جذور صلب المسيح – المشهد الثّاني

ليس الموضوعُ تحميلَ الله البشريةَ أخطاءً لم ترتكبها- حاشا! إنما البشرية كلّها ورثت طبيعة آدم الخاطئة، بعصيان أوامر الله، فتسلل فعلُ الشّرّ إلى نسل آدم أجمع
07 مايو 2015 - 16:35 بتوقيت القدس

الناقد: إن كانت رحمة الله واسعة إلى أبعد الحدود فلماذا تتحمّل البشريّة كلّها خطيئة آدم؟

المراقب: ليس الموضوعُ تحميلَ الله البشريةَ أخطاءً لم ترتكبها- حاشا! إنما البشرية كلّها ورثت طبيعة آدم الخاطئة، بعصيان أوامر الله، فتسلل فعلُ الشّرّ إلى نسل آدم أجمع، ابتداءً بقايين، ابن آدم الأوّل، إذ قتل أخاه هابيل غيظًا. وكُلٌّ مِن الغيظ والقتل… خطيئة. وأجرة الخطيئة موت أبدي. لذا لزم فداء البشرية من أجل الخلاص الأبدي فالعودة إلى جنّة الله الطاهرة. هذا الخلاص عجز الإنسان عن تحقيقه مهما اتّقى الله وعمل صالحًا، لأن الإنسان خاطئ بالطبيعة منذ فجر البشريّة. إنّما الله هو من صنع الخلاص للإنسان: {لأنكم بالنعمة مُخلَّصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم. هو عَطيَّة الله}+ أفسُس\2 فإذا ما عدت إلى سِفْر التكوين\3 تجد أنّ آدم وحوّاء {انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانانِ. فخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ} فلم تكن المآزر التي صنعا بأيديهما من اختيار الله! ربّما رأى الله أنها لا تسترهما أو لا تنفع، لذا {صَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وأَلْبَسَهُمَا} وأمّا الدَّمُ في الكتاب المقدَّس فهو علامة فداء الإنسان؛ ففي العهد القديم- لاويّين\17 {لأَنَّ نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ، فَأَنا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ} كما ورد في العهد الجديد: {بدُونِ سَفْكِ دَمٍ لا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!} والمزيد في الرسالة إلى العبرانيّين\9 وفكرة الفداء التي شَرَّعها الرَّبّ في العهدين عكست نوعًا من التوازن بين قضاء الله العادل وبين رحمته الواسعة. ولم يكن فداء العهد القديم بدماء كباشٍ وثِيرَان إلّا تمهيدًا للفداء الحقيقي بدم الإنسان ورمزًا له، لأنّ الحيوان لا يَعدِلُ الإنسان بالقيمة! فليس دمُ الحيوان كافيًا لفداء الإنسان تكفيرًا عن ذنوبه ولا وافيًا مهما كبر حجم الذبيحة ومهما زِيْدَ عددُ الذبائح. هذا ما يخصّ إنسانًا واحدًا فحسب، فما بالُك بفداء البشريّة كلِّها؟ لكنْ سبق لغيري تناول حتميّة الفداء وشروطه فما من داعٍ لإسهاب وإطناب ولا بلاغة في التكرار. وإليك التفاصيل عبر الرابط التالي وغيره:
http://alkalema.net/feda/feda2.htm

هلمّ بنا الآن إلى رواية قايين وهابيل لكي ترى كيف تسلَّلَت الخطيئة إلى قايين.

المشهد الثاني- من تكوين\4

صوت الرَّبّ الإله- لِقايِين: أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟

قايين: لا أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنا لأَخِي؟

صوت الرَّبّ: مَاذا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ.

قايين: ذَنْبي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ.

الناقد: لماذا قتل قايينُ هابيلَ أخاه؟

المراقب: لأنّه ورث طبيعة أبيه الخاطئة {فاغتاظ جدًّا} حينما عَلِمَ أنّ الله رَضِيَ بذبيحة هابيل الذي كان رَاعِيًا لِلغَنَم، بينما لم ينظر الله إلى أثمار الأرض التي قدَّمَها قايين الذي كان عامِلًا في الأرض.

