عظم لا يُكسر منه

تحدثت النبوات منذ القديم عن تفاصيل دقيقة في حياة المسيح وموته، ومنها أن عظامه لن تُكسر، رغم العادة الرومانية في كسر سيقان المصلوبين. لم يكن هذا مصادفة، بل تحقيقًا لإرادة إلهية معلنة. فموت المسيح لم يكن هزيمة، بل إتمامًا للفداء وإعلانًا للخلاص الأبدي.
17 فبراير - 08:05 بتوقيت القدس
عظم لا يُكسر منه

نقرأ في العهد القديم، وخاصة في كتاب إشعياء والمزامير، نبوات عديدة عن حياة المسيح، ولادته، حياته، صلبه وقيامته.

في المزمور 22 نقرأ: "أُحصي كل عظامي"، هذه النبوة تُشير إلى أن عظمًا من جسد المسيح لا يُكسر، وهذا ما دونه يوحنا في إنجيله (يوحنا 19:36)، كذلك في خروج 12:46 نقرأ عن فريضة الفصح: "عظمًا لا تكسروا منه".

كانت العادة في أيام الرومان كسر الساقين للمصلوب لتسريع موته، لكن المسيح مات بسرعة، وحتى قبل الذين صُلبوا معه، حتى تعجب بيلاطس أيضًا من ذلك!
مات المسيح بخزيٍ وعارٍ كبيرين من أجلنا، كما تنبأ إشعياء في الإصحاح 53، لكنه مات بعد أن أكمل مشيئة الله الآب لحياته وحياتنا جميعًا، وخاصة تتميم عمل الخلاص العظيم فوق الصليب، وإتمام جميع النبوات عن حياته المجيدة.

نقرأ في رسالة أفسس 5:30، أننا نحن جميعًا، الكنيسة،
"أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه".
يا له من تشبيه مجيد ومبارك، أن يشبهنا الوحي المقدس بأننا أعضاء جسد المسيح وعظامه، الجسد واحد، لكن الأعضاء كثيرة، كما أعلن بولس الرسول للكنيسة في كورنثوس، التي دخلها روح الانشقاق والتحزُّب، لكن هذا الأمر لم يُمجد الرب، لذلك وبَّخ بولس الكنيسة بشدةٍ على ذلك، لأن كل عضو في جسد المسيح له قيمته وتميزه في الجسد الواحد.

يتميز العظم في الجسد بقوته وأهميته في دعم بنيان جسد الإنسان، وهذا يكون عندما تتماسك المفاصل والعظام بعضها مع بعض.
إن كان هذا الأمر هامًا في جسد الإنسان أو باقي الكائنات، فكم بالحري في جسد المسيح الواحد، أي كنيسته الواحدة؟!

لم يسمح الله بأن يَكسر أعداء المسيح عظمه، فلا القوة السياسية ولا الدينية استطاعت كسر عظم المسيح،

لا هيرودس، ولا بيلاطس، ولا قائد المئة، لا حنانيا، ولا قيافا، ولا رؤساء وكهنة اليهود، حتى وهو في قمة ضعفه مُعلقًا ومُماتًا على عود الصليب!
فكم بالحري اليوم، وهو مكلل بالمجد والكرامة والقوة والسلطان عن يمين الآب؟ لم ولن يسمح يسوع المسيح بأن يُكسر أحد عظمًا من عظامه، وإن كان أحد يُفسِد هيكل الله (الكنيسة)، فسيُفسده الله! (كورنثوس الأولى 3:17).

حذَّر يسوع بشدةٍ أتباعه التلاميذ قائلًا: "إن كان أحد ليس معنا، فهو علينا"، كذلك قال: "إن كان أحد ليس علينا، فهو معنا"، و"من لا يجمع، فهو يُفرّق".

علينا جميعًا أن نُثبّت أنظارنا على يسوع المسيح الحي المكلل بالمجد، وأن نتبع خطواته وتعاليمه، وأن نكون أعضاء ثمينةً جدًا على قلبه، لكن متحدين في الجسد والهيكل الواحد.
فهل نحن اليوم مع المسيح أم ضده؟

هل نحن اليوم مع جسد المسيح، أي الكنيسة، أم ضدها؟
هل نجمع أم نُفرق؟!

نقرأ في حزقيال، الإصحاح 37، عن وادي العظام اليابسة، التي تمثل شعب إسرائيل الذي أخطأ وتمرد على الله، لكن الله أحيا العظام اليابسة وجمعها معًا، وكساها باللحم والعصب والجلد، وسكب الروح فيها.

إن كنا نشعر في هذه الأيام أننا أمواتٌ في الذنوب والخطايا، كحال وادي العظام اليابسة، وكشعب إسرائيل في القديم، فإن الله ما زال أمينًا بوعده المبارك بأن يردنا إليه، وأن يجمعنا في الجسد والهيكل الواحد، وأن يجبر كسرنا، ويشفي جراحنا، لأنه هو الطبيب الأعظم، والصديق الألصق من الأخ، آمين.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا