ساد نظام المقايضة (تبادل السِلع والخدمات) في الأزمنة القديمة بين الناس، لكن عبر العصور تطوّر أسلوب بيع الأشياء مقابل أوزان من المعادن الثمينة (ذهب، فضة أو نحاس في العادة). نقرأ عن إبراهيم أنه اشترى الحقل لدفن زوجته وكان وزن ثمنه 400 شاقل جائزة (أي مقبولة ومتداولة) عند التُجّار (تكوين 23: 16). كذلك اشترى أرميا النبي من حنمئيل ابن عمه الحقل الذي في عناثوث ووزن له الفضة سبعة عشر شاقلا من الفضة (أرميا 32: 9).
* نظام الأوزان: كانت الأوزان في العهد القديم تعتمد النظام البابلي، لكن بعض وحدات الوزن لم تكن تتناسب مع النظام البابلي. بالمقابل كان هناك أنظمة الوزن الفينيقية والمصرية واليونانية، لذلك أحيانًا لا يمكن تحديد الوزن بالضبط بما يُناسب أوزاننا اليوم لعدم تأكّدنا على أيّ نظام هو مؤسّس.
* وحدات الوزن: كانت تُصنع بأشكال متعدّدة منها الاسطواني والبيضوي والدائري وأحيانًا كانت قيمة الوزن تُحفر عليها. كانت الأوزان مصنوعة عادةً من الحجر، لكن اكتُشفت أيضًا أوزان من البرونز على هيئة أُسُود في مدينة نمرود في أشور. عملية البيع كانت مُربحة، لكن الساعين وراء الربح القبيح كانوا يغشّون في الأوزان، لذلك أوصي اليهودي ألاّ يكون في كيسه أوزان مختلفة كبيرة وصغيرة وكانت الوصيّة أيضًا أن لا يرتكبوا جورًا... في الوزن ولا في الكيل، (تثنية 25: 13؛ لاويين 19: 35).
* يذكر العهد القديم سبع وحدات وزن أساسية هي:
1. شاقل: ويتراوح وزنه حسب نوعه، الشاقل الخفيف (11 جرام) والثقيل (14 جرام). نفهم من معنى الكلمة أنه كان وحدة الوزن الأساسية، فكلمة "شاقل" من الفعل "شَقال" أي وَزَن (يشوع 7: 21).
2. مَنا: يعادل ستين شاقلاً أي نحو 700 جرام (نحميا 7: 71). نفهم قيمته بطريقة غير عادية من "عشرون شاقلا وخمسة وعشرون شاقلا وخمسة عشر شاقلا تكون مَنَّكم" (حزقيال 45: 12). المجموع هو ستون شاقلاً، لكن وفقًا لهذا التقسيم، يَظهر وجود وحدات وزن أُخرى.
3. بيقَع: (تك 24: 22؛ خر 38: 26) وتعني كَسْر (أي قِسم)، لذلك ترد أيضًا في الأصل العبري "نصف الشاقل" وهكذا يُترجم بالعربية (خروج 30: 15). يذكر الكتاب أيضًا رُبع الشاقل (1 صموئيل 9: 8) وثُلث الشاقل (نحميا 10: 32).
4. فيم: يُعادل ثلثي الشاقل وهو وزن تمّ اكتشافه في حفريات مدينة جازر قبل نحو قرن (1 صموئيل 13: 21. الترجمة العربية "حدود" جاءت قبل اكتشاف الفيم).
5. جيرة: تعادل 5% من الشاقل "والشاقل عشرون جيرة" (حزقيال 45: 12؛ خروج 30: 13). يظهر أن كلمة جيرة من كلمة "جرجير" العبرية أي حبّة والمقصود هو بذرة الخروب.
6. قسيطة: وحدة وزن قديمة لا تُعرف قيمتها (تكوين 33: 19؛ أيوب 42: 11).
7. كيكار: هي أكبر وحدات الوزن وتترجم وزنة وباليونانية "تالانتون" أي دائرة مما يُشير الى الشكل الدائري لوحدة الوزن والوزنة تُعادل نحو ثلاثة آلاف شاقل يمكن للقارئ المُدقّق حسابها "وفضة المعدودين من الجماعة مئة وزنة وألف وسبع مئة شاقل وخمسة وسبعون شاقلاً بشاقل المقدس. للرأس نصف نصف الشاقل بشاقل المقدس... لستّ مئة ألف وثلاثة آلاف وخمس مئة وخمسين. (خروج 38: 25). كان استخدامها واسعًا وبها دفع حزقيا الجزية لسنحاريب "فوضع ملك أشور على حزقيا ملك يهوذا ثلاث مئة وزنة من الفضة وثلاثين وزنة من الذهب" (2 ملوك 18: 14).
كانت هناك أوزان أخرى لم تُذكر في الكتاب المقدّس، أما ما ذُكر فهو لإرشادنا في معرفة وتقدير الأوزان وقيمتها لفهم أفضل لسرديات الكتاب المقدّس. من اللافت أن الكتابة الشهيرة التي سُطّرت على مُكلّس الحائط " منا منا تقيل وفرسين" (دانيال 5: 25) مكوّنة حرفيًا من ثلاث أوزان كانت موجودة آنذاك من الأكبر للأصغر وهي: منا- تقل(شاقل)- فرس.
*في كل نواحي حياة الإيمان نحن مدعوّون للسلوك بأمانة وبتدقيق "لأنّ موازين غش مكرهة الرب والوزن الصحيح رضاه"... ميزان حق ووزنات حق وإيفة حق وهين حق تكون لكم (أمثال 11: 1؛ لاويين 19: 36) .