أدعو مجدَّدًا إلى قراءة سلسلة [مسيحي يطالع القرآن] ابتداء بالمقدّمة، ما قبل الاستمرار في قراءة هذه المقالة، لأنّ البلاغة الأدبية وضعتْ حَدًّا حَسَنًا للتكرار، لذا لا أكرّر ما ذكرت فيما سبق إلّا إذا اقتضت ضرورة ما ولا سيّما مراعاة وجود قرّاء جدد، فأدعو المتصفّح-ة الكريم-ة إلى العودة إلى مقالاتي السابقة حيثما يجد رابطا. إليك رابط المقدّمة:
linga.org/varities-articles/ODE4NA
ترتيب "الفاتحة" في المصحف
إنّ الفاتحة هي الخامسة في ترتيب "النزول" التاريخي، حسب مراجع إسلامية، لكنّ فقهاء المسلمين وضعوها في المقام الأوّل في المصحف العثماني، فكم قدّموا سُوَرًا وأخّروا على حساب الترتيب التاريخي للنزول، متلاعبين بالقرآن، ما أدّى إلى خداع القرّاء من غير الباحثين عن الحقيقة؛ مثالًا أنّ سورة العلق هي الأولى تاريخيّا، تُليت في مكّة، وفيها أن ربّ القرآن (خلق الإنسان مِن علق) وهذا ضدّ الكتاب المقدَّس وضدّ العِلم، لذا قذفوا بـ"العلق" إلى التسلسل 96 في المصحف العثماني، وقدّموا "آل عمران" التي تُلِيت في المدينة وترتيب نزولها 89 إلى التسلسل المرقَّم 3 في المصحف، وفيها أنّ الله خلق آدم من تراب، كما في الكتاب المقدَّس. فمِن البديهي الاستنتاج أنْ لو كان القرآن من وحي الله لما استطاع أحد التلاعب به، ولا تغيير شيء فيه [تغييرات بالمئات كُشِفَ عنها النقاب في مخطوطات صنعاء، ما حدا بالحكومة اليمنية إلى إغلاق باب البحث فيها]- والتفصيل في مقطع يوتيوب لبرنامج الكاتب حامد عبد الصمد- صندوق الإسلام- بأقلّ من نصف السّاعة؛ الحلقة الحادية والعشرون: كلام جديد عن المخطوطات الاولى للقرآن
والآن انظر-ي بعينيك اختلاف ترتيب سور القرآن، ما بين تاريخ النزول وبين الذي في المصحف، عبر مواقع الكترونية عدّة؛ منها ويكيبيديا- قائمة سور القرآن الكريم- والغريب هو وصف القرآن بـ "الكريم" لأنّي لا أعرف وجهًا للكرم في القرآن ولا سيّما بعد قراءتي تفسير سورة التوبة- مصدر الإرهاب الإسلامي وخارطة طريقه- وبعد مشاهدة برنامج صندوق الاسلام ولا سيّما الحلقة الـ 70 متناقضات القرآن: تحليل سورة التوبة
الكتاب المقدَّس دليل معرفة الله
أقول في مناسبة ذِكر الله ووحيه؛ مَن أراد معرفة الفرق ما بين تعاليم الله وبين تعاليم أخرى غريبة، منسوبة إلى الله زورًا وجهلا، فليقرأ موعظة السيد المسيح على الجبل في إنجيل متّى\ الأصحاحات (أي الفصول) 5 و6 و7 مستعينًا بالتفسير المسيحي المرفق، إذا صعب عليه فهم شيء ما، إذْ يجد القارئ-ة أزيد من موقع على الانترنت لقراءة الكتاب المقدَّس ابتداءً بالإنجيل، بعيدًا عن تحذيرات شيوخ المسلمين الدّالّة على خشيتهم مِن أن يعرف المسلم-ة الحقّ، هذا اليوم وكلّ يوم، فيَرمِي الباطل الذي لُقِّنه منذ نعومة أظفاره في أقرب سلّة للمهملات. اكتب-ي لطفًا على غوغل: الكتاب المقدس.
فكمْ مِن مسلم-ة لمّا قرأ موعظة الجبل قال: هذا هو الله، ليس الله إله القرآن- جلّ وحاشا- وشهادات الإخوة والأخوات، من خلفية إسلامية، تعجّ بها مقاطع يوتيوب وغيره. عِلمًا أنّ للسيد أحمد القبانجي- أحد المفكّرين العراقيّين من الشيعة- إفادة تحت عنوان [مستحيل أن القرآن من الله] اعتبر فيها نسبة القرآن إلى الله إساءة إلى الله، فإذا أردت صياغة إفادة المفكّر بأسلوب قرآني لقلت "لقد كفر الذين قالوا أنّ القرآن من الله" عِلمًا أنّ المسيحيّين لا يكفّرون أحدًا ولا يدينون أحدًا لأنّ الدّيّان الوحيد هو الله بشخص السيد المسيح (يوحنّا 5: 22) وبالمناسبة؛ أنّ للقبانجي إفادة أخرى تحت عنوان [جبرائيل كاذب والقرآن هو أحد أكاذيبه] والصواب: إحدى أكاذيبه، لكنّ فيها ما معناه التالي- متسائلا بلسان مَن عاش في زمن محمد [قال محمد: رأيت جبرائيل! فما أدراه أنه جبرائيل، ربّما جنّيّ] والإفادتان ما تزالان منشورتين على يوتيوب وغيرهما كثير. فتحيّة طيّبة لكلّ من أدرك أن القرآن ليس من الله، منهم المفكّر أحمد القبانجي والمفكّر حامد عبد الصمد اللذان أتمنّى عليهما أيضًا قراءة الإنجيل.
ـــ ـــ
أسماء الفاتحة
إنّ للفاتحة، حسب تفسير جزئيّتها الثانية لدى القرطبي، بتصرّف: [اثني عشر اسما: 1الصلاة... 2الحمد لأنّ فيها ذكر الحمد 3فاتحة الكتاب، من غير خلاف بين الفقهاء؛ إذ تفتتح قراءة القرآن بها لفظا، وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطّا، وتفتتح بها الصلوات 4أمّ الكتاب، وفي هذا الاسم خلاف 5أمّ القرآن، واختُلِف فيه أيضًا 6المثاني، لأنها تثنى في كل ركعة... 7القرآن العظيم، لتضمّنها جميع علوم القرآن... 8الشفاء... قال محمد: فاتحة الكتاب شفاء مِن كلّ سُمّ 9الرُّقْيَة (انظر-ي معناها في أحد معاجم اللغة)... 10الأساس، عن ابن عباس: لكل شيء أساس... وأساس القرآن الفاتحة، وأساس الفاتحة: بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتحة تشفى 11الوافية، لأنها لا تتنصّف ولا تحتمل الاختزال... 12الكافية، لأنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها، إذ قال محمد: أمّ القرآن عوض مِن غيرها وليس غيرُها مِنها عوضا] انتهى.
وتعليقي: يستحقّ كل اسم ممّا ذكر القرطبي تعليقًا أو تساؤلا، لكنّي ركّزت على أربعة منها:
أوّلا: الصَّلاة؛ على أنّها شرط في الفاتحة (حسب تفسير ابن كثير) وقد وضعتُ أمام هذه الصلاة علامة استفهام: كيف صلّى "رسول من الله" إلى الله متَّهِمًا أممًا بأكملها بـ (المغضوب عليهم والضّالين) ومزدريًا بدون وجه حقّ وبدون حُجّة، وكيف حاول التقرّب إلى الله وفي داخله حقد على خصومه سواء أسَمّاهم مُشرِكين أم كُفّارًا أم منافقين... إلخ؟ تأمَّل-ي في وصيّة السيد المسيح له المجد: {فإنْ قدَّمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكّرت أنّ لأخيك شيئًا عليك، فاتركْ هُناكَ قربانَك قدّام المذبح، واذهب أوّلًا اصطلِحْ مع أخيك، وحينئذٍ تعال وقدِّم قربانك}+ متّى 5: 23-24 وهذه من موعظة الجبل الخالدة.
مَن يتأمَّل في جزئيّات الفاتحة يجد أنها دعاء عاديّ، لا دليل على أنّ ربّ القرآن أوحى بها إلى الدّاعي أو قال لرسوله "قُلْ" كما جرت العادة، كقوله: (قُلْ هو الله أحد)- الإخلاص:1 كذا في سورتَي الفلق والناس، وكأمره (اقرأ بسم ربك...)- العلق:1 إلّا ما ورد في تفاسير بعض المفسِّرين؛ مثالا: تفسير الطبري لقول الدّاعي (اهدِنا الصِّراطَ المستقيم)- الفاتحة:6 ممّا في ج5 من هذه المقالة. ولا يوجد دليل على أنّ فلانًا مُنعَم عليه والآخر مغضوب عليه والثالث ضالّ، إلّا أنّ الصحابة المقرَّبين إلى صاحب الدعاء- محمد- سمعوا منه القصد (أهل الكتاب) ممّا في التراث الإسلامي، والتفصيل في الجزء الخامس نفسه وهو الأخير.
وبالمناسبة؛ حتّى قول مؤلِّف القرآن بلسان ربّه "قُلْ" المألوف قرآنيًّا لم يكن جديدا؛ إذ اقتبسه من الكتاب المقدَّس. فإليك أمثلة من العهد القديم أمَرَ الرّبّ أنبياءه فيها بـ "قُلْ" تارة وبـ "لا تقُلْ" تارة أخرى:
{لأنَّ الرّبَ قالَ لِموسى: قُلْ لِبَني إِسرائيل: أنتُمْ شَعبٌ قُساةُ الرِّقاب...}+ الخروج 33: 5
{فقالَ ليَ الرّبّ: لا تَقُلْ: إنِّي صغير. أينما أُرسِلكَ تذهب، وكُلُّ ما آمُرُكَ بهِ تقولُه}+ إرميا 1: 7
{وحَلَّ عليَّ روحُ الرّبّ وقال لي: قُلْ: هكذا قالَ الرّبّ. أعرِفُ ما تقولونَ يا بَيتَ إِسرائيلَ وما يخطُرُ ببالِكُم}+ حزقيال 11: 5
وفي هذا الأصحاح (حزقيال\11) وما بعده أوامر من الله كثيرة موجَّهة إلى حزقيال النبي بصيغة {قُل: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبّ...} وأيضًا {قُل لهُمْ...} فما في القرآن من جديد مفيد.
عِلمًا أنّ الصلاة إلى الله تعني تواصل الإنسان مع الله دون غيره {أنا الرّبّ إلهك... لا يكُن لك آلهة أخرى أمامي}+ الخروج 20: 2-3 سواء بالتسبيح والتمجيد من جهة؛ قال داود النبي: {لَكَ يَا رَبُّ العَظَمَةُ والجَبَرُوتُ والجلال والبهاء والمجد، لأنّ لك كلّ ما في السماء والأرض. لك يا ربّ المُلك، وقد ارتفعت رأسًا على الجميع}+ أخبار الأيّام الأوّل 29: 11 وأيضا: {كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحِ الرَّبّ. هَلِّلُويَا}+ المزامير 150: 6 وبالاستغاثة وطلب العون من أخرى: {فصلّى إبراهيم إلى الله، فشفى اللهُ أبيمالك وامرأته وجواريه فولدن}+ التكوين 20: 17 وأيضا: {وقالوا لإرميا النبي: ليت تضرّعَنا يقع أمامك، فتصلّي لأجْلنا إِلَى الرَّبّ إِلهِك...}+ إرميا 42: 2 فلم يفرض الله الصلاة على أحد بشكل قسري ولا شَرطي، إنّما الذي احتاج إليها هو الإنسان، للتواصل مع الله، حاشا الله حاجة ما إلى شيء ما كالصلاة والصوم! فلا وجود لهما في قائمة وصايا الله العشر، إنّما كِلاهُما من ممارسات عبادة الله التقليدية، حتّى السيد المسيح صلّى إذْ أخذ صورة عبد! فهو {الذي إذْ كان في صورة الله، لم يَحسِبْ خُلْسَةً أن يكون معادِلًا لله. لكنّه أخلى نفسه، آخِذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس}+ فيلبّي 2: 6-7 فلمّا طلب إليه أحد تلاميذه قائلا: {يَارَبُّ، عَلِّمْنا أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا عَلَّمَ يُوحَنّا أَيْضًا تَلاَمِيذَه} قال لتلاميذه الصلاة المسيحية الباقية إلى اليوم وإلى الأبد: {مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانا الَّذِي في السَّمَاوَات، ليتقدَّس