في اكتشاف أثرى جديد يحمل في طياته تاريخًا يمتد لقرون مضت، تم الكشف عن دير قديم يحتوي على أرضية فسيفساء ملونة، تحمل نقشاً يونانيًا فريدًا، وذلك خلال الحفريات الأثرية التي تجري في إطار أعمال التطوير لإنشاء حي سكني في مدينة كريات غات جنوبي اسرائيل. وتُعد هذه الاكتشافات جزءاً من مشروع ضخم يهدف إلى بناء حوالي 5600 وحدة سكنية في منطقة كَرْمِي جَت شمال المدينة.
على أرضية الفسيفساء، التي يعود تاريخها إلى نحو 1500 عام، كُتب النص التوراتي المهيب: "مباركا تكون في دخولك ومباركا تكون في خروجك" (تثنية 28: 6)، في دلالة واضحة على الصلة العميقة التي تربط هذا الموقع بالأديان والتاريخ المقدس.
الحفريات، التي تم الإشراف عليها من قبل سلطة الآثار بالتعاون مع سلطة أراضي إسرائيل، أسفرت عن اكتشاف بقايا ما لا يقل عن عشرة مبانٍ تاريخية، من بينها الدير القديم، معصرة الزيت، ومبنى مستودعات ضخم. يُعتقد أن الدير يعود إلى الفترة البيزنطية، التي تمتد بين القرنين الخامس والسادس الميلادي، مما يضعه في قلب حقبة تاريخية كانت مليئة بالنشاط الديني والثقافي. كما يُظهر الاكتشاف أن الموقع كان قيد الاستخدام المستمر لمدة تقارب الـ 600 عام، بدءاً من الفترة الرومانية.
ما زال الموقع يُخفي العديد من الأسرار التي قد تضيف فصولاً جديدة إلى تاريخ المنطقة. فقد تم العثور على مجموعة كبيرة من الأدوات المستوردة، العملات المعدنية، قطع الرخام، وكذلك الأدوات الزجاجية والمعدنية، التي تشير إلى وجود مستوطنة غنية وذات أهمية كبيرة في تلك الحقبة. هذه الاكتشافات تعكس ازدهاراً تجارياً وثقافياً متميزاً، مما يعزز من أهمية الموقع كجزء من تاريخ الأرض المقدسة.
إن هذه الحفريات تفتح نافذة جديدة على ماضٍ بعيد، حيث يلتقي التاريخ بالدين، ويظل الموقع شاهداً على حقب من الإيمان، والحضارة، والازدهار.