القرآن ينكر الوهية المسيح ويعتبره عبدا ورسولا من الله. ويعتبر المسيح مخلوقا كبقية البشر. لا يختلف عن آدم في خلقه لأنهما خلقا من تراب. "ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون". سورة آل عمران 59 والمخلوق من تراب لا يمكن ان يكون هو الله المتجسد بكلمته ولا يكون ابن الله كإنسان، لأن الله لا يلد ولا يولد ولم تكن له صاحبة ليلد منها ولدا. "وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا" سورة الجن 3
هذه الآيات التي تنكر الوهية السيد المسيح وتعتبره مجرد إنسان ونبي لا أكثر. تناقضها آيات كثيرة في القرآن نفسه، وهذه الآيات المناقضة التي سنوردها هنا تثبت الوهية المسيح بما لا يقبل الشك. لأن المسيح امتاز عن سائر البشر بامتيازات فريدة لا يملكها ولا يعملها الا من له سلطان وقدرات الله ذاته. ولا يعمل المسيح المعجزات بإذن الله، لأنه يقول للشيء كن فيكون. يقول للميت قم، فتعود الروح له فورا ويعيد له الحياة. وقول للمريض اشف فيشفى في الحال، ويعلم الغيب ويهدئ العاصفة ويمشي على الماء، ويغفر الذنوب. كل هذه الأعمال من اختصاصا الله وحده، والله لا يعطي مجده لأخر. وفي الكون لا يوجد الهان، بل اله واحد. فبهذا وحسب ايمان المسيحي يكون المسيح الذي وصفه القرآن ب (كلمة الله وروح منه) هو الله. لأن كلمة الله صادرة من عقل الله، و يمكن لأنسان عادي ان يحمل روح الله إلا ان يكون هو الله بذاته متجسدا بهيئة إنسان. "انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه" النساء 171.
الايات التالية تبرهن الوهية المسيح. ومن القرآن نفسه.
أولاً: الولادة العجيبة:
كل إنسان في هذا العالم ولد من أب وأم بشريين. وحتى الأنبياء، ولدوا بطريقة طبيعية.بينما القرآن يخبرنا بأن المسيح لم يولد بطريقة طبيعية كسائر البشر ولم يكن له أب أرضي. فالمسيح ولد من مريم العذراء وبدون علاقة مع رجل، بل حبلت به مريم ببشارة من ملاك الله جبرائيل. لأن الله نفخ من روحه في العذراء البتول. فالمسيح هو الإنسان الوحيد الذي ولد من روح الله. والقرآن يشهد على ذلك."ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمة ربها وكتبه وكانت من القانتين" (سورة التحريم 12).
ثانياً: ألقاب المسيح الإلهية
1. كلمة الله: دعي المسيح "كلمة الله" في القرآن "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين" (سورة آل عمران 45).
وجاء في القرآن أيضاً :"إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" سورة النساء 170. إن لقب (كلمة الله) خص به القرآن المسيح وحده ولم يخص به أحداً سواه وينبغي أن نعلم أن المسيح لم يُدعى "كلمة الله" لأنه مخلوق بكلمة الله بل دُعِيَ بذات كلمة الله أي نطقه الذاتي الداخلي. الله خلق كل شيء بكلمته، اي بالمسيح (كلمة الله) خلق الله الكون والحياة وكل ما في الوجود قبل ان يتجسد كإنسان .
جميع الأنبياء تكلموا بكلام الله ولم يُقَلْ عن أي نبي عن نفسه أنه كلمة الله، بل كان ينقل ما يسمعه من الله من كلام الله الى الناس. ويجب أن ندرك أن الكلمة هي إعلان المتكلم، لأنها تترجم أفكار المتكلم وتبين مقاصده وتدل على سجايا المتكلم. واستنادًا إلى هذا فالمسيح هو إعلان الله للناس. وبدون المسيح لا نعرف الله، كقوله في الإنجيل المقدس "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر" (يوحنا 1: 18). وعليه فاسم المسيح كما ورد في القرآن (كلمة الله) يحتمل منه معنى إلهيًا لأن الكلمة اسم شخص هو المسيح. وهذا الإنسان الموصوف بالكلمة صادر من عقل الله تعالى الأزلي الغير مخلوق. فكلمة الله ازلية وليست مخلوقة في زمن ما. والمسيح ازلي لأنه اقنوم من جوهر الله وذاته وليس خارجا عنه. والكلمة بنت عقل صاحبها. تخرج من العقل الى اللسان لتقال او تكتب وتبقى في عقل قائلها بالوقت نفسه.
2. روح الله: دعي المسيح روح الله في القرآن "إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ..." سورة النساء 171.
وكلمة (روح منه) فسَّرها الإمام الرازي بقوله "أنه روح الله لأنه واهب الحياة للعالم في أديانهم". وفسرها الإمام البيضاوي بقوله: "سُمِّيَ روحاً لأنه كان يحيي الأموات وقلوب البشر".
ومن المهم أن نعرف الفرق بين قول القرآن عن خلق آدم "ثم سَوّاهُ ونفخ فيه من روحه" سورة السجدة 9 وبين قوله عن المسيح "كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" سورة النساء 170.
فالقول (نفخ فيه من روحه) يعني أن النفخة لآدم صادرة من الروح. والقول الثاني (روح منه) يعنى أن المسيح هو ذات الروح المنبثقة من الله معطي الحياة .
3. الوجيه في الدنيا والآخرة: لقد لقب المسيح بالوجيه في الدنيا والآخرة في سورة آل عمران 45.
وقال مفسروا القرآن بالإجماع: "الوجاهة في الدنيا هي النبوة وفي الآخرة هي الشفاعة": (البيضاوي صفحة 99)
رغم أن القرآن يحصر الشفاعة بالله وحده حيث يقول "ولله الشفاعة جميعًا" سورة الزمر 44. لكن القرآن في سورة آل عمران 45 يبين أن الشفاعة من امتيازات المسيح. وهذا يدل أن هذا اللقب الذي مُنح للمسيح هو لقب إلهي يخص الله وحده.
المسيح مؤيد بروح القدس: القرآن يؤكد ان المسيح مؤيدٌ بقوة الروح القدس لعمل المعجزات. "وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس” البقرة 253
روح القدس هي روح الله التي تعمل من خلال المسيح. لم يذكر القرآن ان نبيا ما كان مؤيدا بروح القدس سوى المسيح بن مريم.
ثالثاً: معجزات المسيح
1 . الخلق: “يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك.. إذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فتكون طيراً بإذني" سورة المائدة 110
وقول السيد المسيح: "اني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيرا” آل عمران 49
السيد المسيح وحده اختص بالخلق مثل الله. والله لا يعطي مجده لآخر. ولا يوجد إلهين، فمن يكون المسيح الخالق للحياة غير صورة الله المنظور. وقد خلق بنفخ الروح تماما كما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح والحياة. فلماذا ميّز القرآن المسيح وحده بقدرة الخلق ولم تعط هذه الميزة لأي نبي ولو كان اشرف الأنبياء!
2. إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص: يقول القرآن بلسان المسيح "وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله" سورة آل عمران 49.
الأكمه هو من ولد أعمى. والبرص هو مرض (الجذام) الخطير الذي يصعب شفاؤه. والمسيح هو الوحيد الذي منح البصر لإنسان مولود أعمى من بطن أمه لا يملك عيون. وحتى الطب رغم تقدمه يعجز عن شفاء المولود أعمى. وهذه المعجزة أدرجت بصورة مفصلة في الإنجيل المقدس 1 يوحنا الإصحاح التاسع.
3 . العلم بالغيب: هذه صفة لا تتوفر إلا عند الله عز وجل ولكن القرآن نسبها للمسيح حيث قال القرآن بلسان المسيح "وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم، إن ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين" سورة آل عمران 49.
هذا يدل على أن المسيح يعرف أسرار الناس. كذلك يورد القرآن أن المسيح كان يعلم المستقبل المجهول، حيث يورد القرآن نبوة المسيح الكبرى عن آخرته، وأنه سوف يموت ويبعث عقب موته حيًا: "والسلام علي يوم وُلِدْتُ ويوم أموت ويوم أُبْعَثُ حياً" سورة مريم 33.
وقد تحققت هذه النبوءة حيث بعث المسيح حيا بالروح والجسد الممجد بعد موته وصعد الى السماء أمام المئات من شهود العيان من تلاميذه والمؤمنين به. فمن من البشر يعلم ما سيحصل له بعد موته؟
رابعا: عصمة المسيح عن الخطية
يشهد القرآن أن لكل الأنبياء والرسل خطايا معينة ويذكر الأخطاء لبعضهم ما عدا المسيح. فقد كان المسيح بريئاً وطاهرًا. نقرأ في القرآن أن المسيح لقب "بالغلام الزكي". وهذا ما جاء على لسان الملاك جبرائيل في حديثه مع مريم العذراء: "أنا رسول ربك لأهب لك غلامًا زكيًا" سورة مريم 19.
- وأجمع المفسرون العلماء مثل الطبري والرازي والزمخشري أن كلمة (زكيا) تعنى صافيًا وتقيًا وبلا خطية. وهذه صفة انفرد بها المسيح فقط. نبي الإسلام اخطا بذنوب غفرها ربه، وقال له القرآن : "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ "اما المسيح فهو النبي الزكي وآية للعالمين الخالي والمعصوم من اي ذنب.
لا توجد آية في القرآن تبين أن المسيح طلب الغفران من الله لذنب ما، فقد عاش معصومًا من الخطية وبريئًا من كل الذنوب. كذلك يتكلم القرآن عن المسيح أنه كان مباركًا دائمًا حيث يقول القرآن على لسان المسيح: "وجعلني مباركًا أينما كنت" سورة مريم 31. لقد ظل المسيح في كل لحظة من لحظات حياته المبارَك أينما كان، والخالي من أي خطيئة بشرية . - المسيح آية للعالمين:
ذكر القرآن في وصف المسيح أنه وأمه آية للعالمين أي للبشرية أجمع. والآية هي المعجزة بذاتها. ولم يوصف اي نبي أنه آية للعالمين سوى المسيح. (وجعلناها وابنها آية للعالمين) الأنبياء 91
هذا هو المسيح كما ورد في القرآن، ولكن دعني أسأل القارئ سؤالاً: لماذا منح القرآن كل هذه الألقاب والامتيازات والمعجزات إلى شخص المسيح دون غيره؟ ... السبب واضح: لأن المسيح أتى إلى البشر برسالة تختلف عن رسالة الأنبياء الآخرين. يخبرنا القرآن أن المسيح كان آية للناس ورحمة من الله (سورة مريم 21) نحن نعلم أن كل البشر خطاة، وليس أحد من البشر صالحًا ولا واحد لأن الجميع أخطأوا وفسدوا وزاغوا عن طريق الحق (الإنجيل المقدس رسالة رومية 3: 23). إنما الله منح في المسيح رحمة خاصة لكل الناس رحمة لا تدين الخطاة ولا تهلكهم بل تنجي الخطاة من غضب الله و دينونة الله العادلة: "لأن المسيح لم يأت ليدين العالم بل ليخلص به العالم” (إنجيل يوحنا 3: 17).
إن الإنسان لا يمكنه أن يُرضي الله بأعمالِه الحسنة وهو خاطئ، لأن الله قدوس ويكره الخطية رغم أنه يحب الخاطئ. فالذي يكسر شرائع الله يرث موتًا روحيًا وجسديًا وأبديًا. ولكي يتصالح الإنسان مع الله فهو يحتاج إلى ذبيحة تكفّر عن ذنوبه وتغطي عيوبه. إن الإنسان بحاجة إلى الفداء وقد جاء في سورة الصافات 106 عن إبراهيم عندما أراد أن يقدم ابنه ذبيحة أن الله افتدى ابنه بذبح عظيم "وقد فديناه بذبح عظيم". والذبح العظيم هنا ليس الخروف الصغير بل هذا كان رمزا لشخص المسيح الفادي لأنه عظيم في ولادته وعظيم في حياته وعظيم في معجزاته وعظيم في صفاته. ولا يمكن ان يوصف الكبش (عظيما) لأن العظمة من صفات الله. (وهو العلي العظيم ) البقرة 225 . (وهو رب العرش العظيم) سورة التوبة 129، فهل تعطى صفة العظمة للكبش الذي سيذبح فدية، ام كان ذلك رمزا للمسيح الفادي الذبيح العظيم الذي صلب وذبح على الصليب لخلاص البشرية من ذنوبها مصالحا المذنبين مع الله، ليكون كفارة عن ذنوب الخطاة، كما يذبح المسلم هديا ضحية (كبشا او بقرة) ايام الحج ليغفر الله ذنوبه بدم الذبيحة.
