كثيرًا ما يستشهد بعض الاخوة المسلمين والمتعصبين منهم غير الفاهمين لأقوال السيد المسيح بالعبارة التي قالها عن مَثَل كان يحكيه عن حاكم جائر، فقال: "ما جئت لألقي سلاما بل سيفا" . وغير الفاهمين لمعنى السيف الذي قصده السيد المسيح يقولون ان المسيح يهدد بالسيف!
عندما يتم المقارنة بين سيف المسيح وسيف الأنبياء الكذبة التي تقطر منها الدماء، سيجد الباحث عن الحق ان المسيح لم يحمل سيفا ولم يدعو لاستعمال السيف في نشر بشارته الى الناس، بل إنه رسول سلام ومحبة.
سيف الإنجيل يحمل معاني الحكمة والجهاد الحسن السلمي ضد المُضطهِدين المقاومين لرسالة المسيح.
عندما بشر السيد المسيح ملك السلام في العالم برسالته بين اليهود، كان يفضح رياء رجال الدين اليهود واحبارهم و حزب الفريسيين المتعصب وكشف انحرافهم عن شريعة الله وتفضيل انفسهم على الناس، وتصدرهم للمجالس لكسب الاحترام وتفسيرهم لناموس موسى بما يوافق رغباتهم وأهوائهم الشخصية والحفاظ على مناصبهم ومكاسبهم الأرضية، فكان كلامه ومواعظه تهز عروش رجال الدين اليهود، فتآمروا عليه ليمسكوه بكلمة ويحيلوه إلى المحاكمة ليتخلصوا منه.
كان المسيح يعرف مسبقا ان أتباعه المؤمنين به سيلاقون الاضطهاد والتشريد والقتل الذي سيكون هو أول من سيلاقيه. وقد تنبأ بأن مصيرهم سيكون هو التعرض لعقوبة السيف الذي يرفعه عليهم الآخرون والاضطهاد. وهذا ما عبر عنه قائلا :"إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي"
وحمل الصليب يعني به القبول بالمسير على درب المسيح في تحمل المشقة والعذاب والاضطهاد من المعادين لرسالة المسيح. وان اتباعه سيكون مصيرهم السيف والاستشهاد لينالوا الملكوت. وإن من سيحمل السيف أي الاضطهاد ضد المؤمنين هم أقرب الناس لمن يؤمن بالمسيح ربا ورسالة.
المسيح لم يحمل في حياته سيفا او سكينا، ولم يحرض على القتل، بل هو وبخ تلميذه بطرس عندما استخدم سيفا للدفاع عن سيّده في ليلة إلقاء القبض عليه في بستان الزيتون، وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع اذنه، فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: “رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ”
وكان يسوع أول الشهداء من أجل خلاص البشر من خطاياهم وبسبب غطرسة رجال الدين اليهود الذين لم يفهموا رسالة الخلاص، فاتهموا رب المجد أنه يجدف على الله، وانه يحرض الشعب على الفتنة وعدم دفع الجزية لحكومة القيصر، وطالبوا بصلبه.
اليوم تتحقق نبوءة يسوع المسيح بالتعرض للسيف والاضطهاد لمن يترك دينه السابق ويتخذ رب المجد يسوع المسيح ربًّا وإلهًا وقدوة و يمشي على خطاه وتعاليمه.
فكل مسلم تنصر اليوم ويرتد عن دينه يُصبح مطاردًا من اهله واقربائه اولا، ومن عشيرته ومن شيوخ فتاوى القتل و تطبيق حد الردة وقضاة المحاكم الاسلامية المتعصبين ضد حقوق الانسان. هذا ما تنبأ به يسوع المسيح وما قصده بأنه سيتسبب بإلقاء السيف على المؤمنين به، من قبل الآخرين المضادّين لرسالته عندما قال:" ما جئت لألقي سلاما بل سيفا"
السيف سيستخدمه المُضطهِدون ضد المسيحيين ومن آمن بالمسيح من اتباع الشيطان. وليس العكس، لأن كل من يؤمن بالمسيح يكون رسول سلام ومحبة وينبذ العنف والقتل ولا يتزوج إلا بامرأة واحدة فقط ولا يتبع إرشاد الشيطان [فانكحوا ما طاب لكم من النساء].
كم من مسلم ترك دينه وفتح قلبه لنور المسيح مؤمنا به وبرسالته الخلاصيّة و اتبع انجيله وشعر بالسلام يملأ قلبه والنور ينير دربه، وخرج من الظلمات الى النور.
كم متنصر هرب من أهله وعشيرته طالبا اللجوء في دول الأمان والسلام، خوفا من حد الردة والاستتابة والقتل، وكم من مرتد آمن بالمسيح تم قطع عنقه بالسيف في السعودية الوهابية او تعليقه على حبل المشنقة في ايران الفارسية؟
هذا ما قصده السيد المسيح بقوله ”ما جئت لألقي سلاما بل سيفا“ على الذين يؤمنون بي، ويستشهدون لأجل اسمي، لأن لهم ملكوت السماوات.
في باكستان يهجم الرعاع والهمج من المسلمين المتخلفين بتحريض من شيوخ الدجل والفتنة على كنائس المسيحيين ويحرقونها و يقتلون المصلين فيها، وكذلك يفعل مجرمو بوكو حرام في نيجيريا وعصابات أبو سياف في تايلند. في ليبيا 22 شاب تم قطع عنقه من قبل عصابات داعش بالسكاكين لأنهم يؤمنون بالمسيح ولم يقبلوا ان يبدلوا المسيح بدين الشيطان.
كما ان هناك مثلا آخرا استشهد به يسوع المسيح ويفهمه المسلمون خطأ، و يجادلون به بلا علم وهو ”اما اعدائي اولئك الذين لم يريدوا ان احكم عليهم، فأتوا بهم الى هنا واذبحوهم قدامي“!!
هذا الكلام ليس بكلام المسيح، بل مَثَل استشهد به لقول أحد الحكام عن معارضيه الذين يرفضون حكمه، المسيح لا يريد ان يُذبح أعداءه أمامه، فهو أول من غفر لأعدائه الذين صلبوه وقال مخاطبا أباه السماوي "اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما يفعلون"
كان ذلك المثل درسا للناس ليعلمهم التسامح والمغفرة وليس القتل والذبح للأعداء والمخالفين، لأن ذلك هو أسلوب الأشرار فقط واتباع الشيطان.
من يستشهد بهذا القول ضد معناه الحقيقي، فهو جاهل اعمى البصيرة والفهم، ولم يفهم تفسير امثال المسيح التي بها دروس وعبر لأولي الألباب.
المسيح كلمة الله وروحه القدوس ، لا يحرض على العنف والقتل ولم يحمل سيفا ولم يرتكب خطيئة واحدة في حياته، وقد تحدى أعداءه اليهود ورؤسائهم الحاقدين عليه بقوله: "من منكم يبكتني على خطيئة؟ " ... فأخرس الجميع.
وأخيرا، ماء البحر لا يلوثه قطرة ماء نجسة أو بصاق رجل مسلول.