اسم عبرى بمعنى "رحب أو سعة" وهو اسم امرأة كنعانية كانت تعيش فى مدينة أريحا فى زمن دخول بنى إسرائيل إلى أرض كنعان . ونقرأ قصتها فى سفر يشوع (2: 1- 22، 6: 17- 25)، كما نقرأ عنها فى رسالة يعقوب (2: 25)، والرسالة إلى العبرانيين (11: 31) كمثال للخلاص بالإيمان.
وتوصف راحاب عادة "بالزانية" ، ولكن الكلمة العبرية المترجمة "زانية" وصفا لها ، تعنى امرأة تتعامل مع الرجال، ومن هنا يرى البعض أنها تعنى امرأة صاحبة خان أو فندق، وبخاصة عند من يعتقدون أنها صارت زوجة ليشوع نفسه. وقد جاء فى قوانين حمورانى أن الخان هو المكان الذى يستطيع المسافرون أن يقيموا أو يجتمعوا فيه، ولكن يجب تبليغ القصر الملكى عن أى خارج على القانون. ويقولون إن عبارة "بيت امرأة زانية" (يش 2: 1) تعنى فى حقيقتها "خانا" ولكن فى الإشارة إلى راحاب فى الرسالة إلى العبرانيين وفى رسالة يعقوب، توصف بكلمة "بورنيه" اليونانية (Porné) التى تعنى "زانية" بالتحديد، وفى هذا فصل الخطاب.
وهناك مشكلة أخرى تتعلق براحاب، وهل هى نفسها راحاب المذكورة فى انجيل متى (1: 5) ، حيث أن العهد القديم لم يذكر شيئاً عن زواجها من سلمون، ولكن يبدو أنه لم يكن ثمة داع لذكر اسمها فى سلسلة نسب الرب يسوع لو أنها كانت راحاب أخرى لم تذكر بالمرة فى العهد القديم، كما أن ما جاء عنها فى سفر يشوع (6: 17- 25) يدل تماما على أن راحاب وجدت كل ترحيب وإكرام من بنى إسرائيل ، فلا غرابة فى أن تتزوج رجلاً من أسرة كريمة، كما أن لا مشكلة من جهة الزمن، وكل هذا يدعونا إلى القول بأن راحاب سفر يشوع هى نفسها راحاب التى يورد اسمها متى البشير فى سلسلة نسب الرب يسوع.
ومع أننا تقبل وصفها "بالزانية" فى ضوء ما جاء عنها فى العهد الجديد، إلا أن هذا لا ينفى احتمال أن بيتها كان "خانا" فهذا يفسر لنا لماذا اختار الجاسوسان بيتهما ليقيما فيه، ربما لم يكن أفضل اختيار أن يقيما فى بيتها مباح للجميع ، ولكنه كان البيت المتاح والملائم لأنه كان بحائط سور المدينة. ومن الواضح أن بيتها كان مراقباً من رجال الملك، ولذلك سرعان ما علم الملك بوجود الجاسوسين، فأرسل إليها طالباً تسليمهما ، مما دفعها إلى التصرف السريع، فخبأتهما بين عيدان الكتان المنضدة على السطح لتخفيهما عن أعين رجال الملك. ثم وجهت رجال الملك إلى مخاوض الأردن سعياً وراء الجاسوسين اللذين كانا ما زال مختبئين فوق سطح بيتها.
وصعدت راحاب إلى الرجلين وأعلنت لهما إيمانها باله العبرانيين بناء على ما بلغها عن أعماله العجيبة فى إنقاذ شعبه من مصر، وهزيمة ملوك شرقى الأردن، وكشفت لهما عن الرعب الذى وقع على جميع سكان الأرض وأذاب قلوبهم، والتمست منهما أن يستحيياها وكل أسرتها، وقد ودعها الجاسوسان بذلك، وقد نفذ يشوع هذا الوعد تماما (يش 6: 17 و 23 و25) وكانا قد طلبا منها أن تربط حبلاً من خيوط القرمز فى كوة بيتها (يش 2: 18) وبعدها أنزلتهما بحبل من الكوة وطلبت منهما أن يذهبا إلى الجبل حتى لا يصادفهما رجال الملك . ويجب ألا يزعجنا كذبها على رسل الملك (يش 2: 3-6)، إذ علينا أن نذكر أنها كانت وثنية أصلاً، ولم يمضى عليها فى الإيمان باله إسرائيل إلا القليل. وما قبولها "أما فى إسرائيل" وذكر اسمها فى سلسلة نسب الرب يسوع ، إلا دليل على غنى نعمة الله.
ولا يفوتنا أن نذكر ما كتبه عنها كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بالإيمان راحاب الزانية لم تهلك مع العصاة إذ قبلت الجاسوسين بسلام" (عب 11: 31)، وما كتبه الرسول يعقوب: "كذلك راحاب الزانية أيضا أما تبررت بالأعمال إذ قبلت الرسل وأخرجتهم فى طريق آخر؟ " (يع 2: 25) فأولهما يؤكد خلاصها بالإيمان الذى دفعها إلى عمل ما عملت مع الجاسوسين، وثانيهما يبرز ما عملته كتعبير عملى عن "الإيمان العامل بالمحبة" (غل 5: 6).