وصف الخوري يوسف داود (أحد مترجمي الكتاب المقدَّس إلى العربية الصادر سنة 1875) متّى\ الأصحاح السابع بأنّه فصل ختام الموعظة على الجبل، مركّزًا على الآيات التالية: 1 النهي عن الدينونة الباطلة 6 إعطاء القدس للكلاب 7 الثقة في الصلاة 12 جوهر الشريعة 13 الباب الضيّق 16 الحكم من الأثمار 24 البنيان على الصخرة 26 البنيان على الرمل. فإذا صحّ هذا الوصف فإن موعظة الجبل لم تُختَمْ بعد ولن تُخْتمَ، لأنها صالحة في كل زمان وكلّ مكان، شأنها شأن الإنجيل كُلِّه. فمثالًا على الاقتداء بجوهر الشريعة؛ حين سألتُ صديقًا أوروبيًّا لادينيًّا عن سرّ احترامه الغرباء واللاجئين، من أمثالي، أجاب فورًا بالقول: عامل الناس كما تحبّ أن يعاملوك (ملخّص جوهر الشريعة المدوَّن في متّى 7: 12 وفي لوقا 6: 31) وجوابه يعني أن جذور الثقافة الأوروبية ما تزال حيّة وستبقى، حتّى لدى الشريحة غير المتديّنة حاليًّا، لأنّ هذه الجذور ممتدة إلى الإنجيل. فالإنجيل قلب الثقافة الغربية النابض ومنهلها العذب. ومن ثمار ثقافة الغرب: قبول اللاجئين، على رغم اختلاف العِرق والعقيدة والاتجاه السياسي والمستوى الطبقي وغيره.
وقد أخبرني صديق مقيم في هولندا أن عشرة آلاف هولندي تطوّعوا مؤخَّرًا لخدمة اللاجئين. وفي الجوار الألماني؛ استنكر عدد من البائسين الجميل الأوروبي بمداخلات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لعلّ أبرزها هو (أن ألمانيا استقبلت اللاجئين لأنها بحاجة إلى الأيادي العاملة) فواضح أنّ هؤلاء مسلمون متعصبون بدون وجه حقّ، حاولوا إسقاط تقصير المسلمين عمومًا والعرب خصوصًا إزاء اللاجئين، على دول الغرب، المنتعشة اقتصاديًّا منها والمتسامحة ومن رُعاة حقوق الإنسان، ولا سيّما ألمانيا الحديثة.
أمّا الرد عليهم ببساطة فيمكن اختصاره بعدد من النقاط، ومنها التالي:-
1. هل سمعتم أن ألمانيا فتحت باب اللجوء لأحد عبر سفاراتها، أيًّا كان سبب اللجوء؟ لكن للمقيم على أرضها، بصورة غير مشروعة، الحق في طلب اللجوء.
2. هل سمعتم أنّ ألمانيا بحاجة إلى عُمّال وفلّاحين من خارج أرضها؟
3. هل طلبت ألمانيا، التي تعدادها مقدَّر بحوالي 82 مليونًا (حتّى سنة 2014) ومساحتها حوالي 357 ألف كم مربع، إلى دولة ما، مهاجرين إليها ليشغلوا المناطق الخالية من مساحتها وإن كانوا من خبراء التكنولوجيا؟ بل ألمانيا من الدول المصدّرة التكنولوجيا خارجًا.
4. هل حَلّت ألمانيا أزمة البطالة لديها ووفّرت جميع سبل العيش الكريم للعاطلين عن العمل، أم أنّ فقراء شعبها ما يزالون يحلمون بالعيش في مستوى معيشي أفضل وأن طبقات من الشعب ما تزال تعاني من ثقل الضرائب المفروضة عليها؟
5. لنفترض جدلًا أن ألمانيا ستحتاج إلى الأيادي العاملة بحلول سنة 2017 فهل ستفضّل المهاجرين المسلمين، ذوي الثقافة الغريبة عن ثقافتها، أم مهاجرين من دول فقيرة نسبيًّا، من ذوي الجذور الثقافية غير الإسلامية في الأقلّ؟ لا شكّ عندي في أنها ستطلب مهاجرين غير مسلمين، نظرًا لانكشاف حقيقة الإسلام لديها؛ بفضل صور داعش، التي تميزت بتقنية عالية، وبفضل مرتدّين عن الإسلام.
