سمعان بطرس أقرب التلاميذ ارتباطا بالمسيح. فهو أول تلميذ اختاره يسوع ليرافقه في رسالته الإيمانية. وهو أكثر التلاميذ الذين ذكروا بالأناجيل الأربعة وذكرت أحاديثه. هو من قال للمسيح: أنت ابن الله الحي. ولمن نذهب وكلمة الحياة معك.
يسوع كان واثقا من إيمان بطرس وشجاعته وقوة إيمانه فقال له: أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها. وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات. فما تفتحه يكون مفتوحا في السماء وما تربطه يكون مربوطا في السماء.
بطرس كان ذو غيرة شديدة على سيده فقد استل سيفه ودافع عن معلمه عند القبض عليه في بستان الزيتون، وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع اذنه. لكن يسوع رفض استخدامه للعنف والسيف فقال له رد سيفك الى غمده، من أخذ بالسيف بالسيف يهلك. في ليلة العشاء الأخير، قال يسوع لتلاميذه: "في هذه الليلة تتركوني كلكم. فقال بطرس": "لو تركوك كلهم فأنا لن اتركك". فقال له يسوع: "الحق أقول لكن في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات"، فقال بطرس: لا انكرك وإن كان على الموت مع".
لكن بطرس رغم اعلانه استعداده للدفاع عن سيده يسوع حتى الموت، إلا أن ما تنبأ به يسوع تحقق تماما، فقد أنكر بطرس معرفته بسيده ومعلمه يسوع المسيح عندما قيل له أنك من أتباع يسوع. وأصرّ على الإنكار ثلاث مرات حتى نبهه صياح الديك ونظرات يسوع إليه ليذكّره بما قال له. فخرج الى خارج المجلس اليهودي وبكى بكاء مراً بندم كبير على خيانته ليسوع وإنكاره معرفته به رغم أنه كان أقرب تلاميذه ورافقه طيلة ثلاث سنوات أينما ذهب وشاهد بعينه آلاف المعجزات التي عملها يسوع واعترف به أنه ابن الله الحي.
لماذا خان بطرس وأنكر معرفته بيسوع؟
كان الإنكار نتيجة ضعف وخوف بشري شعر به، ليتجنب القاء القبص عليه من قبل الحراس فيلاقي عقابا ومصيرا قاسيا بسبب رفقته مع يسوع ومحاربة اليهود له. لقد نسي بطرس قول يسوع: "لا تخافوا الذين يقتلون الجسد، ولا يستطيعون قتل النفس". لقد خابت طموحات وآمال بطرس عندما راى سيده الذي اقام الموتى وشفى المرضى وانتقد كهنة اليهود وشيوخهم بأقوى الكلمات، رآه مذلولاً مقهورًا مربوطًا بالحبال بين الجند والكهنة ورؤساء اليهود.
لكن بطرس شعر بخطأه تجاه سيده، وندم على إنكاره له وخيانة الرفقة والعشرة مع ابن الله. فقد تغلب عليه الخوف في لحظة ضعف فانهار باكيا نادما لتأنيب ضميره على فعلته. لكنه لم يتخلى عن رفقة بقية التلاميذ، ولم ينس وصية الرب له ان يكون الصخرة التي سيبني عليها يسوع كنيسته بعد القيامة والصعود للسماء فأكمل رسالة المسيح وجال في المدن وفي روما يكرز بالإنجيل حتى قدم حياته فداء لخدمة كنيسة المسيح وشهيدا على الصليب كسيده يسوع المسيح.
اما يهوذا الإسخريوطي أحد تلاميذ المسيح الذي لم يذكر كثيرا بالأناجيل بل وصف أنه كان أمين الصندوق لجمع التبرعات التي تخصص لمساعدة الفقراء. ويبدو أنه كان ذو نفسية ضعيفة تجاه المال ولم يستفد من تعليمات يسوع رغم مرافقته له لمدة طويلة. ولهذا باع سيده وخان معلمه وربّه بثلاثين قطعة من الفضة طمعا بالمال. لقد غلبت إرادة الشيطان معتقدا أنه سيربح كثيرا من هذا المال، ولم يعلم أنه لو ربح كنوز العالم كلها لكنه سيخسر نفسه دنيا وآخرة. وقد أدرك فيما بعد نتيجة خيانته ان سيده يسوع قد صلب بسبب خيانته، فندم ونخسه ضميره فأعاد الثلاثين قطعة من الفضة الى الكهنة والشيوخ، وذهب وشنق نفسه بعد شعوره بتأنيب الضمير القاسي. فسقط على الصخر وانشقت بطنه واندلقت أمعائه.
الأناجيل تفرق بين إنكار بطرس الذي ندم عليه ولم يؤدي لموت يسوع، لكن خيانة يهوذا الإسخريوطي أدّت إلى القبض على يسوع وسوقه مقيدا الى محاكم شيوخ اليهود ثم محكمة بيلاطس وهيرودس واخيرا الحكم عليه بالموت صلبا بعد الجلد والتعذيب والإهانات. فكانت خيانة لا توبة فيها. لكن بطرس واصل مسيرة يسوع والكرازة بالإنجيل وتعاليمه مبشرا به في كل أرض حلّ بها حتى استشهد نتيجة تبشيره بعد ان أسس كنيسة المسيح تنفيذا لطلب يسوع. فكتبت له الحياة الأبدية في ملكوت السماء، بينما طرح يهوذا في بحيرة النار والكبريت بسبب خيانته.