان قبل مقتل الإمبراطور الرومانى " يوليوس قيصر " بأثنين وأربعين سنة الذى كان سنة 792 رومانية فيكون ميلاد يسوع سنة 750 رومانية ، أى 4 ق م .وفقا لما وضعه ديونيسيوس
التقويم الجريجوري التقويم الغربي
من الأخطاء التي وقعت في التقويم اليولياني أن السنة فيه تعادل 365 يوماً وربع اليوم ، بينما هي في الواقع تنقص عن ذلك بمقدار 11 دقيقة و14 ثانية ، ومع توالي السنين أخذ الفرق يزداد .
فقد لوحظ أنه في سنة 325م ، عند انعقاد مجمع نيقية ، أن اليوم كان يوم الاعتدال الربيعي وفق التقويم اليولياني ، وفي سنة 1582م لاحظ البابا جريجوري الثالث عشر أن الاعتدال الربيعي في ذلك العام بحسب التقويم اليولياني قد وقع يوم 11 آذار/مارس وليس يوم 21 ، فاستدعى الراهب كلافيوس وطلب منه إصلاح التقويم ، فقام بعملين في آن واحد :
1- حسبَ الفرق بين السنة اليوليانية والسنة الشمسية فبلغ ثلاثة أيام كل 400 سنة .
2- قرر استقطاع عشرة أيام من سنة 1582م ، فجعل يوم الجمعة الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر يساوي يوم الجمعة الخامس عشر من الشهر المذكور ، وبذلك ظهر التقويم الجريجوري الذي أخذت به الدول على فترات امتدت عدة قرون ، ما عدا فرنسا التي طبقته فور صدوره نظراً لطبيعة علاقتها بالبابا ، ثم أخذت به إنكلترا سنة 1752م واليابان سنة 1872م ومصر 1875م والصين سنة 1912م واليونان سنة 1913م وطبق في سورية ولبنان والأردن والعراق مع الانتداب الإنكليزي والفرنسي لهما ، وطبقه الاتحاد السوفيتي سنة 1923م ، وتركية سنة 1926م التي أحلَّته محل التقويم العربي .
ولا تزال بعض الطوائف الشرقية تحسب أعيادها وفق التقويم اليولياني – الشرقي - لاعتبارات دينية وسياسية .
وفي ختام حديثنا عن التقويم الميلادي هذا ، نشير إلى أن الأرمن يعدُّون يوم 9 تموز/يوليو سنة 553م هو بداية لتاريخهم ، بسبب عقد مجمع « تيبتين » في تلك السنة ، وهو المجمع الذي حرَّم أحكام مجمع خلقدونية ، وفضَّل الكنيسة الأرمنية على الكنيسة اليونانية