دعا اتحاد المسيحيين المغاربة إلى إجراء إحصاء علني للمسيحيين في المغرب، بهدف جمع معلومات دقيقة حول أوضاعهم في مختلف المدن المغربية. يتزامن هذا الطلب مع الإحصاء العام للسكان والسكنى المزمع إجراؤه قريبًا. وأكد الاتحاد أن هذا الإحصاء سيساعد في رسم سياسات عامة تعالج مشاكل هذه الفئة الحيوية في المجتمع، مشيرًا إلى أن معرفة أعداد المسيحيين وأوضاعهم سيسهم في تحسين ظروفهم المعيشية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، أكدت تنسيقية المسيحيين المغاربة توافقها مع الاتحاد، مشيرة إلى أن الإحصاء سيسهم في وضع برامج تحد من التمييز وتعزز الاعتراف الرسمي بالمسيحيين المغاربة وفقاً للاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب. وأوضحت التنسيقية أن هذه الخطوة ستساعد في مكافحة الأحكام المسبقة وتسهيل الاعتراف الرسمي بالمواطنين المسيحيين.
آدم الرباطي، رئيس اتحاد المسيحيين المغاربة، أوضح أن الإحصاء سيشمل أسئلة سرية تتعلق بالميول الدينية والجنسية، مما يضمن مشاركة جميع المغاربة في هذا العمل الوطني. وأضاف أن حرية المعتقد لا يمكن ضمانها إلا من خلال مسح شامل للمجتمع المغربي، مما يساعد في القضاء على التمييز الديني. وأكد الرباطي أن الإحصاء سيكون بمثابة منصة ذات مصداقية تزودنا بمعطيات دقيقة عن المغاربة غير المسلمين، وخصوصًا المسيحيين.
وأشار الرباطي إلى أن التنفيذ الميداني للإحصاء سيشمل أسئلة ذات طابع سري، متصلة بالميول الدينية والجنسية للفئات المستهدفة، مما سيضمن مشاركة جميع المغاربة في هذا العمل الوطني، الذي سيرسم اتجاهات السياسات المجتمعية والثقافية للدولة المغربية. وأكد أن حرية المعتقد لا يمكن ضمانها إلا من خلال إجراء مسح موضوعي للمجتمع المغربي كاملاً، والإحصاء العام بمثابة كشف ضوئي يخول معرفة مساحة كل عقيدة داخل فسيفساء حضارية مركبة بعمق وبإحكام، تجترّ معها تاريخًا رائعًا من التعايش.
من جانبه، أشار مصطفى السوسي، الكاتب العام لتنسيقية المسيحيين المغاربة، إلى أن الإحصاء المنتظر سيقدم إجابات حول العدد الحقيقي للمسيحيين المغاربة، رغم الصعوبات المتوقعة في إقناع البعض بالإفصاح عن انتمائهم الديني. وأكد أن الدولة ستستفيد من هذا الإحصاء في وضع سياسات مدنية تحد من التمييز وتعزز تماسك المجتمع المغربي المتنوع. وأضاف السوسي أن التنظيمات المسيحية تحثّ المنتسبين إليها أو الذين يحضرون إلى الكنائس المنزلية أن يعترفوا بانتمائهم في شروط جد حاسمة بالنظر إلى تنامي خطاب الكراهية ومعرفة السياقات المناسبة.
وأكد السوسي أن النص الإنجيلي يقول: "فكل من يعترف بي قدام الناس اعترف انا ايضا به قدام ابي الذي في السماوات، ولكن من ينكرني قدام الناس انكره انا ايضا قدام ابي الذي في السماوات"، وهذا يجعل المساهمة في جمع بيانات عن هذه العقيدة في شكلها المغربي أمرًا ملحّا، بمساعدة من المسيحيين أنفسهم. وأوضح أن الدولة ستستفيد حين تحصي العقائد المكوّنة للمجتمع الذي تدبّره، وهذا حتى تضمن سياسات مدنية تحدّ من بعض أشكال التمييز القائم على أساس الدين.
وأكد السوسي أن تمتين النقاش العمومي انطلاقا من أسس علمية ورقمية سيكون في صالح تماسك المجتمع المغربي الذي كان دائمًا غنيّا ومتنوعا، وسيكون في صالح الدين المسيحي لكوننا سنكون على بيّنة إنْ كنا نشكّل عنصراً مفصليّا في المشهد المجتمعي المغربي ونحظى بمكانة خاصّة انطلاقا من بوّابة الضمير.