الله هو إله العهد وإله الوعد، لأنه يُحب خليقته ويريد الأفضل لها، خصوصًا في الأمور الروحية والمصير الأبدي.
نقرأ في سفر التكوين عن عهد الله المقدس مع نوح بعد الطوفان، والعهد الذي قطعه مع إبراهيم، إذ وعده بأن جميع قبائل الأرض ستتبارك به. وقد تحقق هذا الوعد بمجيء المسيح من نسل إبراهيم، ليكون بركة لجميع أقاصي الأرض من خلال الخلاص الذي يقدمه يسوع المسيح.
الحياة الأبدية هي الأولوية في فكر الله لخليقته، ومن المفترض أن تكون هذه الحقيقة في صميم اهتمامنا. فبعد الموت لا يوجد ندم ولا طريق للرجوع، إذ يكون المصير إما حياة أبدية مع الله الآب القدوس وابنه يسوع المسيح مع جميع القديسين والأبرار، أو عذاب أبدي في بحيرة النار والكبريت.
نحن نتحدث عن الخلاص، والطريق الوحيد لهذا الخلاص الأبدي هو يسوع المسيح، لأنه هو وحده الطريق والحق والحياة، ولا يمكننا أن نأتي إلى الآب إلا من خلاله. اسم يسوع يعني "الله يخلص"، ولم يُرسِل الله ملاكًا أو نبيًا ليخلص العالم، بل أرسل ابنه الوحيد، يسوع المسيح.
في إنجيل يوحنا، الأصحاح الرابع، نقرأ عن لقاء المسيح بالمرأة السامرية، حيث أعلن لها يسوع أن الخلاص هو من اليهود. فما معنى ذلك؟
هل يعني أن الخلاص يقتصر على الأمة اليهودية فقط؟
أم أنه يتطلب منا اتباع الديانة اليهودية لننال الخلاص؟
أم أن علينا حفظ ناموس موسى لنخلص؟
نرى في الأناجيل كيف مدح الرب يسوع إيمان المرأة الكنعانية وقائد المئة. لم يكن أيٌّ منهما يهوديًا، بل كانا من الأمم، لكنهما أظهرا إيمانًا عظيمًا بالرب يسوع. حتى أن يسوع قال للمرأة الكنعانية: "عظيم إيمانك"، وعن قائد المئة: "لم أجد إيمانًا بمقدار هذا ولا حتى في إسرائيل!".
أعلن الرب يسوع للسامرية أنه لا توجد أهمية لمكان معين للخلاص، فلا أورشليم ولا السامرة ولا أي مكان آخر يمكنه أن يمنح الخلاص. كما أكد لها أن الماء الحي الحقيقي الذي يروي القلب لا يُؤخذ من بئر يعقوب، وأنه ليس الانتماء الديني أو العرقي هو الذي يخلص الإنسان، بل الإيمان القلبي الحقيقي بالرب يسوع المسيح وخلاصه العظيم الذي أكمله على الصليب.
نقرأ في الأناجيل كيف قاوم رؤساء الكهنة اليهود وقادة الشعب، وخاصة الفريسيين والصدوقيين، الرب يسوع. كما أعلن البشير يوحنا أن يسوع جاء إلى خاصته، وخاصته لم تقبله. ولكن كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أبناء الله، أي المؤمنين باسمه المبارك.
وأعلن يسوع أيضًا أن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في الملكوت، بينما يُطرح أبناء الملكوت خارجًا. وهذا أمر مرعب ومخيف، لأنهم رفضوا يسوع المسيح المخلص والرب.
عندما قال يسوع للسامرية إن الخلاص هو من اليهود، كان يؤكد أن المسيح المخلص سيأتي من النسل المبارك، من أيام آدم إلى سام، ثم إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وصولًا إلى يهوذا وداود الملك، ومن سلالة الملوك حتى يوسف والمطوبة مريم.
يهوذا كان الابن الرابع ليعقوب، الذي تغير اسمه إلى إسرائيل بعد اللقاء المبارك مع ملاك الرب. ومعنى اسم يهوذا هو "أحمد الرب"، لذلك على كل مؤمن عرف الله بصدق وقبل يسوع مخلصًا لحياته أن يحمد ويشكر الله على عطيته العظيمة التي لا يُمكن التعبير عنها بكلام، بل بالإعلان القلبي الصادق:
"كأس الخلاص أتناول، وباسم الرب أدعو."
اليوم، الدعوة موجهة للجميع: لليهود والأمم، للرجال والنساء، للفقراء والأغنياء. اليوم هو الفرصة لنقبل يسوع المسيح مخلصًا وسيدًا وربًّا على حياتنا، لكي نضمن خلاصنا وحياتنا الأبدية مع الله القدوس وابنه يسوع وجميع الأبرار. لنسبح ونبارك الله على عطاياه التي لا يعبر عنها، وأولها يسوع المسيح المخلص وروحه القدوس الذي يشفع فينا.
أم أننا ما زلنا نعتقد أن الخلاص محصور في أمة واحدة تحت السماء، وأنه حِكر عليها دون باقي الأمم والشعوب؟!
صلاتي أن ندرك بقلوبنا وأرواحنا أن الخلاص هو فقط بالإيمان بيسوع المسيح، وبعمله الكفاري الذي أكمله على الصليب، وبأن من يثبت حتى النهاية هو الذي سينال الخلاص.