6. هل ستتقبّل ألمانيا في المستقبل أخلاقًا منحرفة عن أخلاق شعبها أم أنّ عيون استخباراتها، المعروفة بدقّتها، ستبقى مفتوحة 24\24 أمام الإرهابيّين؟
7. هل تتوق ألمانيا في المستقبل إلى رؤية أشكال شبيهة بالعنصر البشري، إلّا لإجراء اختبارات علمية وإنتاج أفلام سينمائية؟ أشكّ.
8. هل يطمئنّ المواطن الألماني، الآن وفي المستقبل، بالعيش في وسط اجتماعي ذي خلايا إرهابية نائمة وقنابل إرهاب موقوتة؟ قطعًا لا شكّ.
في ما تقدّم غيض من فيض الإسلام الذي قدّمته داعش، وسائر الفصائل الإسلامية الإرهابية، للعالم المتمدّن على طبق من ذهب. عِلمًا أنّ ما تقدَّم مكتوب من وجهة نظري. ورُبَّ ساذج يعترض قائلًا وما أكثر السُّذّج: (ألم يكن هتلر وموسوليني وستالين وهاري ترومان وغيرهم مسيحيين؟) والجواب باختصار:
1. لماذا تتهرب من النقد الموجَّه ضدّ الإسلام، بل تحاول رمي الكرة في ملعبي؟ ومع هذا 2. نعم، كانوا، لكنّهم باتوا مسيحيّين بالإسم فقط! إذ انحرفوا عن تعليم الإنجيل: المحبة والرحمة والسلام والتسامح والتواضع... فكان ما فعلوا من ثمار ذلك الإنحراف.
أمّا الإسلاميّون، من تكفيريين وإرهابيّين وغزاة صعاليك، فإنّ تعاليم الإسلام، التي يرفضها كل عقل سليم ويتَنَزَّه عنها، ولا سيّما الخارجة من أفواه شيوخه من ذوي الصدور المريضة، هي دافع الإسلاميّين الفعّال وساري المفعول إلى أجل غير مسمّى، سواء المدوَّن منها في القرآن وفي الأحاديث الصحيحة وفي السُّنّة المحمّديّة. ونصوص الإرهاب الإسلامية ما تزال محفوظة وَرَقِيًّا والكترونيًّا. وقد سبق أنْ ضربت أمثلة عدّة وأجبت على اعتراضات كثيرة.
ورُبّ متسائل يجزم بأنّ كاتب هذه السطور حاقد على الإسلام والمسلمين. والجواب: نعم؛ حاقد على الإسلام، لا المسلمين، عن علم بتعاليمه الإرهابية التي أكّد عليها فقهاؤه وافتخر بها بعض شيوخه. فلم يحقد من فراغ، لكنّه يرثي لحال جميع المسلمين، لأنهم في نظره ضالّون ومساكين عقل. لذا يتمنّى لهم الهداية بنور المسيح، لأنّ مَن قرأ الإنجيل اكتشف فرقًا عظيمًا ما بين تعاليمه، السامية بما تعني الكلمة، وبين غيرها.
إشارات الأصحاح السابع
نجد في قول المسيح {كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنا، وبِاسْمِكَ أَخْرَجْنا شَيَاطِينَ، وبِاسْمِكَ صَنَعْنا قُوَّاتٍ كَثِيرَة؟ فحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ}+ متّى 7: 22-23 إشارة إلى آية المزمور 6: 8 بحسب ترجمة ڤان دايك.
