قرأت في مقالات كثيرة- ولا أزال- العبارات التالية “الأديان السماوية الثلاثة” ويقصد بها اليهودية والمسيحية والإسلام و”الكتب السماوية الثلاثة” ويُقصَد بها التوراة والإنجيل والقرآن. فحاولت إلقاء ضوء على مفاهيم كلّ من المفردات التالية: الله والدين والكتاب. ويُخيّل لي أنّ القارئة والقارئ لديهما فكرة قد تكون طويلة وعريضة عن تلكم المفردات، لكنّي لم أقرأ أنّ أحداً تساءل عن التالي: كم إلهاً لهذا الكون، لأنّ جواب أتباع تلك الديانات على هذا السؤال معروف وهو: إله واحد. وهذا جواب حسن، ماذا بعد؟ حسناً، إن كان للكون إله واحد فكم كتاباً لله؟ هل ألّف الله كتباً مثلما يفعل الإنسان؟ هل لله مكتبة في السماوات مثلما للإنسان على الأرض؟
لقد عُرف الإنسان بتأليف الكتب على اختلاف مواضيعها وأهدافها، لكنّ لله الأزلي كتاباً واحداً فقط لأن الله علّام الغيوب أي عالم بما يحصل سواءٌ في الحاضر والمستقبل. وإنّ لله موضوعاً واضحاً لا يقبل الغموض لأنّ الله نور يضيء فلا يرضى بعتمة وتعتيم ولا بشك وتشكيك. وإنّ له هدفاً محدّداً غير شائك لأنّ المراد بالهدف خلاص الإنسان في حياة أبدية متجردة من عوامل الألم والعطش والجوع والرغبة الجنسية وإلّا فلا اختلاف في الحياة ما بين الدنيا والآخِرة.
لذا وجب لكتاب الله أن يكون مقدّساً من البشر لأنه ببساطة كتاب الله الحيّ والكامل والقدّوس فلا حياة في كتاب سواه ولا قدسيّة. فمن يؤمن أنّ الله واحد فعليه أن يؤمن بأنّ له كتاباً واحداً فقط هو الكتاب المقدّس بعهديه المعروفين القديم والجديد. وكتاب الله ثابت غير قابل للتغيير والتهميش والتعديل والتحريف والنسخ والتأويل على هوى المؤوّل، لأنّ الله ثابت لا يتغيّر فلا يغيّر فكره بعد حين مثل الإنسان ولا يغيّر رأيه أو اتجاهه ولو بعد قرون.