في حي في جنوب دلهي، كان هنالك صوت رجل يقرأ بالداري، وهي باللهجة الفارسية المحكيّة في أفغانستان. اعتلى صوته السماعات الموضوعة فوق بناية تتكون من طابقين. كانت العمارة عبارة عن كنيسة يديرها مجموعة من اللاجئين الأفغان الذين تحوّلوا إلى المسيحية. كان ذلك الرجل كاهنا أفغانيا يقرأ الكتاب المقدّس قبل بدء خدمة الأحد في الطابق الأرضي.
وقد وجد ما بين 200 و 250 متحوّل أفغاني من الإسلام إلى المسيحية ممن خشيوا الاضطهاد من السلطات الأفغانية وطالبان ملجئاً لهم في دلهي.
قال عبيد جان، القسيس الذي قاد اجتماع درس الكتاب:" إن عدد المتحولين إلى المسيحية زاد في الوقت الذي زاد فيه التواجد الأمريكي بعد سقوط طالبان. معظم المتحوّلين المسيحيين عاشوا في المناطق المدنية، الأمر الذي صعّب وصول طالبان اليهم."
ولكن المتحوّلين الى المسيح بدأوا ترك أفغانستان عام 2005، خائفين أن تكشف هوياتهم. جاء الكثير منهم إلى الهند بعد ان شاهدوا لقطات فيديو للكنائس السرية التي وصلت إلى شبكة قناة تلفزيونية مركزها في كابل في أيار 2009. وضعت حياتهم تحت المزيد من الأخطار في عام 2010 عندما دعى عبد الساتر الخواصيي أحد أفراد البرلمان الأفغاني إلى إعدام المتحولين.
وقد كان الفيديو قد أظهر وجوه المتحولين المسيحيين ومواقعهم. قال القسيس جان الذي كان يعمل لمؤسسة غير حكومية في كابل: "وضع ذلك الجميع في خطر ومن ضمنهم باقي أفراد أسرنا من المسلمين.
وقد تحول جان إلى المسيحية بسبب الضيق الذي شعر به جراء النزاع بين الأحزاب المسلمة المختلفة في أفغانستان. قال: "ادعى الجميع في أفغانستان أنهم مسلمون حقيقيون ولكن لم أجد مسلما واحدا فيهم." ثم تعرف على بعض المرسلين المسيحيين الذين يعملون في أفغانستان. وأضاف قائلا: "حقيقة أن الله قدّم ابنه لأتباعه في المسيحية هو ما جذبني تجاه هذا الدين."
وكان القس جان قد ترك أهله في عام 2007 بعدما تلقّى عدة تهديدات من مسلمين أفغان بالاضافة الى رفض أسرته على اعتناقه دينه الجديد.
هذا وقد قال أديب أحمد، البالغ من العر 24 عاما أنه عندما علمت أسرته عن اعتناقه للمسيحية أعطته خيارين إما أن يعود إلى الإسلام أو أن يترك البيت! فما كان منه الا ان ترك مكان سكنه في مزار الشريف وذهب إلى كابل وانتظر 20 يوما راجيا أنّ تستدعيه أسرته إلا أن ذلك لم يحصل.
تعترف أفغانستان بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يتضمن حرية اختيار الديانة وقد وقعت وصادقت على الميثاق العالمي للحقوق السياسية والمدنية، ولكنها تلتزم بالتفسير المتحفظ للشريعة الإسلامية.
عبر السنين، غادرت الأقليات الدينية التي تواجه الاضطهاد في أفغانستان إلى أنحاء مختلفة من العالم. في 2006 تم اتهام عبد الرحمن الذي تحول إلى المسيحية منذ 16 عاما بإنكار الدين لتركة الإسلام وثم بفعل الضغط من الحكومات الأوروبية تم إطلاق سراحه من السجن بعدما اتهم بأنه مريض عقليا. وقد حصل على اللجوء في إيطاليا.
وهاجر حوالي المئة من مسيحي أفغانستان إلى الهند عام 2009 كما قال القس جان. بينما حضر إلى الهند حوالي 40 أفغاني مسيحي في عام 2013 حتى الآن. يختار معظم المتحولون الأفغان المسيحيون الهند بسبب قربها وألفتها لبلدهم. وقد قام الأفغان المتحولون بتأسيس كنيستهم التي تعرف بكنيسة الأفغان في دلهي. وقد استوطن الآف من اللاجئين الأفغان المسلمين والسيخ في الهند منذ الاجتياح السوفيتي لأفغانستان في 1979.
إن الحكومة الهندية غير مجبرة أن تعتبرهم لاجئين وان تقدم لهم احتياجات اللاجئين بالرغم من أن الأمم المتحدة ميزتهم كلاجئين، هذا لان الهند لم توّقع على ميثاق الأمم المتحدة للاجئين.
وضع الأفغان القانوني المعقد يجعل حياتهم صعبة؛ إذا أرادوا أن يحصلوا على شريحة هاتف نقال أو أن يستأجروا غرفة فإن ذلك يصبح كابوسا، لأنهم لا يملكون أي إثبات سكن من الحكومة الهندية.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ مكتب دلهي لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين لا ينظر في الطلبات الموضوعة من قبل الأفغان المسيحيين، بالرغم من أنهم يهتمون باللاجئين من التبت وسريلانكا ويعطوهم مكانتهم القانونية. المهاجرون من الدول التي ليس لها حدود مع الهند يجب أن يقدّموا الطلبات من خلال وكالة اللاجئين للأمم المتحدة وإذا رفضت طلباتهم فقد يتم ترحيلهم من الهند.
في حزيران الماضي، كان القسيس جان يبحث عن شقة في منطقة جنوب دلهي، عندما اعترض سبيل سيارته أربع رجال أفغان وابتدأو يشتمونه وكسر أحدهم المرآة الخلفية قبل أن يتمكن من الهرب. وقال القس جان أيضا إنه من الصعب عليهم أن يجدوا الوظائف. لأن مظهرهم ولهجتهم يكشف هويتهم الأفغانية، بالإضافة إلى عائق ضعف لغتهم الإنجليزية والهندية.
واكد ان على المتحولين أن يعملوا حتى يكسبوا عيشهم. ولكنهم بحاجة إلى مترجمين. والمتحولين الذين يعملون كمترجمين لهم لا يكشفون عن ارتباطاتهم الدينية الجديدة لزبائنهم من وطنهم الأم. هم يقومون بإخفاء الأمر بشكل جيد عن باقي المترجمين لأنهم قد يفشون سرهم. قال أحد المترجمين السابقين المدعو سيد إنعام:" نكسب من هذا العمل 250 إلى 500 روبية (5- 10 $) في الأسبوع. بالكاد يكفي هذا المبلغ حتى نعيش في دلهي."
ويذهب أطفال اللاجئين الأفغان المسيحيين إلى المدارس التابعة للحكومة أو التابعة لجمعية رعاية الشبان المسيحية. في الوقت الذي يعاني منه الجيل الأصغر من بعض المشاكل لأنهم يبدأون تعليمهم في اللغة الهندية.
بالرغم من العداء والخصومات التي واجهها القسيس جان إلا أنه يشعر أن مجموعته تعيش بأمان أكبر في الهند. قال: " إن مجموعتنا في الهند آخذة بالازدياد. أرجو ألا تضطر الى الهجرة من جديد!"