انشغل كثير من الناس مؤخرًا بموضوع الأبواق التي تُسمع أصواتها في أماكن متعدّدة في العالم. طبعًا أنا كإنسان لا أعلم بالتحديد إن كانت هذه الأصوات من الله أم ناشئة من ظواهر طبيعية كالعواصف والرعود، أم من مصدر آخر.
بسبب اهتمام الكثيرين بأمر الأبواق، دعونا نستعرضه باختصار، وأقول هنا أن الهدف ليس طرحًا لفهمي العقائدي لموضوع الأخرويات (الأحداث المستقبلية)، بل محاولة توضيح لموضوع الأبواق لفائدة الكثيرين.
كانت الأبواق تستخدم قديمًا للإعلانات المختلفة كتنظيم طوابير الجيوش وبعدها لتحركهم تجاه الأعداء. استُخدم البوق أيضًا عندما أعطى الرب الناموس لموسى النبي (سفر الخروج 19: 16- 19) وبعدها في سنة اليوبيل ( سفر اللاويين 25: 8- 9) وفي أيام الأعياد ورؤوس الشهور وكذلك لاجتماع القادة ولارتحال المحلاّت في العهد القديم ( سفر العدد 10: 1- 10).
البوق الأخير
طبعًا لا يمكن أن ننسى أهم الأبواق وهو البوق الأخير أو بوق الله، الذي يتم به استدعاء جميع المؤمنين بالمسيح الراقدين والأحياء. إنه نداء الله الأخير الذي بأمره، يُخطف جميع القديسين عبر العصور ويلتقون بالرب في لحظة في طرفة عين (رسالة كورنثوس الأولى 15: 52؛ رسالة تسالونيكي الأولى 4: 16). تقول ترنيمة قديمة:
عمّا قريب ٍ يدوي بوقٌ | ويهتف جـندُ السماءْ |
يسوع آت ٍ بجـلالـه | هيا اصعدوا إلى الهواء |
كل ّ مؤمن ينتظر المسيح وليس البوق، فماذا تنتظر أنت؟؟ سيأتي ربّ المجد يسوع ليأخذ كل المؤمنين به عبر العصور من العالم، فهل ستأتي معنا، أم ستبقى لتسمع وتحتمل بقية الأبواق المرعبة؟؟
أبواق مستقبلية
في المستقبل سوف تنصبّ على العالم الذي رفض المسيح إحدى وعشرون ضربة، منها سبعة تسمّى الأبواق وهي نوعية خاصة من الغضب الإلهي، تنفذها الملائكة بأمر الله وتقع على سكان الأرض. عندما يُضرَب البوق الأول ستحترق ثلث الأشجار وكل عشبٍ أخضر وفي الثاني يصير ثلث البحر دمًا فتموت ثلث الخلائق التي فيه ويباد ثلث السفن. في البوق الثالث يسقط كوكب عظيم من السماء ويقع على ثلث الأنهار وعلى ينابيع المياه فتصير مُرّة ويموت كثير من الناس من مرارتها. في البوق الرابع يضرب ثلث الشمس وثلث القمر وثلث النجوم فيظلم ثلثها. الأبواق الثلاثة الأخيرة تسمّى ويلات وهي رهيبة في تفاصيلها، إنها أبواق مرعبة في معناها الحرفي فكم بالحري إن كانت رموزًا تشير الى انتشار الخراب روحيًا واخلاقيًا.
بوق الرقيب: شخصية هامة في العهد القديم هي الرقيب الذي كان عليه أن ينفخ بالبوق لتحذير الشعب وانقاذهم من الخطر.
"إن أخذ شعب الأرض رجلاً من بينهم وجعلوه رقيبا لهم، فإذا رأى السيف مقبلا على الأرض نفخ في البوق وحذر الشعب، وسمع السامع صوت البوق ولم يتحذر، فجاء السيف وأخذه، فدمه يكون على رأسه. سمع صوت البوق ولم يتحذر، فدمه يكون على نفسه. لو تحذر لخلص نفسه. فإن رأى الرقيب السيف مقبلا ولم ينفخ في البوق ولم يتحذر الشعب، فجاء السيف وأخذ نفسا منهم، فهو قد أخذ بذنبه، أما دمه فمن يد الرقيب أطلبه. وأنت يا ابن آدم، فقد جعلتك رقيبا لبيت إسرائيل، فتسمع الكلام من فمي، وتحذرهم من قبلي... " (سفرحزقيال 33: 2- 7).
إن كنت مؤمنًا حقيقيًا بالمسيح فأنت رقيب تعلن صوت الله ونداءه للخطاة أن يرجعوا إليه ولا يسيروا نحو الهلاك. الشهادة للرب هي مسؤولية كل واحد منّا وعلينا أن نقدّرها ولا نقصّر فيها لأننا سوف نعطي عنها حسابًا.
قبل سنوات اشترى مني أحد أصدقائي سيارة وبعد أيام أتصل بي قائلاً: السيارة جيّدة لكن الزامور (بوق السيارة) لم يكن يعمل. كان السبب أني لا أستعمل البوق، فأصابه الصدأ من الداخل دون أن أعلم.
اخوتي واخواتي، ألم ينغمس البعض منّا في بحر هذا العالم حتى نسينا أننا في العالم ولكن لسنا من العالم ، نسينا أن الله ائتمننا على بوقه التحذيري ومرّت سنوات حتى "صدأت" شهادتنا؟؟ إن كان الناس اليوم يسمعون أصوات أبواق ويتباحثون حولها، أليست هذه خير فرصة لكي نسمعهم صوت البوق الحقيقي، ليتنا نفعل؟