تشهد القدس عدة احتفالات بمناسبات دينية متزامنة، إذ يحتفل اليهود بعيد الفصح والمسيحيون بعيد القيامة فيما لا يزال المسلمون يحيون شهر رمضان. بيد أن التوتر الذي تشهده المدينة طغى على الأجواء الروحانية.
وتقول سائحة أمريكية من ولاية كاليفورنيا تدعى كيلي هوفمان إن "التواجد هنا في عيد القيامة عندما قام يسوع من بين الأموات يعد شيئا مميزا، إذ يحمل التوقيت قدرا كبيرا من الخصوصية. إنه شعور مميز أن أكون هنا في هذا الوقت".
وبسبب جائحة كورونا، فرضت قيود في المدينة على مدار عامين، لكن الآن عادت الحياة إلى طبيعتها وباتت الأزقة الضيقة في البلدة القديمة بالقدس الشرقية تعج مرة أخرى بالسياح والزوار من سكانها خاصة في هذا التوقيت الذي يتسم بالأجواء الاحتفالية.
وفي هذا السياق، تقول رولا غزاوي، وهي فلسطينية مسيحية تعمل في البلدة القديمة، إنه "بمجرد دخول البلدة القديمة يشعر المرء بأجواء الأعياد. لكن يصادف ذلك حالة حزن بسبب الوضع الراهن. وهناك [حرب] في أوكرانيا ونتعاطف مع اللاجئين ونشعر بالأسى لمن قتلوا".
ويصادف الأسبوع الجاري تجمعا غير معتاد للاحتفالات الدينية بالنسبة للديانات الثلاث: إذ سيبدأ احتفال اليهود بعيد الفصح اليهودي الذي يستمر لأسبوع فيما يحتفل مسيحيو الشرق والغرب بعيد القيامة خلال عطلات نهاية الأسبوعين المقبلين بالتزامن مع دخول شهر رمضان أسبوعه الثالث.
بيد أن موجة التوتر الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تهدد هذه الأجواء الروحانية التي تسود المكان حيث أسفرت الاشتباكات التي اندلعت بالقدس بعد صلاة الفجر عن إصابة نحو 150 شخصا. تزامن هذا مع استمرار الحرب في أوكرانيا التي تلقى بظلالها على أنحاء العالم والبلدة القديمة ليست استثناءً.
وقد أدى ذلك على تضاؤل آمال أصحاب المتاجر الصغيرة في تحسن أوضاعهم على وقع حقيقة مفادها أن السياح لن ينفقوا الكثير من الأموال هذا العام، وفقا لما أشار إليه محمد سلهب الذي يمتلك متجرا في البلدة القديمة.
والمسيحيون أحيوا يوم الجمعة العظيمة بالمشاركة في موكب درب الصليب الذي يُعتقد أن المسيح سار عليه وهو يحمل الصليب. وعند غروب الشمس، سوف يدوي صوت مدفع رمضان في سماء القدس الشرقية إيذانا بحلول موعد الإفطار.
وسيلتقي ويجتمع اليهود الإسرائيليون معا في نفس الوقت تقريبا حول "ليلة سيدر" لسرد قصة خروج اليهود من مصر ورحلتهم من العبودية إلى الحرية.
وشهد صباح يوم الجمعة موجة جديدة من التوتر فيما تعرضت إسرائيل لسلسلة من الهجمات الإرهابية الدامية أودت بحياة 12 إسرائيليا واثنين من المواطنين الأوكرانيين خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. ففي مارس/ آذار الماضي، وقع أول هجومين في بئر السبع والخضيرة ونفذهما مواطنان من عرب إسرائيل مرتبطين بتنظيم داعش.
وفي التاسع والعشرين من مارس/ آذار، أطلق فلسطيني من الضفة الغربية النار على خمسة أشخاص في مدينة بني براك، فيما أدى قيام فلسطيني مسلح بإطلاق نار داخل حانة مزدحمة بوسط تل أبيب الخميس الماضي إلى مقتل ثلاثة شبان إسرائيليين.
وقال المسؤولون الأمنيون في إسرائيل إن الهجمات تبدو أنها تأتي في إطار "هجمات الذئاب المنفردة" ولم يُخطط لها من قبل جماعات فلسطينية مسلحة، فيما جلبت هذه الهجمات إدانات من قادة المجتمع العربي-الفلسطيني في إسرائيل والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي تعرض لضغوط بسبب خسارة حكومته أغلبيتها البرلمانية، الأحد الماضي "إن دولة إسرائيل تحولت إلى وضع الهجوم ولن تكون هناك قيود للحرب على الإرهاب".
في غضون ذلك، شهدت الضفة الغربية حصيلة قتلى مرتفعة، إذ أنه عقب الهجمات الأخيرة على إسرائيل، كثف الجيش الإسرائيلي من المداهمات وعمليات الاعتقال خاصة في محيط مدينة جنين في شمال الضفة.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بمقتل ستة فلسطينيين في الضفة الغربية وحدها خلال الأربعاء والخميس الماضيين، فيما ذكر بيان من الجيش الإسرائيلي أن صبيا قُتل بعد إطلاق النار عليه عقب "إلقائه زجاجة حارقة" على القوات الإسرائيلية في قرية حوسان بالضفة الغربية.
ولقيت فلسطينية مصرعها الأحد الماضي بعد إطلاق القوات الإسرائيلية النار عليها قرب نقطة تفتيش في قرية حوسان، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن السيدة الفلسطينية لم تستجب لنداءات بالتوقف بعد إطلاق أعيرة نارية تحذيرية في الهواء. والضحية لم تكن مسلحة.
يشار إلى أنه مع قرب الاحتفال بعيد الفصح اليهودي، دعت مجموعة يهودية متطرفة إلى ممارسة الطقوس القديمة المتمثلة في "ذبح القربان" عند جبل الهيكل والذي يُعرف عند المسلمين بالحرم الشريف.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد منعت في السنوات الماضية ممارسة مثل هذه الطقوس وصادرت "القرابين" لأن من شأن هذه الممارسات أن تهدد الوضع الراهن الدقيق الذي ينطوي على احترام متبادل بين المسلمين واليهود تجاه الأماكن المقدسة الخاصة بهم.