النضج، هو قدرة الفرد على الاستجابة للظروف والمحيط بطريقة مناسبة. وهذه الاستجابة عموما متعلمة وليست غريزية.
وهو حالة من التوافق الداخلي تُشير إلى اكتمال وتناغم العمل ما بين الوظائف الجسدية، العقلية، الروحية، والاجتماعية بطبيعة الحال، بصورة تمكّنه (أي الشخص) من فهم الحياة بتناقضاتها المختلفة والمعقدة، وكذلك تمنحه الاستقلالية في التحكم في شؤونه واتخاذ القرارات المعقولة والمنطقيّة والسليمة في حياته بمعزل عن سيطرة الآخرين وتأثيرهم أو تبعيتهم.
النضوج مسألة نسبية لا ترتبط بعمر ولا بجنس، حيث تلعب تجارب الحياة بما فيها من صعاب وتحديات ومسؤوليات دورا كبيرا بل وأساسيًا في الوصول إلى مرحلة النضوج، ولذلك من الصعب اكتساب النضج دون المرور بكل ما سبق، لكن هناك بعض الطرق التي تُسرّع الوصول إلى النضوج العقلي وعلينا ان ندرسها ونفهمها لنوفر على أنفسنا عناء سنوات من التخبط.
نفسيًا، نضج الإنسان يتحقق بأبسط مظاهره عندما يرتقي الإنسان في عواطفه من ناحية ما يسبب له الفرح أو الحزن، فالطفل الصغير يفرح أو يحزن لأقل سبب أما الناضج فليس كذلك. والنضج النفسي أيضًا يظهر في الإستقرار الداخلي والثبات وهذا يتضح في مواقف الحياة المختلفه. أما النضج الروحي فيتميز بنمو المؤمن في معرفة الرب والدخول في عمق الشركة معه والتشبه به.
ولا يعد النضج العقلي كما سبق وقلنا صفةً يولد بها الإنسان، إنما هو يكتسبها مع الوقت من خلال تجارب الحياة المختلفة إن كان متجاوبًا ومن النوع الذي يريد ان يتعلم ويتشكل أي يتميز بالمرونة.
عدم النضج العقلي يدفع البعض إلى تضييع الكثير من الوقت والتفكير في أشياء لا يمكن تغييرها، أما الناضجون فيتعلمون كيفية الاستغناء عن الأشياء التي لا يمكن تغييرها أو التحكم بها، وذلك لتوفير ذلك الجهد لأمور أخرى أهم، تعود بالفائدة عليهم.
يتطلب النضوج المسيحي إعادة ترتيب الأولويات بصورة جذرية، والتحول من إرضاء الذات إلى إرضاء الله وتعلم طاعة الله. إن مفتاح النضوج هو الثبات والمثابرة في عمل الأشياء التي نعلم أنها تقربنا إلى الله. هذه الممارسات، التي تسمى التدريبات الروحية، تتضمن أمور مثل دراسة الكتاب المقدس، والصلاة، والشركة، والخدمة.
فالنمو الروحي المؤدي للنضوج ليس تلقائيا، لكنه يتطلب إلتزاما مقصودا ان جاز التعبير، يجب أن ترغب في النمو، وتقرر أن تنمو وتبذل جهدا لذلك، وتثابر من أجل النمو. إذا اردت ان تنمو في حياة الإيمان، يجب أن تكتسب ذهن المسيح حتى تصبح مثله.