ايها الأولاد، احذروا الأصنام الخفية!

التغيير الجذري الذي حدث في حياة يوحنا ويعقوب، ابني زبدي، بعدما تبعا الرب يسوع، يُظهر كيف تحوّلت شخصيتهما من روح الكبرياء والغضب إلى حياة مملوءة بالمحبة والحق. ومن خلال رسائل يوحنا، تتجلى دعوة إلهية واضحة لكل مؤمن بأن يحذر من الأصنام، ليس فقط تلك المادية، بل أيضًا التي تختبئ خلف العادات، والمظاهر، ومحبة الذات
06 ابريل - 10:26 بتوقيت القدس
ايها الأولاد، احذروا الأصنام الخفية!

نقرأ في الإنجيل عن حياة ابني زبدي، يعقوب ويوحنا، وكيف دعاهما الرب يسوع ليتبعاه ويتركا كل شيء.

لقد غيّر الرب يسوع حياة هذين التلميذين تغييرًا جذريًا، إذ نرى كيف ظهرت صفة المحبة في حياتهما، وهي الصفة التي يجب أن تظهر في حياة كل مؤمن حقيقي اختبر التوبة والرجوع إلى الله القدوس من كل القلب.

في القديم، طلب يعقوب ويوحنا (بمساعدة امهما) من الرب يسوع ان يجلسا عن يمينه وعن يساره في الملكوت. هذا الطلب يدل على حياة الكبرياء والتعالي على التلاميذ الآخرين.

كذلك نقرأ كيف طلبا من يسوع ان يصلوا الى الله لكي تنزل نار من السماء، لتحرق السامرة التي رفضت دعوة يسوع في البداية، لكن الرب يسوع انتهرهما لانهما لم يعرفا من اي روح كان هذا التفكير السلبي!

لكن في الاناجيل، نقرأ عن عمل الرب يسوع بحياتها، ويظهر هذا التغيير بشكل جلي في رسائل يوحنا الثلاثة، وخاصة الرسالة الاولى، حيث ذُكرت كلمة المحبة ومشتقاتها في هذه الرسالة 51 مرة، وكلمة الحق 15 مرة، كلمة الثبات 21 مرة، وكلمة ابن الله (يسوع المسيح) ذُكرت 23 مرة!

هذا دليل قاطع وواضح بتجديد حياة يوحنا، بعد اللقاء المبارك بيسوع المسيح، ورفقته حوالي ثلاث سنوات، والتعليم المبارك في رسائله عن المحبة والحق، وعن الثبات بالإيمان من خلال يسوع المسيح ابن الله.

لكن في نهاية رسالته الاولى، حذر يوحنا المؤمنين مُخاطبًا اياهم كأولاد، وهنا نسمع صوت ودعوة الله الآب القدوس لكل واحد منا، بان نحذر الاصنام!!!
وعن اي اصنام يتكلم الرسول المبارك؟
هل فقط يذكرنا بما علم موسى في خروج 20 بان لا نصنع تمثال او صورة ما لان الله إله غيور، ولا يقبل بهذه العبادة الوثنية، ولأنه خاطب شعبه القديم بصوت من السماء خلال عبده موسى، والشعب لم ير صورة، بل سمع صوتًا.

ما احوجنا بهذه الايام ان نسمع هذا الصوت، صوت الآب السماوي الذي ما زال يحذر من كل عبادة وثنية، وليس فقط التماثيل والصور، كذلك الوصايا على فم عبد الله موسى، وصوت يوحنا الحبيب بالروح القدس:
" ايها الاولاد، احفظوا انفسكم من الاصنام ".

انها وصية قديمة جدًا، لكنها تتجدد كل يوم بعمل وسلطان الروح القدس في قلوبنا، لكي نحذر كل عبادة غريبة مثل عبادة الاوثان والاصنام والصور!

نقرأ في كتاب التكوين كيف سرقت راحيل اصنام لابان، وهذا امر مُخزي ومُخجِل، لان دعوة راحيل كدعوة راعوث وابراهيم، والدعوة لنا اليوم بان نترك الماضي المرير، ان نترك عادات وتقاليد غير نافعة لحياتنا الروحية والنمو في حقل الرب، حتى لو كانت عادات قد ورثناها من الآباء والاجداد، ان كانت لا تمجد الرب الاله!

ما احوجنا في هذه الايام بان نترك عادات وتقاليد، بل واقول اصنام كثيرة في حياتنا، بان نعتبر ان عائلتنا واهلنا وعشيرتنا هي الافضل والاحسن على الاطلاق، او ان نتمسك ببعض الامور في الحياة الاجتماعية التي اصبحت ثقل كبير على الجميع، مثل المصروفات المبالغ بها وقت الاعراس، ومدة هذه الاحتفالات التي من الممكن ان تستمر حتى اسبوع كامل!

أحد الامور التي من الممكن ان تصبح اصنام في حياتنا هي محبة الذات، الافراط والمبالغة بالعناية بالذات والجسد، مثل الإسراف المُبالغ في شراء الملابس، او اللباس بدون حشمة الذي من الممكن ان يسبب عثرة للآخرين، وخاصة في فصل الصيف وفي شواطئ البحار وبرك السباحة.
كذلك الافراط في استخدام المكياج او العطور وما شابه، الاي مت الممكن ان تكلف مبالغ كثيرة.
كذلك الافراط في ممارسة الرياضة البدنية، او الاكل وحتى شرب الخمر، المبالغة في مشاهدة الافلام وقضاء الوقت الكثير امام الشاشات وخاصة التيليفونات!!!

هناك اصنام أخرى مثل اعتبار شريك الحياة، الزوج او الزوجة هو الافضل على الاطلاق، او ان اولادنا هم الافضل ولا مثيل لهم، كذلك "المبالغة" في محبتنا لعملنا او حتى عِلمنا لدرجة اننا نحتقر الآخر، كذلك الافراط في بذل المجهود لشراء بيوت السكن، او السيارات العديدة او حتى الاراضي.
ان أحد اكثر الامور خطورة في ايامنا هي محبة المال، التي اذ ابتغاها قوم، زاغوا عن الايمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة...
لأنه علينا ان نختار، اما ان نعبد الله، او المال!

نقرأ ايضًا في سفر دانيال عن اصدقائه، عزريا وحنانيا وميشائيل، الذين كانوا في السبي في بابل، وأعطوهم اسماء اخرى وهي شدرخ وميشخ وعبدناغو، هم الذين رفضوا بان يسجدوا لتمثال نبوخذنصر الملك البابلي آنذاك، وكانوا امناء على الدعوة ومحبة إله اسرائيل، حتى انهم كانوا على استعداد ان يموتوا من اجل ذلك، لكن الله القدير أنقذهم اذ أرسل لهم في آتون النار الشبيه بالآلهة، يسوع ابن الله الذي حفظهم سالمين في آتون النار.
صلاتي ان نملك هذا الايمان العظيم، ايمان دانيال، ميشائيل، عزريا وحنانيا، وبان لا نساوم بحياتنا الروحية ودعوة الله لنا، بان نتقدس بالكامل لله، جسدًا، نفسًا وروحًا...

علينا ان نحذر جميعًا كل صنم واي نوع عبادة روحية غريبة، التي لا تمجد الله الآب القدوس، وابنه يسوع المسيح والروح القدس.
انا لا اقصد فقط عبادة التماثيل والصور، لان هذه الامور اصبحت واضحة جدًا لنا، حتى في مدارس الاحد يُدرِك الاطفال هذه الامور، وصلاتي ان نرجع نحن مثل الاولاد في بساطة الايمان، لكي ندخل ملكوت الله.
لذلك علينا ان نحذر قبل كل شيء صنم "الانا"، او بالاحرى صنم "نحن"، باعتبار ان كنيستنا او طائفتنا هي الافضل على الاطلاق، والآخرين هم مهرطقين، بل وانبياء كذبة!
او حتى الاعتبار ان تعاليمنا هي الحق المطلق، ومن لا يتبع تعاليمنا فهو في ضلالة!
كذلك اعتبار الخادم او الكاهن او القسيس في كنيستي هو الافضل على الاطلاق، والآخرين هم انبياء كذبة ومُضلين!

أخوتي، انها ايام يجب علينا ان نستيقظ من فخ ابليس الذي نصبه لنا جميعًا، باعتبار اننا الافضل والاحسن، والآخرين هم المهرطقين والعدم!

ليتنا نتعلم من تجربة هارون المريرة، الذي سقط في فخ الشعب القديم، بل فخ ابليس الذي نصبه له ولشعبه، بان يصنعوا لهم عجلًا ذهبيًا.
من الممكن اننا لا نصنع في هذه الايام عجلًا ذهبيًا ماديًا، لكن هذا "العجل الذهبي" من الممكن ان يكون كل عبادة لاي شخص او عادة او ممتلكات، التي من الممكن ان تؤدي الى فتور محبتنا لله الآب القدوس، وابنه يسوع المسيح!
لذلك علينا ان نسمع ونُطيع دعوة يوحنا رسول المحبة، بان نثبت في محبة الله والحق الالهي، بالايمان بابن الله يسوع المسيح، هذا الصوت وهذه الدعوة السماوية التي ما زالت تطن في قلوبنا وآذاننا:
" ايها الاولاد، أحفظوا انفسكم من الاصنام ".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا