حارَ المُحِبّون في وَصْفٍ وفي نَغَمِ – بَهاءُ عَينيكِ مِن دُرٍّ ومِنْ ضَرَمِ
فلَملِمي مِن شظايا القلب بعضَ هوىً – وجَدِّديهِ بعَهدٍ غير منصرِمِ
في هالة الوجه ذاب السِّحرُ واٌنحَسَرتْ – سَحابةُ العَذلِ إنْ تنزِلْ وإنْ تَحُمِ
والسِّحرُ في سُنَن الجُهّال مَعثرةٌ – فعَثِّري الصَّبَّ إمّا يَصحُ أو يَنَمِ 1
لأنّ سِحرَكِ مرغوبٌ ومحترَمٌ – ورُبَّ سِحرٍ سِواهُ غيرُ محترَمِ
أمّا تطاوُلُ عُذّالي عليهِ فذا – شَغافُ واحدِهِمْ ساعٍ إليه ظَمي
قد أخطأوا فيه إذ سَمَّوهُ عن سَفهٍ – عارًا وصانعُ هذا خالقُ الأدَمِ
حتّى اٌدَّعَوا فتنةً فيهِ وقد خَسِئَتْ – أفكارُهُمْ في دروب الشّرّ والظُّلَمِ
أعداءُ كلّ جمالٍ في طبيعتِهِ – أعداءُ كلّ جميلٍ غَيرِ محتشِمِ
هُمْ كارِهو فرَحِ الدنيا ونهضتِها – في كلّ بيتٍ وإقليمٍ ومُعتصَمِ
مستكثِرِينَ على الدنيا سعادتَها – بكلّ حالٍ مع الإنسان منسجِمِ
رأيتُ داعشَ فيهِمْ غيرَ ناقصةٍ – شيئًا فتاقوا إلى البُعران والخِيَمِ
وهُمْ رعاعُ الفضائيّاتِ في زمنٍ – غزوُ الفضاء مُباحٌ غيرُ مزدحِمِ
فهلْ غزوهُ أم اٌحتاجوا إلى رُخَصٍ – مِن العباقرة "الكُفّار" في الأُمَمِ؟
أعماهُمُ الغزو، والتخريبُ ديدنُهُمْ – فمَنْ حَذا حَذوهمْ أنّى أقامَ عَمِي
مَن قال في الرّزق "إنّ اٌبنَ الحَلال سَعَى – لاٌبن الحَرام" وَضِيعٌ قلْ لهُ اٌستقِمِ
تعوَّدوا نهْبَ رِزقِ اللهِ في وَضَحٍ، – في غفلةٍ من عيون النّاس، أو غَسَمِ 2
عاثوا فسادًا بأرضٍ لم تكُنْ أبدًا - لهُمْ برايةِ سَفّاحٍ ومنتقِمِ
يستحسنون خُرافاتٍ وأقنعةً – ويقذِفونَ الورى بالوَيل والتُّهَمِ
فقيل عنهُمُ ما يُخزي، وما حَفَلوا – بالعار يومًا ولا الأخلاقِ والقِيَمِ
تشبّثوا بأصول الفِقه مِن جهةٍ – وغازَلوا جهةً أخرى على اللَّمَمِ
إني تأمّلتُ في القرآن سِلسِلةً – مِن التلوُّن كالحِرباءِ في النُّظُمِ
هَلْ في المُبِينِ كلامٌ لا بيانَ لهُ – وأعجميٌّ؟ فمَنْ يرصُدْهُما يَصِمِ
عكسُ الصِّفاتِ بدا لي حِرفةً لهُمُ – حتّى التّقيّةُ باتتْ عادةً لهُمِ
يا لَلنِفاقِ الذي أزرى بأشرفهِمْ – مَنْ أصْلُهُ ضاعَ بين العُرْبِ والعَجَمِ
قد كان للعَرَب الأقحاح منزلةٌ – تخلَّفَتْ بيَدِ الإسلام كالرِّمَمِ
كمْ قِيلَ في اللهِ مِن نَعتٍ فسُرَّ بهِ – إبليسُ أنْ بسِواهُ غيرُ متّسِمِ
كماكِرٍ ومُضِلٍّ قلتُ ربُّهُمُ – هذا وليس الإلهَ البارئَ النَّسَمِ
وقيل ذَبّاحُ خَلْقِ الله "أطْهَرُهُمْ – وأشْرَفُ النّاس" يا لَلْجَهلِ بالعِظَمِ
نهَوا عن الشِّرك أمّا رُكْنُهُمْ حَجَرٌ – طافوا حَواليهِ في مستنقع الحَرَمِ
بِيضَ الثّياب وشَرعُ الغاب داخلَها – مجرَّدٌ مِّن مَزاياها ومِنْ ذِمَمِ
فلا أمانَ مِن الإسلام في وطنٍ – مهما تغيّرَ نوعُ الدّاء والوَرَمِ
ولا سلامَةَ في الإسلام بيِّنةٌ – حتّى يُغادِرَ حَرفُ الرُّعب والألمِ
مَن قال "طائفةٌ تنجو وطائفةٌ – لا" قُلْ لهُ بالعَمَى أفتيتَ والصَّمَمِ
حتّى "الرسول" الذي تُرجى شفاعتُهُ – لمْ يَضمَنِ الخُلدَ فاٌحكُمْ أنتَ واٌحتكِمِ 3
…….
قد هِمتُ بالرّوح في الإنجيل ممتلِئًا – لولا التأمّلُ في الإنجيل لمْ أهِمِ
فالرّوحُ أوحى إلى ذِهني بتوصيةٍ: – يا عابدَ الله عارِضْ عابدَ الصَّنمِ
أجَبتُ: يا ربّ سامِحْني على غضبي – ليس السّكوتُ على الأوغاد مِن شِيَمي
إنّ التغاضيَ عَن إبليسَ يُؤسِفُني – إنْ خِفتُهُ مُتُّ مِنْ هَمٍّ ومِن سَأَمِ
أجابني الرّوحُ لا تيأسْ فإنّ غدًا – خيرٌ مِن اليوم أمّا الظُّلْمُ لمْ يَدُمِ
فاٌكتُبْ إلى أمّة الأعراب موعظةً – مِمّا سَكبْنا على الغاوينَ كالدِّيَمِ
وسَلْ أحبّاءَنا مِنهمْ بلا خَجَلٍ – أيّ المُحِبّين ضاهى غاسِلَ القَدَمِ؟
مَنْ صار فيكُمْ عظيمًا فهو خادِمُكُمْ – ومَن تكبَّرَ بالتّوبيخ يصطدِمِ 4
أمّا التلاميذ فاٌنصاعوا له فغدوا – مبشِّرِينَ وصاروا أحسن الخَدَمِ
لمْ يَشهَروا أيَّ سيفٍ إنّما ذُبِحوا – شهادةً للمسيح الحَيّ كالغنمِ
نجا مِن القتل يُوحَنّا الحبيبُ، على – رؤياهُ خَتْمُ كتابِ اللهِ بالسِّيَمِ 5
هذا الكتابُ عظيمٌ في محبّتِهِ – مقدَّسٌ بَلْ فريدُ النّوع والكَلِمِ
هَلِ المَحَبّةُ قولٌ غيرُ مقترنٍ – بالخير والبَذل والإيثار والكَرَمِ؟
لاقَ التواضُعُ بالأشرافِ إذ مَقَتوا – تكبُّرًا بين شَمْلٍ غيرِ مُلتَئِمِ
عَفَتْ رموزُ الهوى والحبِّ أغلبُها – طُولَ الزمانِ وذا نارٌ على عَلَمِ 6
هذا يسوعُ المسيحُ الحيّ أعظمُها – طُرًّا فما مِنْ مثيلٍ كائنٍ وسَمِي 7
شُكرًا لكلّ مَن كَتبَ الإنجيلَ ملتزمًا – بالوَحيِ واللهُ جازى كلّ مُلتزِمِ
لولا يسوعُ لما صَدَّقتُ تسمِيَةً – للهِ في زحمة الأسماء والحِكَمِ
مَنِ المُحِبُّ الرّحيمُ المستغاثُ بهِ – إلّا يسوعُ بلا مَنٍّ ولا شَمَمِ؟
مَنِ الغفورُ ذنوبَ الخاطئين وهُمْ – مِن توبةٍ عَن خطاياهُمْ إلى ندَمِ؟
يسوعُ في القلب نارٌ ليس يُطفئُها – ثلجٌ، يسوعُ وَقودٌ جِدّ مضطرِمِ
في القلب والروح إذ حلّ السَّلامُ بهِ – وكلُّ ما تشتهي نفسٌ مِن النِّعَمِ
نارٌ لتطهير نفسٍ مِن شوائبها – ما سُرِّبَتْ بيَدٍ أو تُرجِمَتْ بفمِ
نارٌ لتعميدِ أخلاقٍ وأفئدةٍ – بالحِقد تنبُضُ أو تُشفى بسَفكِ دَمِ
نارٌ لنورٍ فليستْ نارُهُ أبدًا – لحَرقِ حَيٍّ ولا المخطوطِ بالقلمِ
نارٌ لتشغيل عقلٍ قد أضَرَّ بهِ – كَهْفٌ ونومٌ بإصرارٍ مع القَسَمِ
فمَنْ يُعَمَّدْ بهذي النار مقتنِعًا – بالقلب والعقل يستبسِلْ كما البُهَمِ 8
لهُ نصيبٌ مع الرَّبِّ الإله وذا – وعدُ المَسِيحِ فلمْ يَقْسِمْ مِن العَدَمِ
إنّ المسيحَ أمينٌ صادقٌ حَكَمٌ – يومَ الحساب فما أرقاهُ مِن حَكَمِ
لو لم يكنْ هو ربّي لاٌقتنعتُ بهِ – رَبًّا وآمنتُ مِثلَ النّابهِ الفَهِمِ
لِيْ بالصَّليب اٌفتخارٌ لا حدودَ لهُ – والفخرُ في ما عداهُ تَوأمُ الدَّسَمِ
إنّ الصليبَ سِلاحُ المُتّقِين بهِ – للسِّلمِ لا لِعَداواتٍ ولا نِقَمِ
يعني اٌتّساعَ حُشودِ النّاس في أفُقٍ – والارتفاعَ بهِمْ أعلى إلى قِمَمِ
ترفُّعًا عن تفاهاتٍ بأوديةٍ – للغَيّ مَنْ يبتعِدْ عن وَصْلِها يَصُمِ
فالصَّومُ: كلُّ اٌبتعاد عن ممارسةٍ – دنيئةٍ ونوايا السّوء مِنْ أَمَمِ 9
أمّا الصَّلاةُ فقد أدركتُ قوّتَها – بلْ عُمقُ تأثيرِها كالضَّربِ في القِدَمِ
هذا الصَّليبُ وهذا الرَّبُّ يا وَرِعًا – أساءَ فهْمًا فإنْ آمَنتَ قُلْ: نَعَمِ
يسوعُ أعطى ضَماناتَ الحياةِ لنا – بعد المماتِ فأَقبِلْ أنتَ واٌستَلِمِ
1 إمّا يَصْحُ أو يَنَمِ؛ إمّا: هي إنْ الشَّرطيّة الجازمة مدغمة بـ ما الزائدة. وقد كُسِرتْ ميم ينمْ لضرورة شِعرية تخصّ القافية. فمِثالًا لا حصرًا؛ قول زهير بن أبي سُلمى في معلّقته، وهي على وزن بحر الطويل:
وقَدْ قُلتُما إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ واسِعـًا - بمَالٍ ومَعرُوفٍ مِنَ القَولِ نَسْلَـمِ
عَظِيمَيْـنِ في عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَـا - ومَنْ يَسْتَبِحْ كَنزًا مِنَ المَجدِ يَعْظُـمِ
2 الوَضَح- في معجم المعاني الجامع: الضَّوء\ بَياضُ الصُّبح… والغَسَم- في لسان العرب: السَّوَاد\ اختلاط الظُّلْمة\ ظُلْمة الليل. أو: حرف عطف يفيد التخيير والتشكيك... وغسم معطوف على وضح.
3 حديث 5349 عن… عن أبي هُرَيرة: (سمعت رسول الله ص يقول لن يُدخِل أحدًا عملُهُ الجَنّة قالوا ولا أنت يا رسول الله قال لا ولا أنا إلّا أنْ يتغمَّدني الله بفضل ورحمة…)- صحيح البخاري، كتاب الأشربة، باب تمنّي المريض الموت.
4 إشارة إلى قول السيد المسيح لتلاميذه: {مَن أراد أن يصير فيكُمْ عظيمًا يكونُ لكم خادمًا}- مرقس 43:10 ومتّى 26:20
5 يوحنّا الحبيب: يوحنّا الإنجيلي؛ كاتب الإنجيل المسمّى باٌسمه والرسائل الثلاث والرؤيا.
6 ذا: هذا. عَلَم: جَبَل؛ من عادات العرب القدامى في الكرم إشعال نارٍ على جبل كي يهتدي بها إليهم ضيف أو عابر سبيل. فضُرب المَثل: أشهَرُ مِن نار على علم.
7 سَمِيّ- عن الصَّحّاح في اللغة: نظيرٌ يستحقُّ مثلَ اٌسمِه. وتخفيف الياء ضرورة شِعريّة.
8 البُهَم- عن لسان العرب؛ جمع البُهْمَة: الشُّجاع، وقيل: هو الفارس الذي لا يُدْرَى من أَين يُؤتى له من شِدَّة بأْسِه.
9 مِن أَمَم: مِن قُرب.
…….
نُظِمَت الخميس الموافق الثاني من أبريل\ نيسان 2015 على وزن بحر البسيط وتمّت مراجعتُها اليوم. وهي لمناسبة حلول خميس الأسرار المقدّس؛ ذكرى العشاء الأخير ليسوع المسيح له المجد مع تلاميذه، وقد غسل يسوعُ أرجلَ تلاميذه في اليوم نفسه، ووعظ فيهم بأن يحبّ بعضهم بعضًا كما أحَبَّهُم. والمزيد في ويكيپيديا: خميس الأسرار.
وقد تصلح هذه القصيدة معارضة، أي مقابلة، أمام قصيدة البوصيري (1213- 1296 م) التي مطلعها
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سَلَمِ - مزجتَ دمعًا جرى مِن مقلةٍ بدمِ
وتاليًا أمام قصيدة أحمد شوقي، التي عارض بها قصيدة البوصيري المذكورة، ومطلعُها
ريمٌ على القاعِ بَينَ البانِ والعَلَمِ - أَحَلَّ سَفكَ دَمِي في الأشهُر الحُرُمِ
لكنّ المؤسِف هو أنّ هاتين القصيدتين أساءتا إلى السيّد المسيح وإلى المسيحيّين، بشكل ما وطريقة ما، إساءة بدت لي مقصودة تارة ودالّة على الجهل تارة أخرى. وقد رأيت في كلّ منهما مدحًا مبالَغًا فيه وفارغًا، وتكلُّفًا واضحًا في نَظْم الشِّعر. والحُكْم للقُرّاء؛ مِن ذوي الضّمير الحيّ وذواتِه، ومِن أهل العلم.
¤ ¤ ¤