الشاهد الكتابي: تكوين 34
دينة تعني "عدالة" أو "الشخص الذي يقضي". ولا شك ان اسمها أعطي لها كدليل على ايمان والديها بالعدالة الإلهية.
كانت دينة ابنة يعقوب وليئة، وكعضوة في عائلة خاضعة لبركات العهد كان يجب أن تكون أكثر حذرًا فيما يختص بالتزاماتها الشخصية في حفظ شرف بيتها وأمتها.
أحدث حب دينة لرؤية المناظر سلسلة من النتائج المأساوية. فإذ كانت صغيرة وجريئة ومحبة للاستطلاع لتعرف شيئًا عن العالم الخارجي، فقد تسللت يومًا ما من خيام أبيها لترى كيف كانت البنات تنتقلن من مكان الى آخر في زينتهن الشرقية الرائعة الجمال في شكيم المجاورة.
وإذ كانت تجول ببصرها هنا وهناك، أبصرتها عينا أمير شكيم، ابن حمّور « ورآها » تعني أنه اشتهاها (انظر أي 31: 1)، ثم كما تقول القصة: « أخذها واضطجع معها وأذلها » (تك 34: 2). ومع أنه تم تملق غرور دينة عندما رآها حتى إنها ذهبت الى قصره، إلا أنها لم تكن تقصد أن تذهب الى هذا الحد. « أخذها » تتضمن معنى الإجبار، وعلى الرغم أنها قاومت تحركاته، إلا أن المقاومة كانت عبثًا وتمت غوايتها.
لو كانت دينة قد اكتفت بالبقاء في البيت كالنساء اللاتي قال عنهن الرسول: « ملازمات بيوتهن » (تي 2: 5)، لأمكن تجنب تلك المذبحة المروعة، ولكن رغبتها في الاطلاع على كل ما هو جديد والصحبة المحرمة قد جلب الكارثة. يخبرنا يوسيفوس المؤرخ اليهودي (القرن الأول للميلاد) أن دينة ذهبت الى المهرجان السنوي الكنعاني لعبادة الطبيعة (ع 25: 2) – وهي مشاركة محرمة على اسرائيلية. إن الخطية والعار والموت قد لحقت بدينة وشكيم من خلال السمع والبصر (انظر تك 39: 7). إن الأمير الصغير قدم الفدية المعتادة لأجل إغوائه لدينة – الزواج منها ومبلغ من المال لأبيها كان كاف طبقًا لناموس موسى (تث 22: 28 و 29). من الواضح أنه كان هناك ما هو أكثر من الشهوة من جانب شكيم، لأننا نقرأ القول – إنه قد « تعلقت نفسه بدينة ابنه يعقوب وأحب الفتاة ولاطفها ». عندما ذهب حمور إلى يعقوب وأبنائه لمناقشة موضوع زواج ابنه من دينة قال: « ابني قد تعلقت نفسه بابنتكم. اعطوه اياها زوجة ».
ولما غضب أبناء يعقوب بسبب العار الذي لحق بأختهم وأمتهم، قالوا: « هكذا لا يصنع »، فبما فعلته دينة – امرأة قد دنست – فقد تسببت في أن يصبح والدها « سيء السمعة بين سكان الأرض ».
كانوا يبدو أن أبناء يعقوب قد وافقوا على اقتراح حمور بأن يتزوج ابنه من دينة وأنه يجب أن تكون هناك علاقة أكثر حميمة بين الإسرائيليين وأهل شكيم، فقد قالوا إنهم يوافقون على اقتراح حمور بشرط واحد. والشرط هو أن يخضع كل رجال شكيم لطقس الختان – وهو عمل من أعمال التكريس الكهنوتي. وعندما كان ألم الختان في أوجه، وكان يصعب التحرك في اليوم الثالث، هاجم شمعون ولاوي أهل شكيم وقتلوا كل الذكور في المدينة بمن فيهم شكيم نفسه.
لقد جرت العادة عند العرب، إن الإغواء كانت عقوبته الموت، وكان الحكم ينفذه عادة إخوة الفتاة التي تم إغواؤها. ولأجل جريمتها، تلقى شمعون ولاوي لعنة بدلا من البركة من يعقوب، أبيهما، في وقت موته.
ومن النتائج المفيدة لهذه المأساة إعادة تكريس يعقوب الذي انحدر تدريجيًا الى حد ما كنتيجة لإقامته بالقرب من شكيم (تك 33: 17 – 20). فقد تذكر قسمه بأن يبني مذبحًا في بيت إيل لله الذي كان قد ظهر له عندما كان هاربًا من وجه عيسو منذ عدة سنوات من قبل، وسلمت عائلته كل الآلهة الغريبة وطهروا أنفسهم، وقد تم في بيت إيل الوفاء بالعهد الذي طال نسيانه. وبهذه الطريقة فإن الله قد حوّل الشر الى خير (تك 35: 1 – 5).
كم عدد الفتيات الشبيهات بدينة اليوم واللاتي قد بهرهن بريق ولمعان العالم، وقد مللن الحياة في البيت فتركنه بدون اخطار، وقد تهن في دوامة المدن الكبرى.
هناك زيادة مرعبة في أعداد البنات، اللاتي إذ يرغبن في التغيير ويردن أن يرين مناظر العالم، يتركن مأوى البيت الجميل، ولا يسمع عنهن شيء بعد ذلك. وينتهي الحال بكثير منهن إلى الخطية والجريمة والهوان. ليتنا لا نكف عن الصلاة لأجل أولئك اللاتي تحاولن الذهاب بعيدًا، وعن استعادة الشابات الضالات في أيامنا هذه!