"المسيح الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسًة أن يكون معادلًا لله لكنّه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائرًا في شبه الناس" (في 6:2-7).
شكراً لله أن لنا هذا التعبير "التجسُّد" الذي فيه نسطتيع أن نفهم ولو قليلاً كيف صالح الله جنسنا البشري. نحن الشرقيون لا نزال نشهد مصالحات بين طرفين متخاصمين، ومن الضروري للمُصالِح أن يكون شخصًا رفيع القدر على علاقة طيّبة بالطرفين المتنازعين، وكذلك أن يتفهَّم الوضع و احتياجات ورغبات كل جانب، وأيضًا أن يكون مقبولًا من كليهما كمُصالِح.
بيد أن جمعَ طرفين بعيدين كل البعد أمرٌ في غاية الصعوبة، فالله روحٌ قدوسٌ يكره الخطية، بينما الإنسان جسديٌّ خاطئ غارقٌ في ضعفه وعجزه، فما العمل وكيف يمكن لهذين الطرفين أن يلتقيا أو يتّفقا؟
إن الحل ممكن من جهة القوي فقط، فالله القادر على كل شئ رغم أنه الطرف المُتعدَّى عليه (بالخطية) تنازل في رحمةٍ عجيبةٍ، واختار أن يصير إنساناً لكي يستطيع أن يصالح البشر ويخلصَّهم من سقوطهم الذي لا يستطيعون الخروج منه.
ولكي يكون إنساناً كاملاً، وُلد لأمٍ فاضلة لكن بطريقة معجزية، ليأخذ الطبيعة الإنسانية دون أن يرث الخطية. فلأنه أراد أن "يمسك نسل ابراهيم.. كان ينبغي أن يشبه اخوته في كل شئ "فصار" مجرّبًا في كل شئ مثلنا بلا خطية... لأنه في ما هو قد تألم مُجَّربًا يقدر أن يعين المجرّبين" (عب 18،17:2،15:4). وعندما وُلِد دعي اسمه يسوع (أي الرب المخلَّص) لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم وهو قادرٌ على ذلك لأنّه بلا خطية (مت21:1).
في التجسُّد اقترب الله من الإنسان، وصار اقتراب الإنسان إليه ممكنًا. فالله ارتدى لباس بشريتنا لكي يصالحنا، فإنّ "الكل من الله الي صالحنا لنفسه أي إنّ الله كان في المسيح مصالحًأ العالم لنفسه... لأنه فيه (في المسيح) سُرَّ أن يحلّ كل الملءْ (اللاهوت) وأن يصالح به الكل لنفسِهِ عاملاً الصلح بدم صليبه" (2كو 18:5، 19، كو 19:1، 20).
وإن كنّا قد ذكرنا المصالحة ومعونة المجرّبين والخلاص فإنّ للتجسُّد بركات أخرى نذكر منها:
1. الفداءوالبنوَّة: "أرسل الله ابنهُ مولودًا من إمراة... ليفتدي.. لننال التبني" (غلِ4:4 ،5).
2. كفارة لخطايانا: "أحبنا و أرسل ابنه كفارة لخطايانا" (1يو10:4).
3. حياة للعالم: الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به" (1يو 9:4).
4. نجاة من سلطة الشيطان: "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم و الدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذالك الذي له سلطان الموت أي إبليس و يعتق أولئك الذين... كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودّية" (عب14:2 ،15). ولا ننسى التطهير والتقديس و الإنقاذ من العالم (عب 10:10،14:9، غل 4،3:1).
كان التجسُّد هو الحل الإلهي لمشكلة حنسنا البشري مع الله؛ فجاء حلاً وافيًا مع فيضٍ من البركات.
مراجع:
د.حليم حسب الله. التجسُّد الإبهي. مطبعة الخلاص.1997