"وَقُلْتُمْ: بِمَ أَحْبَبْتَنَا...؟" (ملاخي 1: 2)
جميعنا، بشكل أو بآخر، نصنع لأنفسنا صورة الله. عندما تكون الشّخصيّة الّتي رسمناها لأنفسنا غير صحيحة، نجد صعوبة في قبول محبّته.
عادة صور الله الّتي يرسمها البشر لأنفسهم تنبع من التّجربة الشّخصيّة الّتي يمرّون بها مع الأشخاص ذوي السّلطة في حياتهم.
إنّ الصّورة الأولى الّتي يتخيّلها كثير من النّاس هي صورة الله الجادّ والغاضب والمعاقِب. يمسك في يده عصًا أو سوطًا، وينتظرنا أن نرتكب خطأً حتّى يضربنا. إنّه يسارع إلى العقاب، وكلّ هذه الكلمات عن كون الله محبّة هي مجرّد غطاء، مجرّد قناع، حتّى نتمكّن من الاقتراب منه، ومن ثمّ يمكنه ضربنا. إنّه إله قاسٍ يحبّ أن ننحني له. فقط معاناتنا واستسلامنا بدافع الخوف يمكن أن يرضيه.
والصّورة الثّانية الشّائعة هي لإله طيّب القلب الّذي يرغب في قبول أيّ شيء منّا. يُصوَّر الله على أنّه رجل عجوز، طيّب، ذو لحية بيضاء، عجوز بريء يريد فقط أن يعطي ولا يطلب شيئًا. إنّه نوع من "سانتا كلوز" الّذي، بغضّ النّظر عن أفعالنا، سيقول دائمًا "لقد كنت فتًى طيّبًا، ها هي هداياك". لا توجد حدود، لا يوجد صحيح أو غير صحيح، لا يوجد ممنوع أو مسموح. يحبّ الجميع، ويقبل أيّ شخص كما هو بغضّ النّظر عن أسلوب حياتنا. قد لا يحبّ أن يرانا نسرق أو نكذب أو نزني، لكن هذا لا يهمّ حقًّا لأنّه لا شيء سيفصلنا عن محبّته، ولا حتّى الخطيئة. في النّهاية سوف يعامل الجميع بالحُسنى.
كلتا الصّورتَين مشوّهتان بالطّبع. عندما نرى الله بطريقة مشوّهة، فإنّ قدرتنا على قبول محبّته تتشوّه أيضًا، لأنّ كلّ ما يفعله الله أو يقوله ينتقل من خلال العدسات الّتي نرتديها - إذا جاز التّعبير - ونشوّهها.
لكي تقف صورة الله الّتي نتخايلها أمام أعيننا لتكون أكثر شبهًا بالصّورة الأصليّة، يجب أوّلًا أن نغفر للأشخاص الّذين آذونا، بما في ذلك أولئك الّذين في السّلطة (كما فعلنا في الجزء 5)، ثمّ نجرؤ على أن نطلب من الله أن يوضّح لنا ويعلّمنا من هو حقًّا.
إحدى الأمور الّتي تخيفنا عندما نطلب من الله أن يرينا من هو بالحقيقة، هي أنّ الله يستجيب لطلبنا...
هل لديك الشّجاعة لتطرح جانبًا كلّ ما تخيّلته حتّى الآن عن الله، وتطلب منه أن يُظهر لك صورته الحقيقيّة؟ هل لديك الشّجاعة لتقول لله كما قال موسى: "أَرِنِي وَجْهَكَ"؟ وعندما يفعل ذلك، سوف يحطّم الكثير من التّشبيهات الّتي في ذهنك عنه!