وفي تفسير القمّص تادرس يعقوب: [يحدّثنا السيّد عن يوم مجيئه الأخير، حيث فيه يلتقي مع الأشرار لا كعريس مفرح بل كديّان مرهب، لا تشفع فيهم صلواتهم الطويلة الباطلة، ولا كرازتهم باسمه، ولا إخراجهم الشيّاطين وصنعهم قوات باسمه... فهو لا يعرفهم لأنهم فعلة إثم. إنّما الله يعرف أولاده وخدّامه المقدَّسِين، ولا يعرف الأشرار فَعَلة الإثم. لهذا؛ عندما سقط آدم في الخطيّة سأله الله: أين أنت؟ وكما يقول القدّيس جيروم: (كان الله يعرف أن آدم في الجنّة، ويعلم كل ما قد حدث، لكنّه إذ أخطأ آدم لم يعرفه الله، إذ قال له: أين أنت؟ كأنه لا يراه، لأن آدم اعتزل النور الإلهي والبِرّ، فصار تحت ظلال الخطيّة وظلمة الموت) وعلّق القدّيس أغسطينوس على قول السيد: {لا أعرفكم} هكذا: (لا أراكم في نوري، في البرّ الذي أعرفه) فالله لا يرانا في نوره عندما نطيل الصلوات باطلًا أو نكرز باسمه أو نصنع قوّات، إنما يرانا حينما نحيا معه وبه ونسلك طريقه. وفيما يلي بعض تعليقات للآباء في ذلك: (إنهم يتعجّبون لأنهم يعاقَبون مع أنهم صنعوا معجزات، أمّا أنت فلا تتعجّب لأن المواهب كلها إنّما أُعطِيَتْ لهم هبة مجّانيّة لم يساهموا فيها من جانبهم بشيء، لذا فهم يعاقَبون بعدل، إذ هم جاحدون مَن أكرمهم... لِنَخَفْ أيّها الأحبّاء ولنهتمّ بحياتنا جدًا فلا نُحسب أشرارًا لأننا لم نصنع معجزات الآن. لأن المعجزات لا تفيدنا في شيء كما أن عدم صنعها لا يضرّنا، إنّما نهتم بكل فضيلة)...] انتهى.
واقتطفت من تفسير القس هنري أ. أيرونسايد (1) بتصرّف لغوي: [إن الاعتراف بالشفاه فحَسْب لا فائدة منه إمّا كان القلب والحياة غير خاضعين لكلمة الله. إننا لا نخلص بأعمالنا، بل الأعمال الصالحة هي مقياس صدقنا وحقيقيّتنا. مَن يُولَد من الله سيبتهج بإطاعة إرادة الآب (أفسس 2: 8-10) قد يكون هناك الكثير من الخدمة التي تظهر ناجحة ظاهريًّا عند أناس لا يعترفون بالمسيح. لكن في يوم استعلان الرب، لن يفيد إلا الإيمان الشخصي بذاك الذي نعترف به ربًّا لنا. لن يقول الله لأحد في ذلك اليوم "كنتُ أعرفك في العادة ولكني لم أعد أعرفك" بل كلامه الموجَّه إلى الضال سيكون "إِنِّي لَمْ أَعْرِفْك قَطُّ" بينما قال عن خاصّته: {خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي وأَنا أَعْرِفُهَا}+ يوحنا 10: 27 فمَن يسمع كلمات المسيح وينتبه إليها يبرهن أنه مؤمن حقيقي؛ وأنه بنى بيته على الصخرة التي هي المسيح نفسه "لَمْ يَسْقُطْ لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْر" وما من عاصفة من الظروف المناوئة وما من هجمات من رئيس سلطان الهواء يمكن أن تنفع في تدمير البيت المؤسس على صخرة الدهور هذه... أنْ نبني آمالنا على أي شخص أو منظومة أو أي سلوك يُظن أنه أهل للتقدير، هو كأن نبني بيتًا على رمال متحركة. في يوم الدينونة؛ كل من استندوا على أي شخص، سوى المسيح وعمله المُنجز، سيجدون أنفسهم ضائعين وعاجزين من أجل الأبدية...] انتهى.
1. Henry Allen "Harry" Ironside (1876- 1951) a Canadian-American Bible teacher, preacher, theologian, pastor, and author. For some 50 years he went up and down America teaching and preaching Word of God… More on Wikipedia: Harry A. Ironside
• تمّت كتابة هذا القسم من المقالة في 26. سبتمبر 2015
¤ ¤ ¤