بدايةً من الجيد أن ننقل كفريق لينغا وجهة نظر أحد الأشخاص الذين تابعوا المناظرة حيث وصفها بأنها حوار لطيف بغض النظر عن ما قيل في الحوار وأضاف أتمنى أن نتعلم منهم أسلوب الحوار اللطيف، لا تشنج ولا عصبية ولا صياح ولا تجريح. وحبذا أن نجد نموذجًا كهذا في بلداننا العربية، على الأقل في التحاور بين أتباع الديانات والمذاهب المختلفة وليس مع الملحدين.
جون لينوكس عالم بريطاني في الرياضيات وفلسفة العلوم ومناظر مؤيد للمسيحية ويعمل كبرفسور في الرياضيات في جامعة أكسفورد. وهو عضو في زمالة في الرياضيات وفلسفة العلوم في كلية تمبلتون الخضراء، جامعة أكسفورد. وهو أيضا مستشار الرعوي في كلية تمبلتون الأخضر وقاعة يكليف، ومحاور وكاتب معروف في قضية العلاقة بين العلم والإيمان.
ريتشارد دوكينز عالمُ سلوك حيوان، و عالم أحياء تطوري، وكاتب. وهو أيضًا زميل فخري للكلية الجديدة في أوكسفورد، و أستاذ الفهم العام للعلوم حتى عام 2008. يحمل دوكينز زمالة الجمعية الملكية، وهو زميل الجمعية الملكية للأدب.
المناظرة عبارة 3 محاور، هي
أولاً / موضوع العلم نفسهِ، ثمّ /الثغرات والعقيدة والبراهين
وفي الختام تناولت موضوع الأخلاق والغاية من الوجود.
إنْ لمْ يوجد إله، فما هي العواقب؟
أعطيت المناقشة حوالي 50 دقيقة، بعدها تم تلقي أسئلة الحضور.
في إجابته على سؤال مقدم المناظرة لاري تاونتن: هل دفن العلم الله؟
قال دوكنز: أي إله؟.. أعني قد نشير الى إله آينشتاين الذي لا يعتبر إلهًا شخصيًا أبدًا، أو يمكننا ان نأخذ إلهًا ربوبيًا (الربوبي Deism: و هو الذي يؤمن بوجود إله غير محدد بناءً على أدلة العقل والطبيعة فقط)، وقال دوكنز أنه يعتقد أن الإله الربوبي هو الذي يمكن أن تقدّم له حجة محترمة، ليست حجة أقبلها، ولكن يمكن مناقشتها جديًا. النوع الثالث من الآلهة هو ذاك الذي له آلاف الأشكال كزيوس، وثور، وأبوللو، وآمون رع.. وقد ضم دوكنز يهوة أو الله الحي الحقيقي الى هذه الآلهة الوثنية المزيفة.
ثم أشار الى جون لينوكس وقال أنه وبالرغم من أنه عالم، إلا أنه يؤمن بأن يسوع حوّل الماء الى نبيذ، علم يؤمن بأن يسوع أثّر بشكل ما على كل جزيئات الماء وأدخل إليها بروتينات وكربوهيدرات وأحماض وكحول، وحوّلها الى نبيذ. إنه يؤمن ان يسوع مشى على الماء. ثم يضيف دوكنز، لقد تعودت على مناظرة علماء لاهوت مثقفين(ربما يقصد أصحاب الاهوت الليبرالي المتحرر الذي لا يؤمن بحرفية الكتاب المقدس)، ثم الان ألتقي بجون لينوكس العالم الذي يصدق كل هذه الأشياء. إنه يؤمن أن خالق الكون، الإله الذي صمم قوانين الفيزياء والرياضيات والثوابت الفيزيائية، هذا المجسد للعلوم المادية وعبقري الرياضيات، لم يجد وسيلة أفضل لتخليص العالم من الخطية، من ان يأتي الى بقعة الغبار الكوني هذه، وان يجعل نفسه يُعذّب ويُقتل، هذا غير علمي أبدًا، ليس غير علميّ وحسب، بل ينتقص من جلالة الكون. إنه تافه وصغير عقل.
لينوكس شكر دوكنز، وقال له شكرًا لك لتوضيحك ما أؤمن به على الأقل جزئيًا، ويسعدني ان أسمعك تقول أنه يمكن ان تُقدّم حجة جيدة بأن هناك عقلانية وراء الكون. أنت تؤمن ان هذا الكون مجرد حادث غريب وأنه لا يوجد عقل وراءه. ولكن ها أنت تملك أحد أفضل العقول في العالم، إذًا أنت تصدّق بعدة أشياء أجدها صعبة التصديق باعتباري عالم.
"عُرف دوكينز بكونه ملحدًا ومنتقداً للخلقية والتصميم الذكيّ. في كتابه صانع الساعات الأعمى (عام1986)، يحاجج دوكينز ضد تشبيه صانع الساعات، بأن تعقيد المتعضيات الحية دليل على وجود خالق خارق. يصف دوكينز العمليات التطورية بأنها "صانع ساعات أعمى" في التكاثر والتحوّر والاختيار، باعتبارها عمليات غير موجهة من أي مُصمّم".
يضيف لينوكس: أعتقد بوجود خالق للكون، وهو الذي خلقه، وهو ليس مجرّد طاقة، بل هو شخص، ونحن أشخاص مخلوقون على صورته. وأنت قلت أن تجسد الله وموت المسيح على الصليب وبعثه من الموت هو فكرة تافهة، أنا اعتقد العكس تمامًا. إنها ليست تافهة لأنها تعالج بجدية مشكلة جوهرية، لا أظن ان الربوبية فكرت حتى بالتعامل معها، وهي مشكلة انفصال الإنسان عن الله، وهذه طبعًا لن تكون منطقية إلا إن كنا نؤمن بالله. أنا أؤمن أن الكون مفهوم عقلانيًا لأن الله الخالق وراءه. نحن الإثنين نؤمن بالمفهومية العقلانية للكون، فكيف تفسر أنت مفهومية الكون العقلانية.
سنرى في المقال القادم ان دوكنز لا يؤمن ان الكون عبارة عن حادث غريب، فهو كعالم أحياء عندما ينظر للطبيعة والتنوع، يبدو كل شيء مصممًا، فمن السخف القول أنها وجدت من حادث غريب، ويستشهد بدارون الذي أظهر أنها ليست حادث غريب وليست مصممة كذلك، بل هناك طريقة ثالثة تتمثل في علم الأحياء التطوري، ويمكن ان تسمى الإصطفاء الطبيعي، والتي ينتج عنها شكل شبيه بما هو مصمم.
سنرى في المقال القادم الرد من قبل جون لينوكس مع التعليق على ما سبق، والرد عليه،،
يتبع...