هل يستحق ربح العالم خسارة النفس؟

من خلال نظرة الكتاب المقدس إلى الغنى الحقيقي، نجد تحذيرات من مخاطر الاتكال على الثروة المادية، مع التشديد على أهمية الإيمان، التواضع، ومحبة الآخرين. نتعلم أن كل عطية صالحة هي من عند الله، وأن الغنى الحقيقي يكمن في الإيمان العامل بالمحبة والتواضع الروحي.
12 سبتمبر - 11:32 بتوقيت القدس
هل يستحق ربح العالم خسارة النفس؟

نقرأ في الكتاب المقدس في رسالة يعقوب ان كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق، نازلة من عند أبي الانوار، الذي ليس عنده تغيير او ظل دوران.
في نفس الاصحاح الأول أوصى يعقوب الغني، بان يفتخر باتضاعه، لأنه كزهر العشب يزول.

ادركنا ام لم ندرك، اعترفنا ام لم نعترف، فان الحقيقة المُطلقة هي ان كل عطية مادية او روحية هي عطية الله، وليس لنا أي فخر باي امر نمتلكه، او باي موهبة روحية انعم علينا بها الله بالمحبوب يسوع  المسيح.

أوصى رُسل الرب يسوع الأغنياء، بعدم الاتكال على الغنى المادي بل على الله، لان الغنى الحقيقي امام الله هو الايمان العامل بالمحبة، تواضع الروح، محبة واكرام الاخوة، بل حتى محبة الأعداء !

نقرأ في الانجيل عن الشاب الغني الذي أراد هدم مخازنه، ليبني اكبر منها لكي تتسع محاصيله وثروته، لكن الله قال له، انه في هذه الليلة تُطلب نفسك، فكل هذا الغنى لمن يكون ؟!

انه كلام صعب وخطير، وتحذير صارم لكل من يتهاون بمصيره الابدي على حساب أي غنى مادي، ومن الممكن ان يكون هذا الغنى هو الأموال الكثيرة، او الأراضي والبيوت والممتلكات الأخرى، او ربما "غنى" من نوع آخر مثل الافراط في ساعات العمل اليومية بدافع محبة المال، التي هي اصل لكل الشرور، ان ابتغاها قوم زاغوا عن الايمان، وطعنوا انفسهم بأوجاع كثيرة !

ربما عندنا حُب الشهرة والظهور في أماكن ومنصّات العِلم او العمل، والأخطر من ذلك هو حُب الشهرة باسم اللاهوت والدين والله، لان هذا شر كبير !

علينا ان نسأل انفسنا، ما هو الدافع الحقيقي والقلبي لدراستي او حتى عملي ؟
هل هو فقط لاكتساب الشُهرة والإنجازات الأرضية، ام رسالة محبة لبلدي ومُجتمعي ؟
ما هو الدافع الحقيقي لخدمتي في الكنيسة ؟
هل هو خلاص النفوس وبركة شعب الرب ؟ ام حُب المال والمناصب كما حذر وبشدة الرسول بُطرس ( رسالة بطرس الأولى الاصحاح الخامس ) !!

لنسمع صوت الرب يسوع الذي حذر قائلًا :
" ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله، وخسر نفسه ؟ "

هناك من يحاول ان " يربح العالم " في حياته على الأرض، ويعمل ليل نهار على حساب الصحة والعائلة، واخطر امر هو على حساب معرفته بالرب يسوع المسيح، الذي "خسر نفسه" لكي يربح العالم باسره...
فهل من يقبل النداء والدعاء ؟!

ما زال صوت ونداء الرب الاله بصوت اشعياء النبي  :
" التفتوا الي واخلصوا يا جميع اقاصي الأرض، لان انا الله وليس آخر ".

نقرأ في الكتاب المقدس عن اكرام الله لعبيده وخدامه أمثال إبراهيم واسحاق ويعقوب وايوب وغيرهم...
لكن هؤلاء أعطوا المجد لله في كل امورهم المادية وقبل كل شيء الروحية، وثبتوا انظارهم على اورشليم السماوية، التي خالقها الله القدوس.

صلاتي ان نتبع جميعًا خطى سيدنا وربنا يسوع المسيح، الذي افتقر من اجلنا وهو غنيٌّ، لكي نستغني نحن بفقره، ( كورنثوس الثانية 9:8 )، يسوع الذي ترك عرش السماء والغنى الروحي الحقيقي، الذي ولد في مذود بيت لحم، ولم يجد اين يضع راسه، هو من تجسد وتألم وصلب ومات بل وقام في اليوم الثالث، لكي يهبنا الخلاص والحياة الأبدية، التي هي الغنى الحقيقي الوحيد الابدي.

فهل ما زلنا  نريد ان نربح العالم حتى على حساب مصيرنا الابدي، ام نُنكر ذواتنا، ونحمل صليبنا ونتبع يسوع المسيح حتى النهاية ؟!
ونعتبر كل شيء نفاية من اجل معرفة يسوع المسيح المُخلص والرب ؟!

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا