مُقدّمة
حِفْظ يوم السبت لا يعني" مغفرة الخطايا". كُثُر هم الذين خلصوا "نالوا الخلاص" من خطاياهم واعتُبروا من الابرار والصدّيقين في عينَي الرّب بناء على ايمانهم بزمن طويل قبل نزول التوراة، فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر هذه الأمثلة:
نوح: تك 9 :6:" هذِهِ مَوَالِيدُ نُوحٍ: كَانَ نُوحٌ رَجُلًا بَارًّا كَامِلًا فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ." وإبراهيم تك 6 :15 وهذا الشرط" الايمان بالله" بقي حتى بعد نزول التوراة، يمكن مراجعة حبقوق 4 :2:” وَالْبَارُّ بِإِيمَانِهِ يَحْيَا.".
وصية السبت ووصايا أخرى غيرها، كانت "الظلّ والرمز" لمخطط الرب من اجل خلاص الانسان والتي تحقّقت بموت وتجسد الرب المسيح، 2كولسي 17 _16: 2 وغل 25 _23 :3 و16 :2.
ما مصدر يوم السبت؟
في سفر التكوين 3 _1 :2 بارك الله اليوم السابع وقدّسه. قدسية يوم السبت ناتجة عن ان يوم السبت يختلف عن باقي الأيام. في كل يوم من الأيام الستّ، عمل الله بالخليقة، وبينما في يوم السبت سَبَت من العمل، هذا لا يعني ان الله لم يعمل بالسبت، بل توقف وسبت عن عمل الخليقة التي خلقها في الأيام السابقة.
من الجدير ان ننتبه ان أصل الكلمة العبرية " عمل מלאכה" هو " מ.ל.ך " بمعنى ان العمل من "السيد الملك מֶלֶךְ " بينما أصل العمل " عمل עבודה" هو " ע.ב.ד أي עֶבֶד عبد".
في سفر الخروج الاصحاح " 20 " نقرا عن الوصايا العشر وبها عن عدم العمل " ממלאכה" أي العمل الرباني، ومن هنا أهمّية يوم السبت، وامر الرب أيضا الشعب الإسرائيلي الامتناع عن عمل الزرع والحصاد وفلاحة الأرض. الاحبار 7 _1 :25. كذلك الامر في سنة " اليوبيل _ السنة الخمسين" لاويين 55 _8: 25
إذا ما غاية وصية السبت وسنة الابراء وسنة اليوبيل؟
أولا: لنتذكر ان الله خالق الكون وقدّسه.
ثانيا: لنستطيع ان نتعلّم ونكرّر قول الله لنحيا ونعمل حسب التعاليم الالهية
ثالثا: مدى ايماننا وثقتنا بالرب.
رابعا: يعطينا نموذجا لنهج الحياة في ملكوت الله الابدي.
اعترافنا واقرارنا بان الله هو الخالق، هذا يعطينا الواجب تجاه الرب، قارن الخروج 18 _12 :31 قارن التثنية 15 _12 :5.
اختيار اليوم في الأسبوع، لكي يتسنى لإسرائيل دراسة التوراة، قارن التثنية 13 _9 :31.
امر الرب إسرائيل بالصعود لاورشليم في عيد "المظال" ويجهّز الرب لكل فرد وفرد لقاء، ويهتم بوصول الجميع، وفي سنة الابراء، تتوازن الأمور ولا حاجة لفلاحة الأرض. قارن التثنية 12 :31 :" اِجْمَعِ الشَّعْبَ، الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ وَالْغَرِيبَ الَّذِي فِي أَبْوَابِكَ، لِكَيْ يَسْمَعُوا وَيَتَعَلَّمُوا أَنْ يَتَّقُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ وَيَحْرِصُوا أَنْ يَعْمَلُوا بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هذِهِ التَّوْرَاةِ.".
اجتماع إسرائيل بعيد المظال بهدف سماع كلام الرب وليتعلم التوراة وليتعرف على الله ويتقرب منه واليه.