اسمُك، ليأتِ ملكوتك، لتكنْ مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا أعطِنا كل يوم، واغفر لنا خطايانا لأننا نحن أيضا نغفر لكلّ من يذنب إلينا، ولا تدخلنا في تجربة لكن نجِّنا من الشِّرِّير}+ لوقا 11: 1-4 وهذا هو شأن السيد المسيح حتّى في مسألة اتّباعه، لم يفرضها على أحد، بل العكس، أي لم يُرغِّب السيد المسيح أحدًا في اتّباعه ولم يُرهِبْ- حاشا: {إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني}+ لوقا 9: 23 ومتّى 16: 24 ومرقس 8: 34
ثانيا: الحمد؛ وهذا جيّد قطعًا، لكنّه ليس جديدا، لأنّ الحمد في الكتاب المقدَّس كثير، إليك مثالا: {والكِتابُ يَقول: حَيٌّ أنا، يَقولُ الرَّبّ، لي تنحَني كُلُّ رُكبَة، وبحَمدِ اللهِ يُسبِّحُ كُلُّ لِسان}+ رومية 14: 11 وفي قول بولس الرسول {والكِتابُ يقول...} إشارة إلى آيات عدّة في العهد القديم، فيها حمد لله، حرفيًّا ومعنويّا؛ فمثالًا لا حصرًا ما تقدّم أعلى، أي (أخبار الأيّام الأوّل 29: 11 والمزامير 150: 6) وأيضا: {ولِلحُضورِ كُلَ صباحِ ومساء لِحَمدِ الرّبّ وتَسبيحِه}+ أخبار الأيّام الأوّل 23: 30
ثالثا: الشفاء؛ هل المقصود به الروحي أم الجسدي أم كلاهما؟ لا أدري، لكنّي لم أسمع أنّ مريضًا شُفِي بعد قراءة الفاتحة، إنّما وصلتني تسجيلات لشفاءات كثيرة باٌسم السيد المسيح، في كتب ومرئيّات ومسموعات، من الصَّعب إحصاؤها، حَيَّر كثيرٌ منها الأطبّاء إذِ اعترفوا بها بأدلّة وبراهين، بالإضافة إلى شهادات المرضى وأهاليهم وسائر المقرَّبين إليهم. لذا أدعو القارئ-ة إلى توجيه الصلاة إلى الله، إذا انتابه مرض، متشفِّعًا بالسيد المسيح؛ إذ شفى كُلًّا مِن الأعمى، فما عبس المسيح ولا تولّى- حاشا، والأخرس الأصمّ والأبرص ونازفة الدم والمرأة المنحنية والكسيح والمجنون، والتفصيل في الإنجيل، مع التأمل في محبّة المسيح الواسعة والشاملة وغير المشروطة وفي فيض عطفه الأبويّ وفي سلطان غفرانه الخطايا ومنحه صلاحيّة إجراء المعجزات لتلاميذه وسائر رسله وخدّامه: {وكانَ رَجُلٌ أَعرَجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يُحْمَل... فهذا لمّا رأى بطرسَ ويوحنّا مُزمعَين أنْ يدخلا الهيكل، سأل ليأخذ صَدَقة... فقال بطرس: ليس لي فضّة ولا ذهب، ولكن الذي لي فإيّاه أعطيك: باٌسم يسوع المسيح الناصري قُمْ واٌمشِ. وأمسكه بيده اليمنى وأقامه، ففي الحال تشدّدتْ رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي، ودخل معهما إلى الهيكل وهو يمشي ويطفُر ويسبّح الله}+ أعمال الرسل 3: 2-8
رابعا: الأساس؛ وهذا غريب؛ لأنّ سورة الإخلاص أيضًا قد سُمِّيت بالأساس: [مِن السُّوَر ذات الأسماء المتعددة، وقد ذكر لها الجمل في حاشيته عشرين اسما، منها أنها تسمّى سورة التفريد...، والصمد، والأساس، والمانعة، والبراءة (وهذا غريب أيضًا لأنّ "براءة" من أسماء سورة التوبة- انظر-ي تفسير بدايتها لدى القرطبي)... يرى جمهور الفقهاء أنها (أي الإخلاص) السورة الثانية والعشرون في ترتيب النزول (لكن ترتيبها 112 في المصحف العثماني) ويرى بعضهم أنها مدنية، والرأي بأنها مكّيّة أرجح، لأنها جمعت أصل التوحيد، وهذا المعنى غالب في السور المكية. وعدد آياتها خمس آيات في المصحفين الحجازي والشامي، وأربع آيات في الكوفي والبصري]- بتصرّف عن\ تفسير الوسيط لطنطاوي.