لقد حكمت العدالة الإلهية على الإنسان الخاطئ بالموت لأنه كسر شرائع الله. وينبغي على الإنسان الخاطئ أن يدفع أجرة الخطية التي هي موت. ولكن بسبب محبة الله للإنسان الضعيف أرسل الله شخص المسيح (الذبح العظيم) ليفتدي الإنسان الخاطئ ويدفع قصاص الخطية على الصليب. ويجب أن لا ننسى أن الله محب وعادل. عدالة الله تقتضي عقاب الإنسان الخاطئ، ومحبة الله تقتضي بأن يغفر للإنسان الأثيم الذي هو عاجز عن خلاص نفسه. إن المسيح الخالي من الذنوب والخطايا دفع أجرة خطايا البشرية جمعاء بموته على الصليب وأصبح موت المسيح هو الحل الوحيد لمشكلة الخطية لأنه بموته الكفاري وفي مطاليب العدالة الإلهية وافتدى الإنسان حيث مات عوضاً عنا... فما عليك أيها الصديق المسلم إلا أن تسلّم حياتك لكلمة الله وروح الله (المسيح) الذي سفك دمه الطاهر ليطهّرك من العيوب والذنوب. فتعال إليه كي تنال الخلاص الأكيد من عقاب خطاياك.
هو يقول:" أنا هو الراعي الصالح الذي بذل نفسه (فدية) عن الخراف" (يوحنا 10: 11)
"أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة” (يوحنا 8: 12)
الثالوث الأقدس هو الله بذاته وكلمته وروحه = اله واحد وليس ثلاثة
ثانيا الكتاب المقدس يدور حول الثالوث الأقدس اي الكثير من الآيات تتكلم مرة عن الآب ومرة عن الابن ومرة عن الروح القدس وهم الثالوث الأقدس فيجب الإيمان بجميع آيات الكتاب المقدس
وابحث بنفسك عن الآيات التي فيها الآب والآيات التي فيها ابن الله والآيات التي فيها الروح القدس، وسأكتفي بذكر ذلك.
أساس العقيدة من الكتاب المقدس قالها المسيح بنفسه فى متى 28
" فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ." اي التلمذة بالإيمان بالآب والابن والروح القدس. ومن يقبل ذلك يتعمد على هذا الأساس والابن هنا = كلمة الله أي نطق الله. وابن الله لا يعني ولد الله من صاحبة .
الخلاصة: لا يكون الإنسان مؤمن صحيح حقيقي الا اذا كان مؤمن بالله الموجود بذاته ناطق بكلمته حى بروحه القدوس. وهذا هو الثالوث الأقدس = اله واحد امين. ولكن الايمان باله خالق السماوات والأرض ولكن مجهول بالنسبة لنا هذا إيمان مرفوض عند الله. لأن الله يسأل المؤمنين به هل تعرفونِ؟ سيقولون نعم أنت الله الموجود بذاتك وحي بروحك وناطق بكلمتك. كلمتَ موسى وكلمتَ البشر بالمسيح وفديتنا بحلول كلمتك وروحك القدوس فى المسيح ليكون قادرا وله قيمة كبيرة لفداء البشرية بحلولك فيه.
فلك الشكر يا الهي على محبتك التي بها رحمتني ولم ينقص عدلك بل نفذت العدل والرحمة معا.
كتب المقال بتصرف عن المصدر ارابك بايبل.