الراحة المطلوبة من إسرائيل بيوم السبت ليتسنى له الصلاة لانشغاله على مدار الأسبوع بالأعمال الحياتية، لذا اعطانا الله يوم السبت وسنة الابراء واليوبيل، للامتناع عن كل عمل نأخذ اجره.
حسب التكوين 19 :18 نفهم غاية بركة الله لإبراهيم. وحسب الخروج 16، امر الله إسرائيل بجمع الطعام من المن والسلوى ليوم السبت لئلا يضطروا للعمل بجمع الطعام في يوم السبت.
بعد سكنى إسرائيل في الأرض المقدّسة، كان عليهم تطبيق سنة الابراء واليوبيل، تتميم هذه الوصية يتطلّب الثقة والايمان بالرب.
ففي سنة الابراء " السابعة" لا خوف على الطعام، في السنة السابعة مُنع الشعب الإسرائيلي من فلاحة الأرض. اعتمد الشعب في معيشته على الفلاحة ووعد الله أبناء إسرائيل انه في السنة السادسة يكون المحصول اضعاف المعتاد وبالتالي امّن الغذاء لأبناء إسرائيل، الخروج 17 _12: 31 واللاويين 25 والعدد 36 _32 :15 والتثنية 15.
بعد كل سبع سنوات من “الابراء _ שמיטה " لأنه في سنة اليوبيل يمتنع الشعب عن الفلاحة، وفي السنة قبل اليوبيل يضاعف الله المنتوج لا 22 _21: 25.
هذه الفترات أعدّها الله لبني إسرائيل لكي يتفرغوا لدراسة أعمق للتوراة وتعليم الكتاب المقدس.
يوم السبت وسنة الابراء واليوبيل ما هي الا آليّات وأدوات لتوجيه قلب الشعب الإسرائيلي تجاه الله، أي في هذه الأوقات يعملون لمجد الله.
شدّد الله على أهمّية الحفاظ على "السبت " حسب العقاب لمن يخلّ بهذه الوصية، العقاب" الرجم" الخروج 29: 16 و17 _12: 31
في سفر اخبار الأيام الثاني 21 _20: 36، يتحدّث عن سبي اليهود لبابل لمدة سبعين سنة بسبب عدم الحفاظ على تعاليم ووصايا سنة الابراء سبعون مرة، بمعنى كل سنة سبي مقابل كل سنة ابراء {7x 70 = 490} يتضح انه قرابة ال 500 سنة خلّ الشعب الإسرائيلي بحفظ الوصايا المهمة لسنة الابراء.
قساوة العقاب وشدة العقاب لان عدم حفظ وصية هو عدم الايمان بالله.
يوم "السبت" هو نموذج لنمط حياة في ملكوت الله. لنفهم وندرك عُمق المعنى لأهمية السبت، علينا مراجعة الرؤيا فصل 22 _ 21 وخصوصا 5 _1 :22.
يوحنا في الفصلين 22 _21 يصف كيف يكون الكون في الأبدية. يصف اعمال الانسان بسكناهم في حضن الاب بسلام وبانعدام الخطيئة.
يختفي كل شيء مثل الشمس والقمر والليل والمسيح يكون " نور العالم" وتلغى الأيام ويبقى فقط يوم " السبت الابدي".
في " السبت الابدي" أولاد الله يخدمون الله بكل طهارة ونقاوة وبقداسة وهدوء.
إضافة ليوحنا نقرا عند اشعياء يصف الكون في نهج الحياة بعبارات شبيهة، اش 66 _ 65.
يمكننا القول ان الله منحنا الراحة في يوم " السبت" ليوم واحد في الأسبوع لكي نعتاد مستقبلا للهدف " النهائي" ونتذوّق منه.
السبت ما هو الا " الظلّ" الرمز والنموذج لنمط العمل ونمط الحياة التي خصّصها لنا الله في الأبدية، كولوسي 17 _16 :2 وغلاطية 25 _ 23: 3 و11 _ 8: 4.
السبت "الحقيقي والابدي" هو الهدف الذي يسعى اليه كل انسان، هو راحتهم الحقيقية لأبناء الله بحضور الله.
هل من شروط لدخولنا للسبت الحقيقي الابدي؟
في الرسالة للعبرانيين 14 _1 :4 يشرح لنا القديس عن العلاقة بين السبت والأرض المقدسة والخلاص والراحة الإلهية. ويستهل بولس الشرح من الفصل السابق "3 " ويستند على ما ورد في المزمور 95.: “אֲשֶׁר-נִשְׁבַּעְתִּי בְאַפִּי; אִם-יְבֹאוּן, אֶל-מְנוּחָתִי. فَأَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: «لاَ يَدْخُلُونَ رَاحَتِي»."
اقسم الله بالا يدخل لمملكته من رفض تعاليمه، ومن قَبِل البشارة سيدخلون في مملكته للراحة الأبدية. راجع تك 2 :2 ومز 8 _7: 85.
الراحة الأبدية لا تقتصر على يوم السبت الاسبوعي فقط، لا بل في مملكة الله الأبدية هذا هو السبت الابدي.
الشرط للدخول للراحة الأبدية هو الايمان بيسوع المسيح.
الايمان بيسوع كمخلّص وربّ، والايمان الذي يعترف ويقرّ يموت وقيامة الرب يسوع كحامل خطايا العالم، الايمان الدالّ على الطاعة للرب، راجع اش 52 لغاية 53 واع 12 :4 ورو 10 _ 9 : 10 و 2 _1 : 12 .
علينا ان نذكر انه لو كان الشرط للدخول بالراحة الأبدية ويوم السبت الابدي ان ننفّذ الوصايا ما كان احد دخل للسبت الابدي ولا خلُص، قارن التث 26 :27 اش 6 :53 الجامعة 20 :7 واف 2.
يخبرنا المسيح في متى 30 _28: 11 عن راحة المؤمن تبدأ بقبوله المسيح كمخلّص وربّ وسيد حياته. هذا القبول يتم:
1 _ الثقة الكاملة بسلام الله ومغفرة الخطايا، رو 11 _1 :5.
2 _ كونه ابن الله وله الحق قول:" ابي" رو 15 :8.
3 _ معرفة الحق، والحق يحرركم، يو 32 :8 و6: 14.
4 _ روح الله يسكن في المؤمن، اف 14 _13 :1 ورو 38 _34: 8
5 _ لا أكون تحت غضب الرب، 1 تسالونيكي 5.
دون الايمان بيسوع كربّ وسيّد ومخلّص شخصي لي من الخطيئة، لا يمكن للإنسان ان يكون له النصيب في الراحة الأبدية _ السبت الابدي، وليس عبثا قال الرب:" انا هو الحق والطريق " يو 6: 14
هل حافظ يسوع على السبت؟
حياة يسوع الأرضية كانت حسب الشريعة، وعمل كل ما تطلّب وعمل حسب طلب شريعة الله وليس حسب شريعة الحكماء والشيوخ ورجال الدين اليهود. قارن مت 20 _17 :5.
اذا المسيح لم " يُلغ" التوراة والوصايا لا بل اتى ليحقّق ويتمّم التوراة بالكامل، موت المسيح على الصليب كحمل حامل الخطايا وغافر ومخلص من الخطايا، فهو اقام بدمه " العهد الجديد" ارميا 34 _ 30: 31 قارن غل 25 _23 :3. ومر 27: 2:" ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ.".
المسيح ساعد بيوم السبت وعمل المعجزات ليثبت لليهود غاية السبت بعين الرب وليس بعين الشيوخ والفريسيين. بعض للأمثلة التي عملها يسوع في يوم السبت،
راجع يو 5 شفاء المقعد ببركة حسدا.
يو 9 شفاء الاعمى بالقرب من بركة سلوان.
مت 14 _9: 12 شفاء يد الرجل ومر 6 _1 :6 وفي بعض الأحيان طلب يسوع من الذين شفاهم ان يقوموا بأعمال ما، والتي تبيّن هذه الاعمال كأنها اخلال بيوم السبت بعيني الفريسي والعشار والصدوقي والكتبة، راجع مت 8 _1 :12 ومر 13 _1: 7 ولو 15 _1: 14 ومر 23: 2 ولو 6 _1: 6.
يعلمنا يسوع بذلك انه هو الله ورب السبت، وعلينا ان نعبد الله وليس اليوم، وأوضح لنا يسوع ما هو السبت الحقيقي.
السبت هو " وسيلة _ أداة " وبواسطة الأداة هذه نستطيع ان نقضي الوقت مع الله، مر 7. والحكماء الشيوخ والفريسيون حوّلوا السبت " لعبء " على الشعب بدلا من الراحة الروحانية، وبهذا اثبت يسوع " العمى الروحاني" للقيادة الفريسية وغيرها، لذا قال الرب في متى 20 :5:" فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ".
علّمنا يسوع المعنى الحقيقي ليوم " السبت" الا وهو ان نعبد الله ونتقرّب اليه ومساعدة الاخرين. وحسب مر 27 :2 ان السبت للإنسان وليس الانسان للسبت والانسان بحاجة "لراحة السبت" وليس العكس، أي راحة الانسان.
امر الله النبي يهوشع {يشوع الاصحاح 6} باحتلال اريحا في اليوم السابع وحتى ان لم يحسب اليوم كيوم سبت الا انهم في التطواف حول اريحا كان يوم سبت وهذا ممنوع حسب الحكماء والشيوخ.
يوم السبت هو اليوم الذي يجب ان نعبد الله ويجدّد قوانا.
نقرا اشعياء 14 _13 :58:" «إِنْ رَدَدْتَ عَنِ السَّبْتِ رِجْلَكَ، عَنْ عَمَلِ مَسَرَّتِكَ يَوْمَ قُدْسِي، وَدَعَوْتَ السَّبْتَ لَذَّةً، وَمُقَدَّسَ الرَّبِّ مُكَرَّمًا، وَأَكْرَمْتَهُ عَنْ عَمَلِ طُرُقِكَ وَعَنْ إِيجَادِ مَسَرَّتِكَ وَالتَّكَلُّمِ بِكَلاَمِكَ،فَإِنَّكَ حِينَئِذٍ تَتَلَذَّذُ بِالرَّبِّ، وَأُرَكِّبُكَ عَلَى مُرْتَفَعَاتِ الأَرْضِ، وَأُطْعِمُكَ مِيرَاثَ يَعْقُوبَ أَبِيكَ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ».".
إذا كمسيحيين ما علينا ان نعمل بيوم السبت؟
يقول بولس، كولوسي 17 _16 :2:" فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ.". يشرح في غلاطية 16 :2 ان الانسان لا يتبرر بالوصايا بل بالإيمان بيسوع المسيح. ويؤكد ارميا الميثاق الجديد والمفهوم الصحيح، 34 _31: 31.
العهد الجديد بدأ بموت المسيح كغافر وحامل الخطايا، ومن يؤمن بيسوع الرب الحمل الحامل للخطايا يتحرّر من القيود الأرضيّة، غل 26 _23: 3 ومراجعة النص بدقّة نقرا لفظة " الايمان" القصد بيسوع المسيح" وردت 4 مرات في الآيات 25 _23.
السبت ظل للمسيح لذا يقول بولس لأهل غلاطية 11 _10: 4 انكم تحترمون أياما ومواعيدا عبثا، قارن اع 10، رو 2 _1 :12 وغل 20 :2.
غاية الانسان " تكريس حياته للرب" في كل يوم وحين 2 كورنثوس 20 :5 وغل 20 _ 19 :2 ورو 2 _1 :12 ومت 33 :6.