وتعليقي: ربّما قصد طنطاوي "شرح الجُمَل" لابن خروف النحوي (الإشبيلي ت 609 هـ) لكن لديّ تساؤلين، بغضّ النظر الآن عمّا كانت "الإخلاص" مكية أو مدنية؛ الأوّل: قرأنا لدى القرطبي أنّ "الفاتحة" أساس القرآن ولدى طنطاوي أنّ "الإخلاص" هي الأساس، فأيّ السورتين أساس القرآن لكي يحتجّ به الإخوة المسلمون والأخوات المسلمات؟ والثاني: هل عدد أجزائها في اللوح المحفوظ أربعة أم خمسة؟ والجواب المحتمل تلقّيه على التساؤل الأخير هو: اعتُبر جزءان متتاليان من "الإخلاص" جزءً واحدا. وهذا ما حصل في "الفاتحة" كما سنرى في الجزء التالي من المقالة، لكنّ هذا الجواب لا يغطّي على مسألة تلاعب الفقهاء بأجزاء مِن سُوَر القرآن.
ـــ ـــ
هل يصلّي المسلم "الفاتحة" عن معرفة مُسَبَّقة بخلفيّاتها؟
قد يقرأ المسلم العادي "الفاتحة" سبعًا وعشرين مرّة يوميّا، طوال حياته حين يُصلّي، إذا بقِيَ على الإسلام، بدون ارتداد عنه وبدون عبور منه إلى نور السيد المسيح، وقد تقدَّم أنها دعاء عادي لا دليل على نسبته إلى الله، إنّما قال رسول الإسلام: (لا صَلاة لِمَن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)- رواه البخاري. فمعلوم أنّ المسلم يقرأها في سائر المناسبات الإجتماعية كالزواج والوفاة، بالإضافة إلى الركعات المفروضة عليه في صَلاته؛ إذْ صحّ عن رسول الإسلام أنه قرأها في كلّ ركعة؛ لذا قمت بحساب عدد ركعات الفرض والسُّنّة في الصلوات الخمس فحصلت على التالي:
في صلاة الفجر4 ركعات وفي الظهر8 والعصر4 والمغرب5 والعشاء6 فالمجموع 27 ركعة يوميّا، ما عدا ركعات صلاة الشفع والوتر [وهي من الصلوات النوافل التي يتقرَّب بها المسلم إلى الله؛ سُمِّيت بالشفع على أنها يوم القيامة تشفع لصاحبها عن ذنوبه وعن معاصيه، وبالوتر لأنّ عدد الركعات فردي خلال الصلاة] لكنّ الحديث التالي بالمناسبة ينسف الشفاعة المحمدية يوم القيامة: [لا يدخل أحَدُكم الجنّة بعمله) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: (ولا أنا، إلّا أنْ يتغمَّدني الله منه برحمة وفضل) وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأسِه]- مُسند أحمد (بن حنبل- ت 241 هـ) ج12 ص449 ورواه البخاري (محمد بن إسماعيل- ت 256 هـ) ومسلم (بن الحجاج القشيري النيسابوري- ت 261 هـ) بالمعنى نفسه. لذا أتمنّى على كلّ أخ-ت مسلم-ة أن يـبحث عن خلفيّات "الفاتحة" في كتب تفسير القرآن وأنْ يُدقِّق في إشكاليّاتها، لعلّه يحصل على نتائج أفضل ممّا حصلت عليه، سواء هنا وفي سائر أجزاء المقالة. وأدعو الباحث-ة عن الحقّ إلى قراءة "حلّ لغز فرض الصلوات الخمس على المسلمين" في مقالتي:
وقفة بين الكتاب المقدَّس وبين غيره– ج10 رابعًا وأخيرا: الصلاة والقرار