"كل الطرق تؤدي إلى روما" أو "كل الطرق بتوصّل عالطاحونة" تسمع هذه الأمثال الشعبية كثيرًا، وأغلب الناس يجدون فيها قولًا معتدلًا يرضي الجميع. وينساق في ذلك كثيرون من المسيحيين وخاصة في المجتمعات المختلطة، لعدم معرفتهم أو لئلا يضايقهم أحد أو يتّهمهم بالعجرفة أو بمحدودية التفكير، فلماذا الإصرار في عصر العولمة على أن يسوع هو الطريق الوحيد إلى الله؟
رغم أن كثيرين من مؤسسي الديانات في العالم لا يدّعون أنَّ عقيدتهم هي الطريق الوحيد إلى الله، تجد المسيح يقول: "أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلّا بي" (والعجيب في الأمر أنه لا يقول: إتبعو طريقي فهو الأفضل من بين عدة طرق، بل إنه هو الطريق الأوحد ومن أجل الوصول إلى الآب السماوي يجب إتّباعه شخصيًا، ولكي نفهم هذأ الموضوع علينا أن نعود ألى بداية علاقة الله بالإنسان.
إذا تتبعنا ترتيب الله منذ خلق العالم سنجد أن سقوط الإنسان في الخطية (تك3: 9-11،24) سبّب انفصاله عن الله المُحب الذي أراد له الأفضل. فالله خلقه على صورته لكنّ الإنسان شوَّه الصورة، وكَسَر العلاقة التي كانت تربطه بالله بسقوطه في الخطية.
لكنّ خطأ الإنسان الأول (أدم) كممثّل للإنسانية سبّب اللعنة لكل النسل البشري لأنّه "بإنسانٍ واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم و بالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع". (رو12:5).
هل من حلٍ لهذا الوضع الخطير؟ كيف تُصلّح الصورة و تعود العلاقة بين الله والإنسان؟
لا يستطيع أي إنسان خاطئ مهما كان أن يُعالج هذا الوضع. فالحاجة إلى شخص كامل بدون خطية ليتوسّط بين الله و الإنسان الخاطئ، ويُخرِج كل الخليقة من بؤرة الخطية ويُعيد العلاقة مع الله إلى سابق عهدها.
إن يسوع المسيح في مقامه وقدرته المميَّزين هو الوحيد القادر أن يأخذ هذا الدور الهام "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح.. لأنّه كما بمعصية الإنسان الواحد (أدم) جُعل الكثيرون خطاةً هكذا أيضًا بإطاعة الواحد (يسوع) سيُجعل الكثيرون أبرارًا". (1تي 5:2، رو19:5).
نعم، إنّ المسيح في مقامه قدّوس بار، إله حي قادر على كل شيء لا يحدّه زمان ولا مكان، لذلك فهو قادرٌ على غفران الخطايا ومنح الخلاص والإحياء والتحرير والتقديس، بكلمات أخرى إنه يعطي حياةً جديدةً بكل ما فيها من بركات. اسمعه يقول: "أنا هو الباب. إن دخل بي أحدٌ فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعىً.. أنا قد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل". (يو10،9:10).
أرجوك ألاّ تنبهر بأعداد تابعي الديانات الأخرى، فما نقوله ليس مؤسّسًا على كون المسيحيّة تضم اليوم ما يقرب من المليارين ممّن دُعي عليهم اسم المسيح فحسب، فعندما أعلن المسيح عن نفسه كالطريق الأوحد كان تابعوه قلّة قليلة بل ورفضته الأغلبية الساحقة وطالبت بصلبه، وهذا هو الحال فأضداد المسيح أكثر من تابعيه و محبّيه، فهل هذا يقلّل من قيمته كالطريق الوحيد إلى السماء، وباب الخلاص الذي لا يمكن بدونه نوال غفران الخطايا والضمان الأبدي، فإن كان المسيح هو الله الظاهر في الجسد فهل نحتاج غلى طريقٍ آخر؟