أول ما نقرأه في الكتاب المقدّس عن العملات هو "ألف درهم من الذهب" (نحميا 7: 70) وهي عملة سكّها الملك داريوس الفارسي. في أواخر فترة ما بين العهدين سمح أنطيوخوس ملك سورية لرئيس الكهنة سمعان أن يسكّ اليهود عملة خاصّة بهم (كتاب المكابيين الأول 15: 1- 6).
في عهد الرومان، درج الملوك وحتى الحكّام المحليين مثل بيلاطس وهيرودس الكبير وبعض ورثته وغيرهم على سكّ العملات. في فترة العهد الجديد استعملت في اسرائيل ثلاثة أنظمة من العملات وهي الرومانية، اليونانية واليهودية وكان الصيارفة يعملون في تبديل العملات المختلفة ويحصلون على نسبة مئوية (فائدة) من الصفقات (متى 21: 12؛ 25: 27).
إن الوزنين الوحيدين المذكورين في العهد الجديد هما الوزنة والمنا (متى 18: 24؛ لوقا 19: 16)، بيد أنّه يذكر سبعة أنواع من العملات بأشكال وأحجام ومعادن مختلفة:
1. أَسّاريون: تُسمّى أيضًا بإسم التصغير "أس" وهي عملة برونزية متداولة في زمن المسيح وتُترجم الفلس. كان الدينار يُعادل ثمانية عشر فلسًا ونفهم أنّ الفلس كان ثمن عصفورين (متى 10: 29؛ لوقا 12: 6).
2. الليبتون: عملة يونانية نحاسية هي أصغر العملات المذكورة في العهد الجديد (تعادل عملة "بروتاه" اليهودية) وهي المذكورة في "فلس الأرملة" (مرقس 12: 42؛ لوقا 12: 59؛ 21: 2).
3. دراخما: عملة يونانية فضيّة شهيرة تُترجم "الدرهم" وقد انتشرت في الشرق بعد حملات الاسكندر الأكبر وتقارب الدينار الروماني في قيمتها. تُذكر فقط في مثل المرأة التي أضاعت الدرهم والذي يظنّ البعض أنه كان جزءًا من مهر العروس التي تحتفظ به بعد حفل الزفاف (لوقا 15: 8).
كان ضعف الدراخما " ديدراخمون " أي الدرهمين (يعادل نصف الشاقل) وهو ضريبة الهيكل السنوية
حيثما كان. المفروضة على كل يهودي بالغ
" تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: "أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟"... قَالَ لَهُ يَسُوعُ: "... لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ، اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا، وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ" (متى 17: 24- 27).
4. سْتاتير: تُترجم بالعربية إستار وأول من أصدرها كعملة ذهبية يونانية كان فيليبوس أبو الاسكندر المكدوني. بعدها صارت تُسكّ أيضًا كعملة فضيّة وكانت تساوي أربعة دنانير أي أنها كانت تُعادل الشاقل أي الضريبة السنوية للهيكل لشخصين (متى 17: 27).
يرد الإستار في مثل آراميّ من تلك الحقبة "إسترا بِلْجينا، قيش قيش قَرْيا" أي: إستار (واحد) في الوعاء يُحدِث صوتًا، ومعناه أن قليل الإمكانيات والمواهب، يُصدر ضجّة كبيرة.
5. الشاقل: لم يُذكر الشاقل بالاسم في العهد الجديد، لكن يُرجّح أنّ العملة الفضيّة التي أُعطيت ليهوذا (ثلاثين من الفضة) كانت شواقلاً (متى 26: 15). كان الشاقل في الأصل وزنًا لكنه صار عملة فضية تُعادل أربعة دنانير أي أنّ فضة يهوذا كانت تُعادل أجر عامل لمدة أربعة شهور.
كان الشاقل يُسكّ في مدينة صور عادة حتّى عُرف بالشاقل الصّوري، لكن هيرودس الأكبر قام بسكّه في اورشليم بعدما أكمل بناء الهيكل إذ أراد السيطرة مباشرة على أهم عملة يهودية لدفع ضريبة الهيكل.
6. كودرانتِس: وتُترجم أيضًا فلس (متى 5: 26؛ مرقس 12: 42) وهي عملة رومانية شائعة تساوي رُبع أساريون.
7. ديناريون: تترجم دينارًا وهي عملة رومانية فضيّة رسمية تحمل اسم، ألقاب وصورة القيصر. كان سكان الإمبراطورية يدفعون ضريبة رأس للحاكم الروماني تبلغ دينارًا واحدًا سنويًا وهو يُعادل الأجر اليومي للعامل (لوقا 20: 20- 26؛ متى 20: 1- 16). ذُكر الدينار في عدة مناسبات كمعجزة إشباع خمسة الآلاف وقصة المديونَين وقصة السامري الصالح وغيرها (مرقس 6: 37؛ لوقا 7: 41؛ 10: 35).
*على مدى التاريخ، كان للمال بأنظمته المختلفة قيمته وأهميته، لكننا نتعلم من سيّدنا أن نكون وكلاء صالحين على كل ما أنعم به علينا، فنحصّله بحقٍّ ونُعطي ما لقيصر لقيصر وإن زاد الغنى فلا نضع عليه قلبًا، لئلاّ نسقط في فخّ محبة المال، لأنّ الغنى ليس بدائمٍ والذي يلهث وراء الغنى لا يبرأ... بكلمات أُخرى دعونا نستعمل هذا العالم وكأننا لا نستعمله، فنعيش بأمانة ساعين لمجد الرب وخير أولاده.