نور الأمم ومجد إسرائيل

وُلِد رب المجد يسوع المسيح في مذود بسيط في قرية بيت لحم غير المُعتبرة، في أيام ملوك الرومان وكهنة إسرائيل. ظهر الله في الجسد من خلال تواضع المسيح العظيم، تاركًا أمجاد السماء ليتحد مع عناء وشقاء وآلام أرضنا.
24 ديسمبر - 08:36 بتوقيت القدس
نور الأمم ومجد إسرائيل

وُلِد رب المجد يسوع المسيح في مذود بسيط في قرية بيت لحم غير المُعتبرة، في أيام ملوك الرومان وكهنة إسرائيل. ظهر الله في الجسد من خلال تواضع المسيح العظيم، تاركًا أمجاد السماء ليتحد مع عناء وشقاء وآلام أرضنا.

لكن ملوك الرومان استهانوا بل وتأمروا على الرب وعلى مسيحه كما تنبأ كاتب المزمور الثاني. شيوخ وكهنة إسرائيل لم يروا مجد الرب الذي أنار المسكونة، بل وأنار القلوب والأفكار لكي تعرف وتختبر خلاص الله الأبدي في المسيح يسوع.

كان الضجيج كبيرًا في أيام العيد عند ولادة المسيح، لدرجة أنهم لم يروا ابن الله الذي ظهر بالجسد، مثل أيامنا هذه حيث نسمع ضجيجًا كثيرًا في أيام العيد، لدرجة أننا لا نسمع همسات الروح القدس للقلوب بأنه وُلد لنا ولد، وأُعطينا ابنًا، وأي ولد... وأي ابن... إنه يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب ابن الله الحي!

نقرأ في إنجيل لوقا الأصحاح الثاني عن دخول يوسف ومريم بالطفل يسوع إلى الهيكل، وكيف أُعلن لسمعان أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب. كان سمعان في أورشليم، وكان رجلًا بارًا وتقيًا، لكن هذا لم يُشبع قلب سمعان، لم يكتفِ بوجوده في أورشليم وكونه رجلًا بارًا وتقيًا، بل عاش حياته ملتزمًا بحضور الهيكل لرؤية مسيح الرب.

نقرأ في رسالة غلاطية أن أورشليم الأرضية مستعبدة، لكن أورشليم السماوية حرة. ما أكثر الذين يتعلقون بأورشليم الأرضية ولا يهتمون بالسماوية، مع أن مصيرنا الأبدي سيكون في أورشليم السماوية الحرة التي ستنزل من السماء.

سمعان لم يكتفِ بتواجده في أورشليم ولا حتى المواظبة في اجتماعات الهيكل، ولا بكونه رجلًا بارًا وتقيًا، فهل نكتفي نحن اليوم "فقط" بحضور اجتماعات الكنيسة والمواظبة عليها، بدون أن ندخل إلى أقداس الله بالروح القدس، وندرك حضور الرب يسوع المسيح وسط اجتماعاتنا، بل وأن يسكن قلوبنا وأفكارنا؟

هل نكتفي بحضور الاجتماع بفتور أم عندنا الغيرة المقدسة بأن نرى مسيح الرب، وأن نحتضنه أيضًا مثل سمعان في الهيكل، عندها يحق لنا أن نقول مع سمعان: "الآن تُطلق عبدك يا رب بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك".

أم اكتفينا ببرنا الذاتي ونسينا أن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله؟ وأننا نتبرر فقط بالإيمان بيسوع المسيح، وعندها فقط سيكون لنا سلام مع الله بالمسيح يسوع...

دخل سمعان إلى الهيكل بالروح، وأُعلن له بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب. كذلك علينا نحن أيضًا أن نحيا ونسلك بالروح، في بيوتنا وأماكن عملنا ومدارسنا وكذلك اجتماعاتنا، أن تكون الخدمة ممسوحة بقوة الروح القدس، أن نأتي إلى الاجتماع بقوة الروح القدس، بفرح وابتهاج وليس بحزن وكآبة قلب!

علينا أن نرنم إلى الله القدوس ونصلي ونشهد وأن يكون وعظنا بقوة وإرشاد الروح القدس، لأن الروح يذكرنا بكل ما قاله يسوع المسيح، وهو يرشدنا إلى كل الحق، ويجعل خدمتنا مُثمرة لمجد الله وخلاص النفوس وتعزية شعب الرب.

إنها أيام يجب علينا أن نثبت أنظارنا نحو أورشليم السماوية، لأن مجيء الرب يسوع الثاني قريب على الأبواب، ولكي تقول الكنيسة مع الروح: آمين... تعال أيها الرب يسوع.

لكن قبل مجيئه الثاني يجب علينا أن ندرك ونتأكد أننا نلنا الخلاص والحياة الأبدية، وأن أسماءنا قد كُتبت في سفر الحياة، وأننا اختبرنا الولادة الجديدة بالروح القدس بكلمة الله الحية، وإلا فما المنفعة من المواظبة على الاجتماعات في الكنيسة والاحتفالات بالأعياد؟

يسوع المسيح هو وحده نور العالم، هو من أنار قلوبنا لكي نعرف الحق الإلهي، وهو من أرسلنا لكي نكون نورًا للعالم ولجميع الأمم، لكي يرجعوا من أعمال الظلمة إلى نور إنجيل المسيح.

كذلك يسوع المسيح هو وحده مجد شعبه إسرائيل كما كتب لنا لوقا، ولا مجد آخر وسط شعب الرب غيره، لا قديس ولا مريم ولا يوسف ولا بطرس أو بولس ولا أي خادم آخر... هو وحده له المجد والقوة والسلطان وسط شعبه، له وحده العبادة بالروح والحق، من أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا. مجد الله ظهر بشكل كامل في حياة يسوع المسيح وبشكل خاص فوق الصليب، عندما أسلم نفسه لأجلنا آخذًا الخزي والعار والخطية واللعنة عنا في جسده فوق الصليب، لكي يعطينا الخلاص والمجد والكرامة... فكيف لا نحبه ونعبده ونكرمه من كل قلوبنا وأفكارنا وكياننا؟ حتى لو اجتازت في أنفسنا السيوف وأُعلنت أفكار من قلوب كثيرة، كما حدث مع المطوبة مريم وفي أيامها عندما رفض شعب إسرائيل كأُمَّة المسيح ابن داود؟

إنها أيام يجب علينا أن نتكرس بالكامل للرب يسوع المسيح، أن نحبه ونخدم ملكوته بالروح القدس، وأن نُعلن أنه هو وحده نور لجميع الأمم لكي ترجع من الظلمة إلى نور المسيح العجيب، ونُعلن بكل قوة أنه هو وحده صاحب المجد والكرامة والسلطان وسط شعبه وكنيسته، بل وبعد قليل سوف تجثو كل ركبة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو ربٌ لمجد الله الآب...

تصارع يعقوب في القديم مع ملاك الرب قائلًا: "لن أُطلِقَك إن لم تباركني". تصارع كل الليل مع ملاك الرب وغلبه وأخذ اسم إسرائيل بدل يعقوب.

كذلك أعلن بولس رسول الأمم أنه له اشتهاء بأن ينطلق، ذلك أفضل جدًا...

سمعان الشيخ أعلن: "الآن تُطلق عبدك يا رب بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك".

فهل نصارع نحن اليوم مع ملاك الرب كيعقوب ونقول له لن أطلقك إن لم تباركني؟ وهل عندنا أشواق القلب كبولس بأن ننطلق ونكون مع الرب، ونعتبر ذلك أفضل جدًا؟ وبأن لا نترك هذه الحياة قبل أن نحتضن ابن الله يسوع المسيح بكل كياننا كما احتضنه سمعان؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا