اللاهوت المسيحي وشعب الله المُختار‎

تعاليم الكتاب المقدس توضح علاقة الله بشعبه إسرائيل والأمم الأخرى، مع التركيز على العهد الجديد والوعود الإلهية التي تشمل جميع البشر. النعمة والخلاص متاحان للجميع من خلال الإيمان بيسوع المسيح، ونصوص الكتاب المقدس تؤكد على أهمية المحبة والتسامح في مواجهة التحديات والصعوبات التي نعيشها اليوم.
24 سبتمبر - 15:04 بتوقيت القدس
اللاهوت المسيحي وشعب الله المُختار‎

نقرا في رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس ان كل الكتاب هو موحًى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البِرِّ. (تيموثاوس الثانية 16:3).

كذلك في رسالة تسالونيكي الاولى يُعلن بولس:
"انكم تسلمتم كلمة خبر من الله، قبلتموها لا ككلمة أُناس، بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله، التي تعمل ايضًا فيكم انتم المؤمنين". (تسالونيكي الاولى 13:2).

ينضم بطرس الى نفس الروح والصوت النبوي لبولس عندما يُعلن:
"لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة  انسان، بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس". (بطرس الثانية 21:1).

قد شاركت مؤخرا مقال بعنوان دعوة للمحبة والوحدة بين شعب الرب، لما سمعناه مؤخرا وللأسف الشديد عن بعض الاعلانات والردود عليها بين بعض الخدام، وحتى بين المؤمنين، مما اثار جدلًا حادًا حتى الى درجة الفتور في العلاقات، وصلاتي ان لا يصل الامر الى حد الانشقاق في جسد المسيح الواحد، لذلك اشارك هذا المقال لكي يكون سبب بركة وتشجيع لنا جميعًا.

أعلن بطرس وبولس رسل الرب يسوع المسيح واعمدة الكنيسة، ان الكتاب المقدس من تكوين الى رؤيا يوحنا هو الاعلان الوحيد الكامل والمُطلق من الله الى العالم اجمع، وبشكل خاص لشعب الرب، والهدف هو اعلان محبة وخلاص الله الآب القدوس لجميع الامم والشعوب، للتعليم والتوبيخ والتقويم.

كل تعليم وكل لاهوت ليس له مرجعية ومصداقية من الكتاب المقدس هو مرفوض وبشكل مُطلق، بل ويتحمل المسؤولية الكاملة كل من يُعلمه وينشره وخاصة في ايامنا هذه حيث تنتشر التعاليم على مواقع التواصل وبسرعة كبيرة جدا.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو:
هل التعليم الذي اتعلمه واقبله، وبعدها أُعلمه وانشره بين الكنائس، بل حتى بين الشعوب والأُمم له مصداقية ومرجعية من كلمة الله الكتاب المقدس؟

كذلك لينا ان نسأل عن الدافع الحقيقي لكل تعليم وكل لاهوت اتبناه واعلمه؟

هل الهدف هو ان ترجع الناس من الظلمة الى النور، من الموت الى الحياة، للتحرر من قيود الخطية والشر والشرير ونرجع الى الاحضان الابوية، ام هناك دوافع بشرية، سياسية واجتماعية التي اصبحت الدافع الاساسي لتعليمي ورسالتي ولاهوتي؟؟؟!!!

وبخ الرسول بولس كنيسة كورنثوس التي اختبرت مواهب وعطايا الروح القدس، مثل التكلم بالألسن والنبوة والمعرفة الكتابة، لكن بدون محبة!!!

لان كل خدمة او تعليم او عطاء الذي اساسه ودافعه غير المحبة فهو مرفوض وغير مقبول امام الله، لذلك وبخ الرسول بولس قائلًا:

" أخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها، هكذا تُفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح ".

نعم البساطة التي في المسيح، بل التواضع والوداعة والمحبة التي اظهرها لنا يسوع المسيح في حياته وشهادته قبل تعليمه وكلامه، التعليم الذي سلمه الرب يسوع للرسل والذي علينا ان نتمسك به في ايامنا هذه، بعيدًا عن كل نقاش وجدال تافه وغير نافع لخلاص النفوس وبنيان كنيسة الرب التي اشتراها بدمه الثمين، التعليم واللاهوت المسيحي الذي سلمنا اياه الرب يسوع المسيح ورسله الذي اساسه:

" التوبة من الاعمال الميتة، والايمان بالله، تعليم المعموديات، ووضع الايدي، قيامة الاموات والدينونة الابدية " (عبرانيين اصحاح 6 )، هذا هو اللاهوت المسيحي الذي اوصى به الرب وعلينا جميعا ان نقبله ونسلك به ونعلمه ونبشر به، لا غير!

