لوقا البشير يكتب لنا بالتفصيل عن ميلاد الرب يسوع له كل المجد. في الاصحاح الثاني يُسجل لنا الاحداث التي تخص الطفل يسوع في يومه الاول وايضا عند دخوله للهيكل محمولا على ذراع امه وهو في عمر اربعين يوم.
بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وحيث ان صبغة العيد امست بعيدة عن ارسالية يسوع الذي جاء عالمنا، اتشارك معكم بافكار قليلة راودت ذهني من خلال النص الكتابي الذي يُحدّثنا عن يسوع في يومين متميزين: في يومه الاول لميلاده، وفي يومه الاربعين.
حتميّة التجسد تتجلّى امامنا في كلام الملاك للرعاة المتبدّين: "ها انا ابشركم بفرح عظيم .... وُلد لكم ...". علينا ان لا ننسى على الاطلاق ان هذا الطفل المولود هو الله ظاهراً في الجسد!. نعم "الله" ذاته! لسنا فقط امام طفل جميل المنظر يجذب الانظار ويستميل القلوب - بل نحن امام الله الذي صار جسدا! كل عاقل لا بد انه يصرخ متسائلا: لماذا أتى الله؟ الم يكن مُمكناً أن يرسل كلامه مع ملائكة؟ أو كما كان يتكلم قديما بواسطة الأنبياء؟ لماذا "كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه"؟ (عب 1: 1).
نستدلّ على الاجابة من كلام الملاك للرعاة "لا تخافوا"، وايضا من السبب الذي من وراء هذا التشجيع والطمأنة. الملاك يقول انه يحمل خبرا سارا مفاده "أنه قد وُلد لكم اليوم مخلص". يسوع اتى حاملا ارسالية الخلاص في شخصه الكريم. لكل المحتفلين بعيد الميلاد اقول: بدون إرسالية الخلاص للخطاة لم يكن هناك داعٍ لميلاد الرب يسوع! لا معنى للعيد اذا نحيّنا جانباً شخص الرب يسوع وارسالية الخلاص.
وهكذا نفهم لماذا وُلد في مذود، لانه من هناك تُؤخذ الذبيحة للتقدمة! ويسوع أتى لكي يكون الذبيحة الكاملة. أيضا ارى في كلمة "علامة " التي وردت مرتان (قالها الملاك ع 12 وقالها سمعان الشيخ ع 34) إشارة واضحة للصليب. يسوع المولود في مذود يشير الى الصليب، ويسوع الذي هو علامة تُقاوَم يرمز الى الصليب.
في مشهد الطفل يسوع في المذود وامه مريم ويوسف نرى اتضاعا عجيبا، فقرا واحتياجا صارخين، واناسا هم نكرة بين الناس. لكن المُدهش انه وسط هذا المشهد ظهر فجأة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين: "المجد لله في الأعالي" – اين المجد؟ كيف يُجمَع بين مظهر الضعف الشديد وبين المجد لله في الأعالي؟ الاجابة هي ان يسوع هذا، وهو طفل بعمر يوم واحد، أتى لكي يسحق رأس الحية ويرد المجد المسلوب لله!
في المشهد الثاني نرى يسوع في عمر أربعين يوما يدخل الهيكل مع امه مريم ومع يوسف. هناك استقبلهم رجلا بارا تقيا اسمه سمعان، كان ينتظر "تعزية إسرائيل"(ع 27). الكتاب يعلمنا أن سمعان أتى "بالروح" إلى الهيكل، أي بتوقيت من الروح القدس ليكون في نفس اللحظة التي دخل يوسف ومريم بالطفل إلى الهيكل، وياخذه سمعان على يديه ويقول مخاطبا الله: "عينيّ أبصرتا خلاصك"، اي أبصرتا شخص الرب يسوع المسيح، الذي هو الخلاص ("لانه ليس اسم اخر تحت السماء قد اعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص" – اع 4: 12).
لكن ملفت للانتباة ان سمعان يقول لمريم ان هذا الطفل يسوع سيكون "علامة تقاوم"! لماذا؟ لان الصليب هو العلامة التي ستُقاوم عبر كل العصور، اذ فيه سحق الرب راس الحية (الشيطان). لذلك كل من يتبع المسيح سيحمل صليبه وسوف يُقاوَم كسيده.
ماذا بقي لنا في ايامنا من عيد الميلاد؟ اين حصة يسوع في الاحتفالات الميلاديّة؟ اين مفهوم الخلاص الذي اتى به هذا الطفل الذي ولد في مذود؟ ماذا يُعلّم الاهل اولادهم عند اقتراب عيد الميلاد؟ هل استبدلنا القدوس بالطقوس والاحتفالات؟ ام اننا بالقدوس نفرح ونبتهج؟
اصلي ان اشراقة النور التي اتى بها طفل المذود تُشرق في قلوب المسيحيين فيُصبحوا بدورهم مصابيح نورٍ للاخرين - امين