نقرأ في الاناجيل عن حياة يسوع المسيح، منذ تجسده من مريم العذراء الى لحظة صعوده الى السماء وجلوسه عن يمين الله.
لكن بين ولادته وصعوده الى السماء، نقرأ الكثير من الاحداث التي دُوِّنَت بارشاد وعمل الروح القدس.
نحن نعلم ان يسوع المسيح الرب، الله الابن، كان قبل تأسيس العالم ومنذ الازل هو مع الله الآب، وهذا ما قاله يسوع لليهود، بانه كائن من قبل ابراهيم، اي انه الله القدير مع الآب.
نقرأ في اشعياء عن الولد الذي سوف يولد بانه عجيب، نعم يسوع المسيح العجيب، الذي تحققت جميع النبوات بحياته، في ميلاده كان عجيبًا، في مسيرة حياته كان عجيبًا واكثر ما نتعجب منه ان يسوع مات على الصليب !
عجيب في ولادته، فكيف تحبل العذراء من دون زرع بشر ؟ كيف يتجسد الاله ويأخذ صورة عبد وصورة انسان، صائرًا في شبه الناس، يأكل ويشرب ويتعب وينام ويبكي ويتألم بل ويموت، هل الله يموت ؟
حاشا، لان الذي مات هو يسوع الانسان الذي اسلم روحه فوق الصليب، وكما كتب بطرس في رسالته عن يسوع، بانه ممات في الجسد ومحيى بالروح.
هذا هو يسوع المسيح بفكره وتواضعه المبارك، الله الذي تواضع آخذ صورة عبد، بل واطاع حتى الموت موت الصليب.
هذا الفكر الذي اوصى به بولس في رسالته الى اهل فيلبي الاصحاح الثاني، فكر التواضع والاخلاء، يسوع الذي كان في صورة الله، لم يحسب نفسه خلسة معادلًا لله، بل اخلى نفسه، اي انه قبل ان يأخذ الطبيعة البشرية الكاملة، ويعيش انسان كامل على الارض بدون خطية.
نعم هذا هو يسوع المتواضع، متواضع في ولادته في مذود بيت لحم، لكنه كان متواضع ايضًا في مسيرة حياته، الذي قال عن نفسه انه ابن الانسان، الذي جاء ليَخدم لا ليُخدم، ويبذل نفسه فدية عن كثيرين.
ظهر مجد المسيح يسوع على الصليب، عندما قبل بارادته ان يأخذ خطايانا في جسده على الصليب، بان يصبح خطية ولعنة عننا، بل بان يموت ايضًا، لكن الله الآب اقامه بقوة الروح القدس لانه رضي بتواضع ابنه الحبيب، الذي قدم نفسه فدية عنا جميعا،
لذلك رفعه الله، واعطاه اسم فوق كل اسم، لكي تجثوا باسم يسوع كل ركبة، ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو ربٌ لمجد الله الآب.
بالحقيقية اخوتي، مستحق يسوع كل الاستحقاق ان نحبه من كل قلوبنا، ونتمثل بتواضعه العجيب ومحبته الفائقة المعرفة، بان نتكرس له بالكامل باجسادنا نفوسنا ارواحنا وممتلكاتنا، لان كل شيء منه وله، وبان نخدمه ونخدم ملكوته بارشاد روحه القدوس.
مستحق يسوع ان نحبه ونخدمه، كذلك ان نخدم كنيسته وشعبه، لان اوصى بان نحب بعضنا بعضًا، وكما غسل هو ارجل التلاميذ، علينا نحن ان "نغسل" ارجل احدنا الآخر، كما اوصى بولس اهل فيلبي واليوم يوصينا الرب بان نحب ونخدم احدنا الآخر، لا بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق.
خدمة الوعظ اي التشجيع، التي تكلم عنها بولس الرسول في رسائله، بان نشجع احدنا الآخر في اوقات النجاح والانتصارات كما في اوقات الفشل والسقطات، كما كان برنابا في الكنيسة الاولى، وهو الذي قبل وشجع الرسول بولس، وبان لا ندين ولا نتكبر احدنا على الآخر، بل يكون فينا فكر المسيح الذي قبلنا جميعا بخطايا وسقطاتنا وفشلنا، ونلنا منه الغفران والتشجيع.
كذلك بان نعزي احدنا الآخر في اوقات الحزن والفشل، وكما اوصى الرسول بان يكون لنا الفكر الواحد والمحبة الواحدة، بدون تحزُّب ولا انشقاق، بل نقبل ونُكرم احدنا الآخر، كما قبلنا الرب يسوع.
أخوتي، هل ننتظر نحن ان نرى مجد الرب يسوع المسيح في وسطنا ؟
علينا جميعًا ان يكون فينا الفكر الذي في المسيح،
فكر المحبة والتواضع والاخلاء...
فكر ان نخدم ونُكرم احدنا الآخر...
فكر بان نحسب (وبصدق القلب) الآخرين افضل منا، وكيف يكون هذا ؟
فقط اذا ركزنا على الامور الايجابية في حياة الاخوة، وادراك العمل المبارك الذي اتممه الرب يسوع في حياة كل اخ واخت في الكنيسة، عندها سوف تموت روح الدينونة والكبرياء في حياتنا وبيوتنا وكنائسنا، ونختبر تواضع ومحبة يسوع في حياتنا، ونراه مكللًا بالمجد والكرامة والسلطان، المستحق وحده يسوع ابن الانسان وابن الله، آمين.