هل نركز في وعظنا وتعليمنا وتبشيرها على هذه الأُسس المباركة التي استلمناها من رب المجد ورسله؟

ام انشغلنا في تعاليم غريبة عن كلمة الرب وثانوية عن الاحتياج الحقيقي والاساسي لبلادنا ومجتمعاتنا، بل وحتى كنائسنا!!!

على كل خادم ومُعلم وواعظ ومُرسَل ان يتحمل مسؤولية كلامه امام الله وامام شعب الرب، وعلى الخادم ان لا يُجامل او يُساوم في وعظه وتعليمه على حساب الحق الالهي وكلمة الله الكتاب المقدس، لان كل من يزيد على نبوة الكتاب المقدس، يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في الكتاب، وان كان احد يحذف من اقوال الكتاب، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المُقدسة، ومن المكتوب في الكتاب، (رؤيا يوحنا 18:22)، ويا له من تحذير!!!

عندما نتكلم عن اللاهوت المسيحي، علينا ان نتمركز في شخص، حياة وتعاليم يسوع المسيح، نبوة ابن الله الذي ارسله الله لخلاص البشر من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة...

نقرأ في انجيل يوحنا الاصحاح الاول ان يسوع ابن الله جاء الى خاصته، لكن خاصته لم تقبله، لكن كل الذين قبلوه اعطاهن سلطانًا ان يصيروا اولاد الله، اي المؤمنون باسمه.

نفهم من اعلان يوحنا الرسول وبروح النبوة ان يسوع جاء الى خاصته، اي الشعب اليهودي وكهنته ورؤسائه، وهذا ما قاله يسوع لتلاميذه ورسله بان لا يذهبوا الى الامم، بل الى مدن اسرائيل اولا...

كذلك اعلن يسوع للمرأة الكنعانية، بانه لم يُرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة، وبانه ليس حسنًا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب! لكن في النهاية مدح الرب يسوع ايمانها قائلا لها، عظيم ايمانك...

ان كان الرب يسوع يُعلن انه جاء الى خراف بيت اسرائيل الضالة، فهل يجوز لنا اليوم ان نقول ان باب النعمة قد أُغلق في وجه هذا الشعب وهذه الأُمة؟!

وان كان الكتاب يُعلن انهم "خاصته"، فمن انا ومن نحن حتى نتداخل بين الله الآب القدوس وابنه يسوع المسيح وبين خاصته؟! ان قبلوا الدعوة والنداء وان لم يقبلوا، قبل الفي سنة وحتى يومنا هذا، هل نحن من نُدين الشعوب والأُمم وخاصة الذين يدعوهم الرب خاصته؟؟؟

كل مؤمن حقيقي بالرب يسوع المسيح، من اختبر غفرانه وخلاصه وسلامه وفرحه وحياته الابدية، يرغب ومن كل قلبه ان يقبل الجميع هذه الدعوة وهذا الخلاص المبارك، حتى اعدائه، بل واقول انه يتألم على هلاك كل شخص لا يعرف الحق ويذهب الى الجحيم !!!

لأنه هذا ما علمنا اياه  يسوع المسيح وغفر "لأعدائه اليهود والرومان" الذين اسلموه حسدا وصلبوه وقتلوه !

ليتنا نذكر كل يوم صرخة الرب يسوع فوق الصليب : " يا ابتاه، اغفر لهم، لانهم لا يدرون ماذا يفعلون ".

نقرأ في رسالة بولس الى اهل غلاطية عن اهمية التمسك بنعمة الله المُخلصة، وعدم الانحراف الى تعاليم بشرية.

كذلك يتحدث عن اهمية الولادة الجديدة والخليقة الجديدة بالإيمان بالرب يسوع المسيح، وانه لا خلاص بدون الايمان بيسوع المسيح وعمله الكفاري على الصليب، موته وقيامته في اليوم الثالث، وبانه ليس انتماء ديني او طائفي او تتميم للناموس من الممكن ان يخلص احد.

لذلك يقول بولس انه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئا ولا الغرلة، بل الخليقة الجديدة، وكل الذين يسلكون بحسب هذا القانون عليهم سلام ورحمة، وعلى اسرائيل الله.

يؤكد بولس انه لا ختان ولا غرلة، لا الانتماء للشعب اليهودي وأمة اسرائيل يُخلص، لا حفظ الناموس والسبوت والاعياد والصلاوات والاصوام يُخلص،  او الانتماء لامة اخرى او حفظ ايام أخرى وعادات وتقاليد بشرية لا صلة لها بالكتاب المقدس، بل فقط الايمان بيسوع المسيح الذي يعطينا على حساب النعمة الخليقة الجديدة (غلاطية 15:6).

لكن هل معنا هذا الكلام ان الله يُغلق باب النعمة امام بعض الامم او شعوب الارض ؟ حاشا.

لأننا نقرأ في كتاب حزقيال ان الله وعد شعبه بعهد سلام، فيكون معهم عهدًا مؤبدًا، واكون لهم الهًا ويكونون لي شعبًا، فتعلم الامم اني انا الرب مُقدس اسرائيل، اذ يكون مقدسي في وسطهم الى الابد ( حزقيال اصحاح 37 ).

ربما يتساءل البعض، اين هو هذا عهد السلام واين حضور الرب وسط شعبه الى الابد ؟

خاصة في ايامنا الصعبة هذه، في بلادنا وفي شرقنا ؟

من الممكن ان يفكر البعض ان الاوضاع الحالية والصعوبات والحروبات قد اغلقت باب النعمة امام اسرائيل او غيرها ؟؟؟

نقرأ في كتاب ارميا عن العهد الجديد وليس عهد الناموس والشريعة وعهد موسى، بل عهد جديد بين الرب وشعبه اسرائيل، حيث قال الرب :

" أجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم، واكون لهم الهًا وهم يكونون لي شعبًا ". ( ارميا اصحاح 31 + 33 ).

ربما يتساءل البعض ويقول ان هذا الكلام وهذه الوعود كانت في العهد القديم، وليست قائمة اليوم، وانتهت بعد السبي لان الشعب قد رفض يسوع المسيح المخلص والرب!

نقرأ في الانجيل وبإعلان ملاك الرب ليوسف عن عودة الصبي يسوع وأمه الى ارض اسرائيل، الى الجليل، الى الناصرة...

هذا البلد الذي احبه يسوع مع انهم لم يدركوا ان الذي في وسطهم هو المسيح ابن الله، حتى اخوته لم يُدركوا هذا الامر في البداية !

لكن هل هذا دفع يسوع ورسله، ان يطلبوا من الله ان تنزل نار من السماء وتحرق الناصرة وارض اسرائيل ومن فيها؟؟!!

كما انزل ايليا نار من السماء وكما اراد ابني زبدي ان تنزل نار من السماء لتحرق السامرة لرفضها للمسيح؟!

انها ايام صعبة ومعقدة وشريرة اخوتي، والتي علينا جميعا، خدام ورعية، ان نحمل احشاء رأفات المسيح في قلوبنا للجميع، خاصة في بلادنا المتألمة...

لنتأمل بما علم بولس الرسول لأهل رومية، بما يخص خلاص اليهود وشعب اسرائيل والامم.

كان الرسول بولس، شاول الطرسوسي د، مُفتري ومُضطهد للكنيسة، لكنه أصبح رسول الامم، هذا الرسول الذي اعلن ان الخلاص مقدم للجميع على حساب النعمة، بالإيمان بيسوع المسيح وليس بالأعمال.

هذا الرسول المبارك الذي قال الصدق في المسيح ولم يكذب، الذي كان له حزن عظيم ووجع في قلبه لا ينقطع، الذي كان يود ان يكون محروما من المسيح لأجل اخوته وانسبائه حسب الجسد، الذين هم اسرائيليون، ولهم (يقول الرسول لهم، وليس كان لهم ! ) التبني والمجد والعهود والاشتراعي والعبادة والمواعيد، ولهم الآباء، ومنهم المسيح حسب الجسد. (رومية 9 ).

يُؤكد بولس الدعوة للجميع في عدد 24، ويقول ان الله دعانا ليس من اليهود فقط، بل من الامم ايضا، ونحن نقرأ هذه الآيات وهذه التعاليم المباركة ليس من سفر ارميا وحزقيال، بل من قلب العهد الجديد، رسالة رومية وعهد النعمة.

صلاتي ان نختبر جميعا احشاء رأفات ومحبة بولس لشعبه اسرائيل، وكل واحد منا ان يحب شعبه وبلاده ويصلي لأجله ولأجل جميع البلاد والامم دون محاباة، كما لم يحاب الرب يسوع شعبه اليهودي الاسرائيلي، ولا الكهنة والفريسيين، كذلك بطرس وبولس لم يحابوا الشعب اليهودي بل اعلنوا انجيل الخلاص لكل من يُؤمن.

خاطب بولس الأخوة في رسالة رومية إصحاح 10 قائلًا :

" ان مسرة قلبي وطلبتي الى الله لأجل اسرائيل هي للخلاص، لأني اشهد لهم ان لهم غيرة لله، ولكن ليس حسب المعرفة ".

وفي الاصحاح 11 يقول: " العل الله رفض شعبه ؟ حاشا !

يتابع قائلًا: " لأنني انا اسرائيلي من نسل ابراهيم من سبط بنيامين ، لم يرفض الله شعبه الذي سبق فعرفه ".

كذلك في العدد 11 يُؤكد قائلًا: " العلهم عثروا لكي يسقطوا ؟ حاشا !

بل بزلتهم صار الخلاص للأمم لاغارتهم، فان كانت زلتهم غنى للعالم، ونقصانهم غنى لأمم، فكم بالحري ملؤهم ؟ ".

يحذر الرسول بولس الامم الذين آمنوا وطُعِّموا في الزيتونة، بان لا يفتخروا على الاغصان، لأننا لا نحمل الاصل بل الاصل ايانا يحمل، وباننا بالإيمان نثبت، لذلك يقول بولس : " لا تستكبر، بل خف ! ".

يتابع بولس قائلا انهم قطعوا لأجل عدم الايمان، لكن الله قادر ان يُطعِّمهم ان آمنوا، فكم بالحري يطعم هؤلاء الذين هم حسب الطبيعة في زيتونتهم الخاصة ؟

يتابع قائلا في عدد 25 ان القساوة قد حصلت جزئيًا لإسرائيل الى ان يدخل ملء الامم، وهكذا سيخلص جميع اسرائيل.

من جهة الانجيل هم اعداء من اجلكم ( اعداء بمعنى ان اغلب الشعب اليهودي كأمة ورؤساء كهنة وقادة الشعب رفضوا المسيح في ايام تجسده على الارض، وليس بمعنى اعداء بالمعنى الحرفي، لان عدونا ليس دم ولحم بل الشيطان )، واما من جهة الاختيار فهم أحباء من اجل الآباء، لان هبات الله ودعوته هي بلا ندامة !!!

أخوتي، ان مجيء المسيح الثاني على الابواب، والان هو وقت مقبول ووقت خلاص للجميع لكل من يؤمن، لأنه بالفعل بالمسيح يسوع نحن جسد واحد وامة وشعب واحد، لأننا نحن الامم كنا في الماضي اجنبيين عن رعوية اسرائيل، وغرباء عن عهود الموعد، لا رجاء لنا وبلا اله في العالم.

لكن الان في المسيح يسوع، نحن الذين كنا قبلا بعيدين، صرنا قريبين بدم المسيح، لأنه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحد، ونقض حائط السياج المتوسط اي العداوة، مبطلا بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه انسانًا واحدًا جديدًا، صانعًا سلامًا، ويصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب، قاتلًا العداوة به. (افسس اصحاح 2).

نقرأ في سفر رؤيا يوحنا اصحاح 7 عن دعوة الملاك لختم عبيد الهنا على جباههم، وعدد المختومين مئة واربعة واربعين الفًا، مختومين من كل سبط من بني اسرائيل.

كذلك الجمع الكثير من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة.

وفي رؤيا يوحنا اصحاح 21 نقرأ عن اورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله، لها مجد الله، وكان لها سور عظيم وعالٍ، وكان لها اثنا عشر بابًا، واسماء مكتوبة هي اسماء اسباط بني اسرائيل الاثني عشر.

كذلك سور المدينة كان له اثنا عشر اساسًا، وعليها اسماء رسل الخروف ( يسوع المسيح ) الثني عشر.

ما زالت ابواب اورشليم السماوية مفتوحة لشعب اسرائيل والامم اجمعين، لكن الدخول هو فقط على حساب النعمة بدم المسيح.

كذلك سور المدينة مكتوب عليه اسماء رسل الرب يسوع...

انه وقت اخوتي ان ندعوا الجميع لعرس الخروف من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة...

وان يكون اساس ايماننا هو تعاليم رسل الخروف، وان نثبت بالمحبة الاخوية والشركة الى مجيء العريس يسوع المسيح محبوب الكنيسة وشعب الرب الواحد.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا