يسأل بعض الاخوة المسلمين المهتمين بالتعرف على العقيدة المسيحية إما لجهلهم بها ويرغبون بالتعرف اليها، وإما لعمل مقارنة في الأديان ومقارنتها بما شرحه لهم الشيوخ المسلمون عن المسيحية. بعض المتطرفين يدرسون المسيحية للبحث عن ثغرات للطعن فيها.
نحن نقر بوجود تشابه في بعض الأسس بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية، وان القرآن وصف الكتاب المقدس انه هدى ونور . كما نعترف بوجود إختلافات كثيرة بين العقيدتين ايضا، فقد جاء في سورة المائدة 48: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة"
في هذه المقالة سنطرح بعض الأسئلة التي يوجهها المسلم الباحث عن الحق الى المسيحي ليجد الإجابة عن تساؤلاته من صميم العقيدة المسيحية وبلا محاباة .
المسلم يسأل : يؤمن المسيحيون ان المسيح هو ابن الله، فهل أتخذ الله له ولدا من صاحبة ليكن المسيح ابناً له؟
المسيحي يجيب: لا يقول اي مسيحي في العالم أن الله اتخذ له ولدا. لأن فعل (اتخذ) محدد بزمن ما. وحاشا لله ان يتخذ له ولدا من صاحبة في اي زمن. فكل البشر هم ابنائه بالخلق وليس بالتناسل، والرب الإله لا يحتاج الى صاحبة إذا ما اراد ان يكون له إبنا.
المسيح كما وصفه القرآن والإنجيل انه كلمة الله وروحه المقدسة، جاء في سورة النساء 171: " انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه"
ويقول الكتاب المقدس في إنجيل يوحنا : " والكلمة صار جسدا وحل بيننا، وراينا مجده، مجدا كما لوحيد من الاب، مملوءا نعمة وحقا." يوحنا 14:1
أن الله ارسل روحه وكلمته ليتجسد في احشاء مريم العذراء ويصير الكلمة انسانا ينوب عن الله بين الناس بكلامه وأعماله .
لا يعجز الله ان اراد شيئا فيكون ما يريد، ولا يعجزه ان يتجلى في حجر او شجر او إنسان بهيئة المسيح، فيكون هو كلمته المسموعة على الأرض وبين الناس، ويثبت لهم ذلك بالمعجزات الفريدة التي لا يستطيع اي نبي ان يعملها ان لم يكن هو الله بذاته مرسلا منه او متجسدا بكلمته وروحه. وإلا لماذا يعترف القرآن ان المسيح كلمة الله وروح منه؟ الكلمة تخرج من عقل وفكر صاحبها وهي جزء من كيانه، هذا الاعتراف أكبر دليل ان المسيح هو الله لأنه كلمته وروحه.
المسلم يسأل : من هو المسيح في نظركم؟
المسيحي يجيب: يسوع المسيح اسمه حسب الإنجيل، ويعني بالعبرية [المخلص]، وقد اسماه الملاك جبرائيل (عمانوئيل) اي الله معنا. والمسيح هو بهاء مجد الله ورسم جوهره وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته ، فيه كل شيء كان (خلق)، اي بكلمة الله (المسيح) خلق الله الكون وبكل ما فيه من أحياء وجماد. سفر التكوين في التوراة يفسر لنا هذا: قال الله ليكن نور ، فكان نور.
وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلًا بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ».
وَقَالَ اللهُ: «لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذلِكَ.
وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا، خلق الله كل شئ بقوله وكلمته، و كلمته المتجسد كأنسان هو المسيح باعتراف القرآن وقوله: ان المسيحَ كلمة الله و[قول الحق] ومن هو الحق غير الله سبحانه.
