منذ ايام القدم قبل آلاف السنين، نرى الحقد، الكراهية والغيرة حتى في العائلة الواحدة وبين الاخوة.
بعد سقوط آدم وحواء في خطية العصيان وعدم طاعة الله، نرى الدمار والخراب في كل مكان حتى ايامنا هذه، وللأسف الشديد!
كل واحد يقول انا الصادق وانا اقول الحق، انا وحدي اتبع الله الواحد الحقيقي، ومن شدة الغيرة (التي ليست حسب فكر ومشيئة الله) يقتل الانسان اخيه الانسان باسم الحق والدين والله الواحد!!!
عندما دخل الشيطان وفكره المخادع بين آدم وحواء، وبعدها بين الاخوين قايين وهابيل، دخل الشر والدمار الى نسل آدم والى عالمنا حتى يومنا هذا، وليس لنا حل الى بالرجوع من كل القلب الى الله الحي الحقيقي وحده، الآب القدوس وابنه يسوع المسيح.
كانت الغيرة والحسد شديدة بين الاخوين لدرجة ان قايين قام بقتل اخاه هابيل، ولماذا؟
قدم قايين من محصول الارض، اي بقدرته وقوته الجسدية وفكره وتخطيطه البشري، واسم قايين يعني اكتساب او صانع، ونحن نسأل ماذا اراد قايين اكتسابه من الله؟ هل فقط البركة المادية وان يكون أفضل من الآخرين؟ هل كان توجه قلبه صادق وكامل امام الله، وانه بمجهوده البشري ينال رضى الله حتى قتل اخاه؟؟!!
ما أكثر وللأسف الشديد من يقتل الآخر في ايامنا هذه باسم الله وباسم الحق، لكن الله بعيد كل البعد عن هذا الفكر.
قدم هابيل الى الله ذبيحة التي ترمز الى ذبيحة المسيح، موت وقيامة يسوع من الاموات.
لم يقدم هابيل ذبيحة بمجهوده الخاص لإرضاء الله، لأنه طلب الله من كل قلبه ليس من دافع الانانية والكبرياء على اخيه، بل بدافع القلب المتواضع والمُنكسر امام الله القدوس، لذلك قبل الله تقدمة وعبادة هابيل ورفض تقدمة قايين.
تكبر واحتد قايين وقتل اخاه، لكن هابيل الذي معنى اسمه البُطل او الزائل، الذي أدرك بروحه ان كل شيء زائل وباطل وقبض الريح كما قال ايضا سليمان الحكيم، وان كل شيء من دون الله حتى أجمل الامور انها باطلة وزائلة، بل ان هابيل نفسه وكل واحد منا باطل وزائل من دون الله، مصدر الحياة الحقيقية وواهب الخلاص والابدية.
نقرأ في كتاب التكوين والعبرانيين ان دم قايين يصرخ من الارض، لكن الكتاب يُعلن:
" لي النقمة، يقول الرب ".
هل نطلب نحن النقمة والشر لمن اساء لنا، حتى ان كان عدوي او حتى اخي وقريبي؟
ام نصلي ان يرحم الرب من سلبنا وقتلنا؟ لعله يتوب الى الله ويرجع عن طرقه الرديئة ودينونة رهيبة في الجحيم الابدي مع الشيطان واعوانه وتابعيه؟!
الانسان الاول آدم سقط في خديعة الشيطان وابتعد عن الله، لكن آدم الثاني يسوع المسيح غلب مملكة الجحيم والموت، هو الذي لم يقدم الى الله ذبيحة، بل قدم هو نفسه ذبيحة لله، جسده الذي عُلق على الصليب، آخذًا خطايانا في جسده والعار والخزي عنا جميعا، هو الذي مات عنا لكنه قام في اليوم الثالث واهبًا الخلاص والحياة الابدية لكل من يُؤمن.
دم هابيل يصرخ من الارض، وهناك صراخ عظيم هو صراخ نفوس من قُتِلوا (ولم يَقتُلوا) من اجل كلمة الله، ومن اجل الشهادة التي عندهم قائلين:
" حتى متى ايها السيد القدوس الحق، لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض ؟ " (عبرانيين 9:6).
لكن هناك دم آخر لا يصرخ نقمة وقتل ودمار، هو دم حمل الله، دم يسوع، وسيط العهد الجديد، دمِ رشٍّ يتكلم أفضل من هابيل (عبرانيين اصحاح 12)، دم يصرخ امام عرش الله الآب القدوس غفران وتوبة ونعمة.
اخوتي، هل في هذه الايام الصعبة المعقدة نتبع اسلوب حياة قايين الشرير المتكبر القاتل؟ الذي لم يهتم بأخيه، بل كان انانيًا وسالبًا لحق اخيه حتى قتله!
ام اسلوب هابيل الذي عبد الله بروح وديعة متواضعة، الذي أدرك انه من دون سفك دم لا يوجد غفران للخطايا، وليس فقط دم خراف وعجول بل دم ابن الله الحي يسوع المسيح، الذي قدم نفسه ذبيحة لله عنا جميعا، لكي نقترب الى الله الآب القدوس قاضي وديان السماء والارض، لأنه عن قريب جدا سوف يكون الفصل النهائي الى ابد الآبدين:
من اتبع نهج حياة قايين الشرير ويهلك الى الابد،
او هابيل الذي عبد الله بقلب صادق ونال اعجاب ورضى الله عنه، وسوف يقضي الابدية مع الله في ملكوته، والذي هو رمز واسلوب حياة يسوع المسيح رئيس ايماننا ومكمله، له المجد والكرامة الى الابد، آمين.