يعلم جميع البشر أن الله هو الوحيد الذي يعلم بالغيب وما يُخفى عن الأبصار وما يدور بالأفكار والعقول.
لكن يسوع المسيح عندما كان على الأرض بهيئة ابن الإنسان كان يعلم بالغيب وما يفكر به الناس وما يدخرون في بيوتهم كما شهد به القرآن. الحادثة التي دونها تلميذ المسيح متى بإنجيله والتي سارويها بهذا المقال تشهد بما لايقبل الشك ان المسيح هو الله الظاهر بالجسد امام الناس لأنه عملَ أعمال الله كلها... في الخلق وشفاء المرضى واحياء الموتى و علم الغيب والتي هي ليست من أعمال البشر ولا من قدرة الأنبياء. والى القارئ الكريم تفاصيل الحادثة الفريدة كما وردت بإنجيل متى.
من يعلم الغيب ويعرف الأسرار وما يفكر به الناس وما سيحدث مستقبلا بكل التفاصيل الدقيقة هو الله فقط. ولا يمكن للإنسان معرفة متى يموت وكيف تكون طريقة الموت ويعلم متى يقوم من الموت، ومن يعرف كل هذا بكل دقة هو الله فقط. والمسيح تكلم عن كل ما يدور بأفكار الناس وما سيحدث مستقبلا. ومتى يموت وكم يوم يبقى في القبر ومتى يقوم من الموت ويصعد للسماء. فمن يكون يسوع المسيح غير الله الظاهر بهيئة إنسان يحمل لاهوت وسلطان الله معه؟
جاء في إنجيل متى 17: 24-27 القصة التالية التي تبين لنا كيف يعلم يسوع المسيح كل ما هو مخفي عن الأسماع وألأنظار، وهذا يثبت الوهية المسيح: (عندما رجع يسوع و تلاميذه الى مدينة كفر ناحوم، جاء جباة ضريبة الهيكل الى بطرس (تلميذ المسيح) وسألوه: "أما يوفي معلمكم (المسيح) ضريبة الهيكل؟" فأجاب بطرس: نعم.
فلما دخل بطرس الى البيت، عاجله يسوع بقوله " ما رأيك يا سمعان؟ ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية؟ أمن ابناء البلاد أم من الغرباء؟ فأجاب سمعان بطرس: "من الغرباء".
فقال له يسوع: " إذن فألأبناء أحرار في في امر إيفائها. لكننا لا نريد أن نحرج أحدا. فاذهب الى البحر، الق بالصنارة وأمسك أول سمكة تخرج، وافتح فمها تجد فيه قطعة نقود باربعة دراهم، فخذها وأدفعها اليهم [الى جباة ضريبة الهيكل] (ضريبة) عني و عنك.
تحليل القصة:
علم يسوع المسيح كل ما دار بين بطرس وبين جباة الضرائب من كلام عن ايفاء ضريبة الهيكل وهو داخل البيت وهم في الخارج. عاجل المسيح تلميذه بطرس بموضوع الضريبة قبل ان يبادر بطرس بالكلام عنها، لأنه علم ما يدور بفكره وما يريد ان يقوله من كلام حول مطالبة الجباة بدفع الضريبة للهيكل.
يسوع وهو الغني الذي يملك كنوز العالم كلها، لم يملك اي نقود يسدد بها الضريبة فهو لا يتعامل بالنقود ابدا، و لإظهار مجد الله، خلق يسوع المسيح بسلطان لاهوته قطعة نقود بقيمة اربع دراهم، بداخل فم السمكة وهي تسبح في البحر. وهذه معجزة فريدة لا يمكن لأي إنسان ان يعملها إن لم يحمل صفة الإلوهية.
جعل السمكة ذاتها من دون اسماك البحر تعلق بصنارة بطرس قبل غيرها تنفيذا لإكمال مشيئته.
بعد ان اصطاد بطرس السمكة، فتح فمها فوجد قطعة النقود فيه كما اخبره الرب يسوع تماما.
سدد بطرس من هذه النقود ضريبة الهيكل عنه وعن يسوع المسيح، كي لا يكون على الجباة حرج بعدم إستيفاء الضريبة من يسوع وتلميذه.
الإستنتاج:
هل بعد هذه الحادثة الحقيقية يشكك المشككون بقدرة المسيح وسلطان الله المعطى له في عمل المعجزات الخارقة، ومنها: علم الغيب بكلام جباة الضريبة. نيّة بطرس التحدث عن هذا الموضوع معه. قدرته على خلق قطعة النقود ووضعها بفم سمكة في البحر.
التحكم بحركة السمكة في الماء لتعلق بصنارة بطرس ويصطادها. هذه القدرات لا يملكها الا الله؟ فمن يكون المسيح غير كلمة الله وروحه القدوس، اي الله ذاته متجسدا بهيئة إنسان ليرينا مجد الله السماوي وأعماله على الأرض التي يعجز اي إنسان أو نبي ان يعملها ، ويسمعنا اقوال الله التي لا يستطيع ان يتلفظ بها بشر سوى المسيح الذي هو صورة الله على الأرض.
فهل بعد كل هذا يسأل المشككون: هل قال المسيح أنا الله في الإنجيل.
المسيح لا يحتاج أن يقول عن نفسه ايها الناس انا الله. تواضعه واعماله المعجزية هي من تشهد له انه يعمل اعمال الله واقواله لا يقولها بشر فهو قد قال: "فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ»." (يو 5: 17).....
مَنْ مِنَ البشر يجروء ان يقول: " انا هونور العالم، من يتبعني فلا يمشي بالظلمة"؟ «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ» يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ". سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 1
قارنوا هذه الأعمال العظيمة و علم الغيب واحياء الموتى بكلمة منه مع أعمال من ادعى النبوة دون ان يتمكن ان ينجز معجزة واحدة امام الناس.