مثل حبة الخردل
شبه يسوع المسيح ملكوت السموات بحبة الخردل كما في انجيل مرقس 4 :3
قال السيد المسيح : بماذا نشبه ملكوت الله ؟ فمثّلها بحبة خردل وهي اصغر بذور الارض فقال :" ومتى نَمَتْ تكبرُ و تصبحُ اكبر جميع المزروعات و الاشجار، حتى ان طيور السماء تأوي اليها ".
ضرب بحبة الخردل المثل لصغرها واهميتها عندما تنمو وتكبر .
يعتقد الانسان ان الاشياء الصغيرة لا قيمة لها، ولا يحسب لها حساب ، وليس لها عظمة .
ملكوت الله يبدا صغيرا بقلوبنا كحبة الخردل، ثم ينمو ويصبح كبيرا كالشجرة الضخمة ذات الأغصان الكثيرة حتى ان طيور السماء تأوي الى تلك الشجرة وتحتمي بها .
بدأ السيد المسيح رسالته مع تلاميذه وهم من بسطاء الناس - فقراء - أميين غير متعلمين ليس لهم مناصب معظمهم صيادي سمك ، كانوا كحبة الخردل الصغيرة التي نمت وكبرت بين احضان المسيح ورعايته ، و بعد ان تبتت اقدامها بالإيمان الراسخ ، نشرت المسيحية في العالم كله وبين الخليقة اجمع والى كافة بقاع الأرض، فكانت تلك الحبة الصغيرة التي نمت، و امتدت جذورها الصغيرة بين الناس ، فاصبحت المجموعة الصغيرة من التلاميذ كنيسة الرب العالمية، الشجرة العظيمة التي يحتمي بظلها جميع مَن آمن بالمسيح .
بدأت حبة الخردل مع التلاميذ الإثني عشر بتعاليم بسيطة، بأمثال حكاها يسوع المسيح لهم ، ثم بمعجزات متنوعة، جذبت الناس اليها. فنمت حبة الخردل وصارت شجرة تمد اغصاناها نحو السماء ونور المسيح يغذيها وكلامه يرويها .
الله في محبته يبدا معنا بداية صغيرة، معجزة صغيرة سرعان ما ينمو تاثيرها ليكون عظيما ثم اعظم .
هناك في حبة الخردل الصغيرة تكمن قوة عظيمة، الله ينمّي هذه الحبة بقوة الروح القدس والحكمة الالهية، حتى تصير شجرة عظيمة تتآوى طيور السماء الى اغصانها تطلب الحماية و الظل والامان والراحة .
الطفل يولد صغيرا، ثم ينمو ويكبر بالقامة و الفكر والعقل، منهم من يصبح عالما مفكرا او مخترعا كبيرا او رئيس دولة او قائدا للجيش . ولم يكن يحسب له شأن في طفولته .
الله يسلم بركات كبيرة الى الانسان وينميها حتى تصبح تلك البركات قوة كبيرة كشجرة الخردل العظيمة بالايمان . البرت اينشتاين ، توماس أديسون ، اسحق نيوتن ، جورج واشنطن ، وغيرهم، من كان يحسب لهم حسابا في صغرهم وطفولتهم ، ومن كان يتوقع ان اولئك الصغار سيصبحوا من عظماء العالم ؟
لا يجب ان نستهين بكل ما هو صغير و نعتبره غير نافع وليس بذي باس و قوة، داؤود النبي كان صبيا يافعا راعيا للغنم، لم يكن يثير اهتمام اخوته اواهتمام الملك شاؤول عندما قال له دعني اقاتل العملاق جولياث، لا يخر قلب انسان بداخله، فذهب و ثقب رأس جولياث المحارب العملاق بضربة واحدة بحصى من مقلاعه ثم قطع راسه بسيفه، بهذا العمل الجرئ تشجع جيش شاؤول وهجم على جيش العدو و هزمه بعد ان كان خائفا مترددا . داؤود هذا كان صبيا و راعي غنم و ليس محاربا ولم يكن احدا يحسب له حسابا بل إستصغروه عندما طلب محاربة العملاق، فليس كل صغير عديم النفع .
نتعلم من مثل حبة الخردل الصغيرة التي قاله لنا السيد المسيح ان ننجز عملا عظيما، تكون بدايته صغيرة و بعد ان ننميه ونرعاه حتى يصبح عظيما و كبيرا عندها ينتج ثمارا فيما بعد .
نريد ان نكون كحبة الخردل بين يدي الله، ان سلمت نفسك الى الرب ورجعت اليه تائبا، وطلبت منه ان تكون عظيما في إيمانك و حياتك بتقديم خدماتك للاخرين فسيجعلك الله كشجرة الخردل يستظل الاخرون بين اغصانك .
ان بدات بمشروع صغير، سيباركه الله وينمو و يثمر وتكون له فائدة لك وللناس .
يسوع اشبع خمسة الاف نفس بخلاف النساء والاطفال مبتدئا بخمسة ارغفة خبز وسمكتين، فضلت منها اثنتا عشر سلة من الفتات بعد ان شبع الجميع . سلّم للرب امرك اعطي ذاتك للرب، وستكون كحبة الخردل الصغيرة النواة، و تصبح البذرة التي ستنمو حتى تصبح شجرة عظيمة مباركة يستضل بفضلك الآخرون .
البداية دائما تكون صغيرة لكن النتيجة الاخيرة تكون بركة كبيرة، بذرة صغيرة تنمو في تربة القلب حيث ينمو الملكوت بخطوة صغيرة، بصلاة قصيرة، ثم تتحول الى تأملات و صلاة طويلة. تنمو بالقداسة حياتك ويحرك المسيح قلبك .
اطلب من يسوع المسيح ان يسكن قلبك و يغير حياتك، فتتأصل المحبة في قلوبنا لدرجة لا يمكن انتزاعها من القلب يحلول المسيح بالايمان بقلوبنا و تتأصل المحبة فينا .
ازرع بذرة الايمان في اعماق قلبك و اطلب من المسيح ان ينمي هذه البذرة داخلك وتأكد ان لك رجاء في المسيح و هو يستطيع ان يخلصك من خطاياك و يبارك حياتك و يجعلك عنصرا مثمرا كشجرة الخردل الكبيرة التي تأوي اليها طيور السماء .
كل من يدعو باسم الرب يخلص .