المسلم يسأل: المسيحيون لديهم عقيدة الثالوث، فهل هذا يعني أنكم تؤمنون بثلاث آلهة: الآب، والأبن، والروح القدس؟
المسيحي يجيب: المسيحيون يؤمنون بإله واحد لا شريك له، ذات ثلاث اقانيم او صفات جوهرية: الآب يعني ذات الله من حيث الكينونة والوجود، الابن: كلمة الله اوعقل الله الناطق والمتجسد بهيئة يسوع المسيح الإنسان، الروح القدس: هو رمز الحياة لأن الله إله حي، له روح يحيا بها ويمنح الحياة لمخلوقاته البشرية من نسمة منه. (فالله : كائنٌ بذاته، حيٌ بروحه، ناطقٌ بكلمته)، فهل هذا ثلاث آلهة ام إله واحد بثلاث أقانيم اوصفات جوهرية لا تنفصل ولا تتحد ولا تتجزا؟
كما ان الإنسان له روح و جسد ونفس وهو كيان واحد، كذلك الشمس انها (قرص ذو كتلة ونور وحرارة) ثلاث صفات مترابطة وهي كيان واحد، والتفاح له (طعم ومذاق وشكل مادي) ثلاثة صفات مترابطة لا تنفصل وهو واحد. كذلك الله كيان روحي واحد بثلاث اقانيم لا تنفصل ولا تمتزج مع بعضها.
لو كان الله بلا كلمة ولا عقل ناطق، لما تكلم مع انبيائه ورسله وما خلق بها كل شيء، ولو كان بلا روح، لأصبح جمادا لا يخلق حياة، ولا يعطي الحياة لأي مخلوق.
المسلم يسأل: قال المسيح في الإنجيل: "أني منطلق الى ابي وابيكم، والهي والهكم"! فإن كان المسيح ابن الله، فهو ليس إله، وإن كان يعتبر الله إلهه، فهو ليس إله... فما قولكم؟
المسيحي يجيب: المسيح له طبيعتان لاهوتية: ولد من جوهر لاهوت الله، وناسوتية ولد من ناسوت او جسد أمه مريم العذراء (الإنسان). هو لم يولد من زرع رجل بشري، بل بتجسد كلمة الله وصار إنسانا، أنه مولودٌ وليس مخلوق، لأن كلمة الله أزلية الوجود وليست مخلوقة. والمسيح أزلي الوجود لأنه كلمة الله. والله لم يكن في دهر ما بلا كلمة ولا عقل ناطق، لكن في ملء الزمان ارادت مشيئة الله ان تصل كلمته الى الناس، فنزل الكلمة من السماء متجسدا بهيئة إنسان ولد من امراءة طاهرة هي مريم.
اذن الله هو الأب الروحي ليسوع المسيح، والمسيح كان دائما يقول ابي أرسلني، وأنا اعمل أعمال ابي السماوي .
المسيح قال : " انتم من هذا العالم، اما أنا فلست من هذا العالم." وقال: "والان مجّدني انت ايها الاب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم . انا قد اعطيتهم كلامك، والعالم ابغضهم لانهم ليسوا من العالم، كما اني انا لست من العالم"
لاحظ ان المسيح يقول: كان له المجد عند الله قبل تكوين العالم. لأنه كلمة الله الأزلي الوجود. وهو ليس من عالم الجنس البشري قبل التجسد.
هذا ما قاله القرآن ان المسيح قول الحق وكلمة الله القاها ملاك الرب جبرائيل الى مريم فتجسد الكلمة بإنسان هو يسوع المسيح ابن مريم. لم يسمع أحد صوت العقل والروح الإلهي، لكنه سمع كلمة الله ناطقة بصوت المسيح وقد خرجت من عقل الله وارادته، وراى الناس في اسرائيل أعمال الله على يد المسيح.
يمكن ان نعبر عن يسوع المسيح بأنه الله الظاهر بالجسد لأنه كلمته وروحه، ويمكن ايضا ان نقول عن المسيح أنه ابن الله لأنه ولد من جوهر الله ولادة روحية وليست تناسلية، فهو أبن الله وليس ولد الله من صاحبة.
من له اذنان للسمع فليسمع ويفهم المعاني الروحية المقدسة، ولا يفكر بطريقة مادية تناسلية بشرية في ولادة المسيح.