الناقد: لماذا رَضِيَ الله بالذبيحة دون أثمار الأرض؟ يبدو لي أنّ الله يحبّ سفك الدم.

المراقب: هذا ما يبدو لك، لأنك تنظر إلى العهد القديم بمعزل عن ضوء العهد الجديد. وقد سبق لي القول: من أراد أن يفهم شيئًا ما في العهد القديم فلا بدّ من دراسة العهد الجديد! وإلّا لما استطاع المسيحيّ والمسيحيّة أن يفهما العهد القديم على حقيقته. ودعني أضرب لك مثالين لتبسيط الصورة؛ الأوّل: ترى في وثائقيّات الجريمة الغامضة اهتداء المحقّقين إلى المتّهم من آثار جريمته. فالنتائج التي حصلوا عليها بعد شهرين من حصول الجريمة أو سنتين أو عشرين سنة عكست ما حصل في الماضي. والثاني: كنت مع وفد جامعي في زيارة إلى ضَيعة (قرية صغيرة) لبنانيّة برفقة أستاذ الجغرافيا. فاستوقفنا الأستاذ عند حافة جبل، يعلو مئات الأمتار عن سطح البحر، غاب ارتفاعه عن ذهني الآن، ولفت انتباهنا إلى أصداف حلزونات محشورة في صخور الجبل بمسارات عرضيّة. قال: هذه الأصداف تدلّ على أنّ الإرتفاع الذي وصلنا إليه اليوم كان مغطّىً بالمياه منذ آلاف السنين، قبلما تبخّرت المياه فنزل مستوى سطح البحر إلى ما ترون الآن.

لذا فقد رَضِيَ الله بالذبيحة التي قدَّمَ هابيلُ لأنَّ الله قرّر أن يُقدِّم ابنه الوحيد، في ما بعد، ذبيحة كفّاريّة عن خطيئة آدم وموروثاتها. ولا شكّ في أنّ هابيل عَلِمَ بخطيئة أبويه التي بسببها طُرِدا من جنّة الله. فأراد تخليص نفسه بهذه الذبيحة. وحاشا الله أنْ أحبّ سَفْكَ الدم عبثًا.

الناقد: هل ظنّ هابيل أن قربانه يُرضي الله؟

المراقب: لا شكّ في أنّ هابيل ظنّ أنّ قربانه يُرضي الله إذ قدَّم أحسن ما عنده في حدود قدرته وإمكانيّته المادّيّة. ورُبّما ظنّ قايين أيضًا أنّ قربانه يُرضي الله، لكنّ الله اختار الذبيحة لأنها ترمز إلى فداء البشريّة بابنه الوحيد أي السّيّد المسيح. وقد استنتجتُ هذه الفكرة من امتحان الله إبراهيمَ؛ إذ أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ الْكَبْشَ الذي هيّأهُ اللهُ له وأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ إِسْحَاقَ+ تكوين\22 لعلّك أدركت أنّ هذه الحادثة رمزت إلى فداء المسيح، الذبيحة الحقيقية والوسيط الوحيد لمصالحة الإنسان مع الله. فبالوسيط إبليس انفصل الإنسان عن الله. وأمّا بالمسيح فقد تصالح الإنسان مع الله وعَمّتِ النعمةُ من جديد وحلّت البَرَكة.

الناقد: قلتَ {ابنه الوحيد} لكنْ قيل أنّ الله (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) فما رأيك؟

المراقب: أُفٍّ! كيف يجوز القول (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) لأنّ الصحيح لغويًّا هو تقديم الفعل الثاني أمام الأوّل، أي: لَمْ يُولَدْ ولَمْ يَلِدْ، لأنّ الإنسان يُولَدُ أوَّلًا مِن أَبَوَيْهِ ثُمّ يَلِدُ الأولادَ في ما بعد.

الناقد: لماذا سَكَتَ النقّاد حوالي 1400 سنة على هذه الإشارة في رأيك؟

المراقب: ما قرأتُ في كتاب ما هذه الإشارة. وأمّا النقّاد فلم يسكُتوا لكنْ أُسكِتوا من إسلاميّين، رُبّما عَمَلًا بالقول: (لا تسألوا عن أشياءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ…) في وقت ظنّ الإسلاميّون عبر التاريخ أنّ نقد القرآن يعتبر مسبّة وشتيمة وطعنًا وقَدحًا وذمًّا حتّى إذا قصد الناقد الاطّلاع والاستفهام. فما تركوا مَن ظنّوا به ناقدًا على حاله أو على قيد الحياة، ولا سيّما الذي سمحت لهم الظروف بالوصول إليه، ابتداءً بالمغدور كعب بن الأشرف والقائمة طويلة. فلو كان الإسلاميّون على حقّ لأجابوا على أيّ سؤال عمّا في القرآن بأدب واحترام ومودّة، بدون أحكام مسبَّقة على الناقد ودون إرهابه. فماذا يمنعهم من الاقتداء بأخلاق المسيحيّين وسائر العالم المتمدن؟ وأمّا اليوم فإنْ لَجَموا واحدًا من البشر ينطق الحَجَرُ والشَّجَر. وإمّا اضطهدوا ناقدًا في مكان ما وناقدة يخرج إليهم مئة من أماكن متفرّقة. وإذا ما قتلوا مرتدًّا عن الإسلام ومرتدّة فقد يرتدّ عنه آلاف.

الناقد: حسنًا، ما معنى {ابن الله} بغضّ النظر عن الأسبقية؟

المراقب: إنّ الكتاب المقدَّس واضح المعاني لمن يريد المعرفة. وتسمية المسيح {ابن الله} جاءت من الله بواسطة الـمَلَاك (لوقا\1) ولم تُطْلَقْ من إنسان! والمعنى هنا: كلمة الله، المنبثق من الله، الذي من طبيعة الله، الذي من جوهر الله. لعلّك تدرك الفرق في اللغة ما بين معنى البُنُوّة حَرفيًّا وبين معناها مَجازيًّا؛ كقولك: ابن الرافدين وبنت النيل وأبناء الأصول وبنات الضّادّ (اللغة العربيّة) وتاليًا وَرَدَ (ابن السَّبيل) في القرآن نفسه. فلماذا يَكيل الإسلاميّون بمِكيالين؟

عِلمًا أنّ صفة "ابن الله" لم ينفرد بها المسيح في الإنجيل! فقد دُعِيَ آدَمُ أيضًا ابنَ الله (لوقا\3) والمعنى هنا: آدم الذي خلقه الله (تكوين\1) أو جَبَلهُ أو صَنَعَه. فلماذا لا تظُنّ أنّ آدَمَ وُلِد من علاقة جنسيّة بين الله وبين التراب؟ وقُلْ لي بربِّك الذي تعبد، ما المصدر الأصلي للمعلومة القائلة "إن الله خلق آدم" سوى الكتاب المقدَّس؟ أضِف إلى هذا قولَ يوحنّا المعمدان: {إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ}+ متّى\3 ولوقا\3 فهل ظننت أنّ الله يُقيمُ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ مِن علاقة جنسيّة بين الله وبين الحجارة- حاشا الله!

لعلّك تلاحظ أنّ آدم مخلوق غير مولود، أمّا المسيح فمولود غير مخلوق: {فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ}+ يوحنّا\1 وقد قال المسيح نفسه: {أَنا وَالآبُ وَاحِدٌ}+ يوحنّا\10 وقال أيضًا: {لا تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ باللهِ فَآمِنُوا بي… أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنا في الآبِ والآبَ فِيَّ؟ الْكَلامُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا}+ يوحنّا\14 والمقصود بالآب: الذّات الإلهيّة.

كذلك دُعِيَ المؤمنون بالله أولادَ الله! والمعنى هنا: جميع المؤمنين بالله من المولودين بمعمودية الروح القدس، أي جميع المولودين بالمسيح ولادة جديدة؛ بخَلع الإنسان القديم، وارث طبيعة آدم الخاطئة، ولبس الإنسان الجديد الـمُخَلَّص بدم المسيح المسفوك على الصَّليب: {إلى خاصَّتِهِ جَاءَ، وخاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، ولا مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، ولا مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ}+ يوحنّا\1
وبالمناسبة؛ فإنّ الآبَ قائمٌ بذاتِه ناطقٌ بكلمته (الإبن) حَيٌّ بروحه. والثلاثة هم واحد وهذا هو معنى الثالوث الإلهي. فمَن حاول تجريد الله من عقله ومن روحه فهو إمّا جاهلٌ أو مغفَّل أو جاحد.

وفي رأيي أخيرًا أنّ الذي يريد تأسيس دين جديد أو اختراع بدعة ما فهذا من حقِّه الذي ما تزال تكفله وثيقة حقوق الإنسان، لكن بدون افتراء على عقائد الآخَرين وتاليًا تكفيرهم وتاليًا تحريض أتباعه على غزوهم واحتلال أرضهم وقتل رجالهم وسبي نسائهم وأطفالهم وسلب ممتلكاتهم! وإلّا فعليه أن يتقبَّل دفاع الآخَرين عن أنفسهم وعن مقدّساتهم، في وقت ولّى زمن السكوت على الظّالم والمفتري أيًّا كانا! وولّى زمن السكوت على الظُّلم والكذب والافتراء والتدليس والتعتيم والتعدّي على حقوق الآخَرين وعلى حرّياتهم في العيش بكرامة ورُقيّ وتقدُّم كما يريدون، إذ حلّ زمن التصدّي والرَّدع والرَّصد الدقيق والاتّصال السريع وتلقّي المعلومة بالصوت والصورة بأسرع الوسائل وبأكثرها تطوّرًا.

الناقد: قلتَ (أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ إِسْحَاقَ) وأمّا في تفسير الإمام الطَّبَري سورةَ الصّافّات فإنّ الإبن إمّا إسماعيل أو إسحاق. فما دليلك على أنّه إسحاق؟

المراقب: قطعًا الدليل من الكتاب المقدَّس! فلا أريد التدخّل في روايات القرآن نظرًا لغموض اكتنفها وتأويلات لحقتها واختلاف في التفسير، إنما الذي يعنيني تهجُّم مؤلِّف القرآن على عقيدتي بدون وجه حقّ وبدون دليل منطقي والأمثلة كثيرة. فمَن حَظِيَ بكنوز الكتاب المقدَّس فلا شكّ في أن ينآى بعينيه عن النظر في أقاويل تنقصها الرَّصَانة والدِّقَّة وعن التأثُّر بشبهات حيكت ضدّ الكتاب المقدَّس. وقد قال السَّيِّدُ المسيح له المجد بصراحة ووضوح: {اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ} متّى\24 ومرقس\13 ولوقا\21 وورد في رؤيا يوحنّا\22 {هَا أَنا آتِي سَرِيعًا. طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذا الْكِتَاب} وقد حَذّر الوحي في الأصحاح نفسِه كُلَّ مَن يحاول أن يَحْذِفَ مِنْ أَقوالِ كِتَاب هذِهِ النُّبُوَّةِ وكلّ مَن يحاول أن يَزِيد عَلَيها! وورد في رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس\3 {كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ…} لذا فإنّ الكتاب المقدَّس معصومٌ من التحريف سواء بنقصٍ ما أو زيادة أو اختلاف. فلا مَحَلَّ من الإعراب للظنون من بعده ولسوء الفهم والهرطقات ومحاولات التزييف وشبهات التحريف.

فهلُمَّ بنا الآن إلى قصّة إبراهيم مع ابنه إسحاق.

رمز الفداء- من تكوين\22

صوت الله- لإِبْرَاهِيمَ: خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، واذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُناكَ مُحْرَقةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ.

إِبْرَاهِيمُ- لِغُلاَمَيْهِ: اجْلِسَا أَنْتُمَا ههُنا مَعَ الْحِمَارِ، وأَمَّا أَنا والْغُلاَمُ فنَذهَبُ إِلَى هُناكَ ونسْجُدُ، ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا.

إِسْحَاقُ- لإِبْرَاهِيمَ: يا أَبي!

إبراهيم: هأَنَذا يَا ابْنِي.

إِسْحَاق: هُوَذا النَّارُ والْحَطَبُ، ولكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقة؟

إِبْرَاهِيم: اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقةِ يَا ابْنِي…

صوت مَلاك الرَّبّ- لإبراهيم: إِبْرَاهِيمُ! إِبْرَاهِيمُ!

إِبْرَاهِيم: هأَنَذا.

مَلاك الرَّبّ: لا تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ ولا تَفْعَلْ بِهِ شيئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي.

المراقب: {فرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغابَةِ بقَرْنَيْهِ، فذهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ} وإِذا- هنا: حَرْفُ مُفَاجَأَة. والكَبْشُ: ذَكَرُ الخروف.

مَلاَكُ الرَّبِّ مرّة ثانية- لإِبْراهِيم: بِذاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي.

المراقب: {ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى غُلاَمَيْهِ، فقامُوا وذَهَبُوا مَعًا إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ. وسَكَنَ إِبْرَاهِيمُ فِي بِئْرِ سَبْع} فلعلّك لاحظتَ أنّ الله قد أقسم بذاته! إذ لم يَرِدْ في الكتاب المقدّس أن الله أقسم بأيٍّ من مخلوقاته، لأنّ منزلته أسمى من منازلها جميعًا. وها أنّنا نُقسِم بالله، عند الضرورة، لأنّ الله أسمى منزلة مِنّا.

الناقد: كيف تفسِّر قول الله {خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ إِسْحَاقَ} ومعلوم أنّ إسماعيلَ وُلِدَ لإبراهيمَ قبل إسحاق؟

المراقب: أوّلًا؛ كان إسحاق في نظر الله هو الإبن الوحيد إذ به دُعِيَ نَسْلٌ لإبراهيم (تكوين\21) أمّا إسماعيل فمنذ البداية قد أخطأ إبراهيم إلى الله في إنجابه من هاجَرَ جارية سارة، إذ لم يأخذ من الله إذن الزواج بها للدخول عليها، إنّما تزوّجها سَماعًا لقول سارة امرأته. وكان اسمُ إبراهيم: أبرام. واسم سارة: ساراي- {فأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا، مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ في أَرْضِ كَنْعَانَ، وأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ. فَدَخَلَ عَلَى هَاجَرَ فَحَبِلَتْ...}+ تكوين\16

ثانيًا؛ كان إسحاقُ إبنَ الموعد: {وقالَ إِبْرَاهِيمُ ِللهِ: لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ! فقال اللهُ: بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنا أُبَارِكُهُ… وأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَة. وَلكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ فِي هذا الوقتِ في السَّنَةِ الآتِيَة}+ تكوين\17

ثالثًا؛ ورد في تكوين\21 تأكيد على أنّ الإبن الذي يرث إبراهيم هو إسحاق، إذ قالت سارة لإِبْرَاهِيمَ: {اطْرُدْ هذِهِ الجَارِيَةَ وابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ هذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ} وقد أكّد الله على كلام سارة فقالَ لإِبْرَاهِيمَ: {فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا، لأنّ بإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ} وواضحٌ أنّ الله أيَّدَ سارة في إطلاق صفة {ابْن الجَارِيَة} على إسماعيل. عِلمًا أنّ من المقرَّر أن يَكُون إسماعيلُ {إِنْسَانًا وَحْشِيًّا}+ تكوين\16

الناقد: هل يرمز إسحق إلى المسيح؟

المراقب: كلّا، إنما يرمز الكبشُ الذَّبيح إلى المسيح الفادي، بينما يرمز إسحاق إلى الإنسان المَفديّ والذي يمثّل البشريّة كلّها.

الملاك يوقف ابراهيم ويمنعه من تقديم اسحق ذبيحة

في المشهد التالي: المسيح بين كهنة اليهود وبيلاطس وهيرودس.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. ابن المسيح 07 مايو 2015 - 15:52 بتوقيت القدس
شكرا اخ رياض الرب يبارك شكرا اخ رياض الرب يبارك
وصنع الرب الاله لادم وامراته اقمصة من جلد والبسهما ...................... لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الابدية. 1) قال السيد المسيح" "ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة"