قالت له قبل الخطوبة: إذا فكّرتَ في امرأة أخرى بعد زواجنا، أو مال قلبك إليها، فلن أسمح لك بالعيش معي تحت سقف واحد. هذه هي طبيعتي وهذا من أخلاقي.
فأجابها قائلا: نِعمَ المرأةُ التي مثلك. قال الوحي الإلهي بلسان سليمان: {امرأةٌ فاضِلةٌ مَنْ يَجِدُها؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللآلئ}+ الأمثال 31: 10
قالت: ماذا عنك؟
أجاب- مستشهدًا بقول الخُبز أَرزي (1) الشاعر البصري- على وزن الطويل:
فلو كان لي قلبانِ عِشتُ بواحدٍ – وأفردتُ قلبًا في هواكِ يُعَذَّبُ
ولي ألفُ وجهٍ قد عَرَفتُ مكانَهُ – ولكنْ بِلا قلبٍ إلى أين أذهبُ
فنظرتْ إليه بإعجاب قائلة: هذا رأي غيرك. أرغب في سماع رأيك بصراحة ووضوح: ما شعورُكَ إذا بدا لك يومًا ما أنّي أفكّر في غيرك أو أميل إليه؟
فأجاب: قلتِ لي قبل لحظات (هذا ليس من أخلاقي) فأعجبني موقفك، ما دلّ على أنّ أخلاقي راقية أيضا! لكنْ متى فكّرتِ يومًا في غيري كسرتِ العهد المبرم بينك وبيني أمام الله وأمام الناس. وهذا من أنواع الزنا الروحي. فلا تستحقِّين تاليًا العيش معي. عِلمًا أني لن أميل إلى التفكير في ما يبدو لي، إنما في ما يظهر من المقابل. فدعيني أقُلْ لك الآن: عليك بتنظيف قلبك من أيّة ثقافة غريبة عن الكتاب المقدَّس وتصفية نيّتك، لأنّ كلّ ما خالف تعاليمه رجسٌ عند الله ونجاسة. واٌصبري تاليًا، لعلَّك تعثرين على رجل يناسبك ولعلّه يعثر عليك.
وأردف بعد لحظات صمت مشوب بأسى: شكرًا لك على كشف نيّتك قبل الزواج، لأن الكشف عنها بعد الزواج مؤلم ومتعِب ومكلِّف وقتًا ووقتي ضيّق ومالًا ومالي قليل. إنّما لو تمّ عقد الزواج بيننا يعتبر باطلًا، لأنّ نيّتك في الأساس ملوّثة بثقافة شائكة ومشبوهة. فاذهبي بسلام ما لم يكن لك شيء عندي.
ـــ ـــ ـــ
الطلاق في العهد الجديد
هكذا عالج السيد المسيح موضوع الطلاق، باجتثاث جذور الزنى التي تؤدّي إلى الطلاق بين الزوج وزوجته. إذ قال ضمن موعظة الجبل: {قد سَمِعْتُمْ أنه قيل للقدماء: لاَ تَزْنِ. وأمّا أنا فأقول لكم: إنّ كلّ مَن ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه}+ متّى 5: 26-27
فمتى عَمِل الطرفان بوصايا الله المدوّنة في الكتاب المقدّس فإنّ كلًّا منهما يترفّع عن الميول إلى شخص ثالث، لأنّ هذا الميول نجاسة في نظر الله وأنّه يدنّس عفّة الروح قبل تدنيسه عفّة الجسد، لذا يضعف رباط الزواج في النهاية ويُحَلّ في المحاكم الكنسية.
أمّا إذا اضطرّ أحد الطرفين إلى الانفصال عن الآخر لسبب آخر غير الزّنى، فإن اقتنعت المحكمة الكنسية بالسبب فليس في وسعها إجازة الطلاق، باستثناء بعض الكنائس، إنّما إبطال عقد الزواج، على أنّ الزواج تمّ تحت تأثير ظرف ما كالضغط والخديعة. فإذا تمّ إبطاله، وهذا من أصعب قرارات المحكمة وأطولها مدّة ولا سيّما في الشرق الأوسط، فمن المفترض أنْ يعامَل الطرفان لاحقًا معاملة الأعزب والعزباء، بإعطاء كلّ منهما وثيقة رسمية- مُطْلَق الحال- التي من الواجب تقديمها للكنيسة قبل إجراء عقد الزواج.
عِلمًا أنّ لكل محكمة اجتهادًا ما في معالجة موضوع الانفصال بين الزوج وزوجته، وفي إيجاد حلول لمشاكل اجتماعية أخرى. وأنّها قد تُخطئ في الحكم باجتهادها وقد تتأثر بتدخّلات خارجية. لكنْ بقيَتْ عبر التاريخ شريعة الزوجة الواحدة مقدَّسة وثابتة، سواء في اليهوديّة وفي المسيحية. عليها بُنِيَ القانون المدني المتعلِّق بالزواج في دول الغرب. هي التي نصّت عليها التوراة: {لذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدا}+تكوين 2: 24 وأكّد عليها الإنجيل في أزيد من مناسبة، سواء بلسان السيد المسيح في متّى 19: 5 ومرقس 10: 7 وفي رسالة بولس الرسول إلى أفسس 5: 31
وقد رأيت في العراق خلال الثمانينيّات أن قاضي محكمة المواد الشخصيّة المسلم قد احترم الخصوصية المسيحية، لم يصادق على عقد الزواج بين طرفين مسيحيَّين بدون رؤية عقد الزواج الكنسي أوّلًا. أمّا في بعض دول الغرب التي حظيتُ بزيارتها فقد رأيت العكس، أي أن الكنيسة الرسمية في دولة ما منها قد رفضت إجراء عقد زواج بين اثنين من مواطنيها قبل إنجازهما عقد الزواج المدني.
عِلمًا أنّ الزواج المدني لأجنبي-ة لا يتمّ عقده إلّا بعد حصوله-ا على وثيقة الإقامة الدائمية، حتّى إذا كان أحد الطرفين من أبناء الدولة.
وقد سبقت لي في ما مضى إشارة إلى قيام مسلمين، من المقيمين في دول الغرب، بالالتفاف حول القانون، لأنّ الواحد منهم متزوّج بأزيد من امرأة، أو أنه ينوي الزواج بأخرى، فادّعى إنّ الأخرى "أخته" بعد تزوير بطاقتها الشخصية وسائر أوراقها الثبوتية. لكن الألاعيب على دول الغرب تنكشف عاجلا. ومعلوم أنّ (القانون لا يحمي المغفَّلين) فمهما ظنّ الغريب أنه ذكي بالحيلة فابن البلد في نظري أذكى منه فيكشفها وتاليًا ملاحقة المحتال ومعاقبته.
الطلاق في العهد القديم
نصّ أحد بنود شريعة التوراة بوضوح على أن المرأة متى أعطاها رجلها كتاب طلاق أمام شهود عيان، ثمّ تزوّجت برجل آخر، فطلَّقها أيضًا أو مات، فلم تكن عودتها إلى زوجها الأوّل ممكنة لأنّها {تنجَّستْ} بالزوج الثاني. لكنّ عودتها ممكنة في حال بقائها على حالها بدون زواج. وهنا بيت القصيد؛ فما اعتُبِر رِجسًا عند الله ونجاسة، منذ حوالي 1500 سنة قبل ميلاد السيد المسيح حتّى اليوم وإلى الأبد، اعتُبِر مِن الحَلال في القرآن المؤلَّف بعد مضي أزيد من ستمئة سنة على صعود السيد المسيح إلى السماء. إنّما في هذا "الحلال" إساءة إلى الله، حسب الكتاب المقدَّس وعند قوم يعلمون وعند آخر يفقهون. لذا واظب المدافعون عن الإسلام على اتّهام الكتاب المقدَّس بالتحريف خائبين، بدلًا من التماس نعمة العقل للتفكير بأنّ مؤلِّف القرآن قد خالف شرائع الله المدوَّنة في الكتاب المقدَّس؛ إمّا عمدًا وفق أهواء شخصية وإرضاءً لجنود الغزو، أو جهلًا (اكتتب) وفق فهم مغلوط منه لِما كان (يُملى عليه) من يهود ذلك الزمان (بكرة وأصيلا) ممّا في سورة الفرقان:5 فلا يقولنّ أحد إنّ مَصدَرَ الوحي بالقرآن (2) إلهُ الكتاب المقدّس- حاشا!
وإليك النّصّ التوراتي حرفيًّا- حسب ترجمة ڤان دايك إلى العربيّة: {إذا أخذ رجلٌ امراة وتزوّج بها، فإنْ لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عَيبَ شيءٍ، وكتب لها كتابَ طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته. ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر، فإنْ أبغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته، أو إذا مات الرجل الأخير الذي اتخذها له زوجة، لا يقدر زوجها الأول الذي طلَّقها أن يعود يأخذها لتصير له زوجة بعد أنْ تنجَّستْ. لأنَّ ذلكَ رجسٌ لدى الرّبّ. فلا تجلبْ خطيّةً على الأرض التي يعطيكَ الرّبّ إلهك نصيبا}+ التثنية 24: 1-4
وفي التفسير المسيحي- بتصرّف: [إنّ الله يُبغض الطلاق ويعتبره غدرًا بشريك الحياة (ملاخي 2: 15-16) لكن الله سمح لهم من أجل قساوة قلوبهم وحتى لا يقتل الرجل زوجته التى لا يحبها (متّى 19: 8) وكان الطلاق لا يتم شفاهة بل بكتاب طلاق. وكان هذا الكتاب يكتب على أيدى أناس عقلاء وبشهادة شهود حتى يكون للزوج مهلة من الوقت ليفكر فيها لعله يعدل عن فكره ولا يكون الطلاق نتيجة إنفعال سرعان ما يزول.
وتاليًا؛ لو تزوجت المرأة المطلقة بآخر لا يمكن لرجلها أن يستردّها ثانية حتى لو مات الزوج الثاني. ولكن إذا لم تكن قد تزوجت كان يمكنه أن يستردّها. وواضح من هنا أن الزواج بآخر يفسخ تمامًا كل علاقة بين الزوج وزوجته الأولى]- بقلم القس أنطونيوس فكري. والتفسير واسع (3) وقد تعمّق فيه المفسِّرون.
ـــ ـــ ـــ
المُحلِّل في القرآن خلاف المُنجِّس في التوراة
رأينا في التوراة أنّ الزوج الثاني ينجِّس المرأة إذا ما نوى زوجها الأوّل إعادتها إلى بيته. ونرى أنّ الرَّجل المنجِّس حسب التوراة يسمّى "المحلِّل" حسب القرآن. فنقرأ في ويكيپيديا- بتصرّف- أنّ [المقصود بزواج التحليل هو زواج المطلَّقة ثلاثًا لتحِلّ لزوجها الأول، وهو أمر مشروع دلّ عليه الكتاب (القرآن) والسُّنّة والإِجماع، قال تعالى (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بمعروف أو تسريح بإحسان... فإِنْ طَلَّقَها فلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ...)- البقرة 229-230 قال العلماء: المعنى فإن طلَّقها للمرة الثالثة.
قال القرطبي: (وهذا مجمع عليه لا خلاف فيه) وحتى يكون زواج التحليل محقِّقا للغرض منه لا بدَّ فيه من أمْرَين أساسيَّين، أولهما أن يكون العقد صحيحا، والثاني أن يكون معه دخول صحيح، فإذا اختلّ واحد منهما لم يكن مشروعا] انتهى- عن ويكيپيديا: زواج التحليل.
وتعليقي على القول (أن يكون معه دخول صحيح) والمقصود به أنّ "المحلِّل" يجب أن يضطجع مع المطلَّقة، شاءت أم أبتْ، هو أنّه مستند إلى حديث صحيح رواه كل من البخاري ومسلم- بتصرّف: [عن عائشة (رض) قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي (ص) فقالت كنت عند رفاعة القرظي فطَلَّقَني فَأَبَتَّ طَلاقي. فتزوجتُ بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب. فتبسّم "رسول الله" وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا، حتى تَذُوقي عُسَيْلَتَهُ ويَذُوقَ عُسَيلَتَكِ] انتهى.
ومعنى "حَتَّى تَذُوقي... ويذوق..." في لسان العرب: [يعني جِماعَها لأَن الجِماع هو المُستحلى من المرأَة، شَبَّهَ لَذَّة الجماع بذَوق العَسَل فاستعار لها ذَوقا؛ وقالوا لكُلِّ ما استحْلَوا عَسَلٌ ومَعسول، على أَنه يُستحلى استحلاء العَسَل، وقيل في قوله المذكور إِنَّ العُسَيلة ماء الرجل، والنُّطْفةُ تُسَمَّى العُسَيلة. وقال الأَزهري: العُسَيلة في هذا الحديث كناية عن حَلاوة الجِماع... ويقال: عَسَلْتُ من طَعامه عَسَلا أي ذُقت. وعَسَلَ المرأَةَ يَعسِلُها عَسْلا: نكَحها، فإِمَّا أَن تكون مشتقَّة من قوله (حتى تَذُوقي عُسَيْلَتَهُ...) وإِمَّا أَن تكون لفظَةً مُرتَجَلَة على حِدَة، قال ابن سيده: وعندي أَنها مشتقة] انتهى
وقد اقتطفت من تفسير البغوي باختصار شديد: [1 يعني الطلاق الذي يملك الرجعة عُقَيبَه مرَّتان فإذا طلَّق ثلاثًا فلا تحِلّ له إلّا بعد نكاح زوج آخر 2 وجملة الحكم فيه أنّ الحُرّ إذا طلّق زوجته طلقة أو طلقتين بعد الدخول بها يجوز له مراجعتها بغير رضاها ما دامت في العدّة وإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها أو طلقها قبل الدخول بها أو خالعها فلا تحِلّ له إلا بنكاح جديد بإذنها وإذن وليّها فإنْ طلَّقها ثلاثًا فلا تحِلّ له ما لم تنكح زوجًا غيره وأمّا العبد إذا كانت تحته امرأة فطلَّقها طلقتين فإنها لا تحِلّ له إلا بعد نكاح زوج آخر] انتهى
وتعليقي على هذا التفسير:
1 أيًّا كان التفسير الإسلامي فإنّ النّصّ القرآني قد خالف النّصّ التوراتي بوضوح شديد. وأرى أنّ العسل، المستحلى عند الزوج الثاني، بمثابة علقم فَرَضَ صاحب القرآن على المرأة أن تتجرّعه. فلماذا تدفع المرأة ثمن طلاقها من رجل ربّما نغَّص عليها حياتها؟ ليس هذا فحسب، بل حَكَمَ عليها صاحب القرآن بالعودة إلى طليقها غصبًا عليها، على رغم تطليقها ثلاث مرّات. فيجب على الضمير الإنساني الحيّ محاكمة هذه المذلّة لإبعاد هذا العلقم عن المرأة.
2 واضح لي في التفسير القائل (يجوز له مراجعتها بغير رضاها) أنّه كارثي! ضد حقوق المرأة؛ ضدّ مشاعرها ورأيها وقرارها. فالمرأة في الإسلام مهمَّشة الرأي، لا فسحة لديها لاتّخاذ قرار مصيري. مثل أيّة سلعة يتلاعب بها مالكها أنّى شاء. حتّى إذا طلّقها زوجها فإنّ قرار إعادتها في يد طليقها. وعلى المسكينة أن تصبر منتظرة قرار الطليق، بغضّ النظر عن رفضها هذا الاضطهاد ولو في قرارة نفسها بأقلّ تقدير.
فزواج المرأة المسلمة نوع من العبودية مع الحبس في بيت زوجها المسلم تقريبًا ونسبيًّا إلى أجل غير مسمّى. فكيف اطمأنّت المرأة المسلمة إلى الزواج من مسلم عبر التاريخ الإسلامي؟ وكيف غابت عن بالها احتمالية تعدّد زوجاته المشرَّع له قرآنيًّا، في وقت لا يحقّ لها الاعتراض عليه؛ لأنّ القرآن أجاز للمسلم الاضطجاع مع أخرى وثالثة ورابعة والتشريع منسوب إلى الله- حاشا الله- حسب سورة النساء:3 كما أجاز له الاستمتاع بالمرأة مقابل أجر (النساء:24) واعتبر الرجل قوّامًا على المرأة (النساء:34) بل أجاز هجرها (أي ربطها) في المضجع لضربها. ومعنى "الهجر" الراجح في تفسير الطبري النساء:34 الربط بالهجار. والهجار: الحبل الذي كانت العرب تربط البعير به. حاشا الله أن يأمر بضرب الإنسان الذي خلقه على صورته ذَكَرًا وأنثى - تكوين 1: 27
ولا يخفى ما ثبت في صحيح مسلم بسنده إِلى أَبي ذرّ، قال: [قال رسول الله ص: إِذا كان أَحَدكُمْ قائِمًا يصَلِّي فإِنَّه يَسْتُره إِذا كان بَيْن يَدَيْهِ مِثل آخِرةِ الرَّحْل، فإِن لمْ يَكُن بَيْن يَدَيْهِ مِثلُ آخِرَةِ الرَّحْل فإِنَّه يَقطع صَلاته المَرأَةُ والحِمَارُ والكلبُ الأسوَد] انتهى.
فكيف كرَّم الإسلامُ المرأة يا ذوي الألباب وذواتها؟
3 واضح في التفسير أن شأن العبد مختلف عن شأن الحُرّ في الطلاق وأنّ شأن الأَمَة مختلف عن شأن الحُرّة. والعبودية في الإسلام ما تزال قائمة حتّى اليوم.
4 بالمناسبة؛ روى ابن كثير في البداية والنهاية، وروى غيره نحوًا من التالي- بتصرّف- عن الحسن بن علي بن أبي طالب: [قالوا: كان كثير التزوّج لا يفارقه أربع حرائر، وكان مِطلاقًا مِصداقا، يقال إنه أحصن سبعين امرأة... وقد كان علي (والده) يقول لأهل الكوفة: لا تزوِّجوه فإنّه مِطلاق، فيقولون والله يا أمير المؤمنين لو خطب إلينا كل يوم لزوَّجناه مِنّا مَن شاء ابتغاء في صهر رسول الله ص...) انتهى.
وقد ضَعّف بعض المسلمين هذه الرواية. عِلمًا أن الرقم 70 أقلّ ما في الرويات القائلة بأعداد اعتُبِرتْ خيالية.
لكنّ سؤالين دارا في ذهني الآن؛ الأوّل: إذا كانت هذه الرواية ضعيفة، أو موضوعة، فلماذا حامت "الشبهة" حول الحسن بن علي تحديدًا ولم تحُمْ حول غيره من إخوته؟
والثاني: لماذا استكثر النقّاد على الحسن كثرة زوجاته ولم يستكثروا على صاحب القرآن قوله في حديث "مرفوع" ورد في الطبقات الكبرى لابن سعد: [أَتاني جِبرِيلُ بِقِدْرٍ فأَكَلْتُ منها، فأُعْطِيتُ قُوَّةَ أربَعِينَ رَجُلا في الجِمَاعِ] بينما ورد في مواقع الكترونية إسلامية بفخر واعتزاز حديث عند أحمَدَ والنَّسَائيّ وصَحَّحَهُ الحاكم: [إنّ الرَّجُلَ مِن أهل الجَنَّة لَيُعطى قُوَّة مائة في الأكل والشُّرب والجِمَاعِ والشَّهْوَة] فعَلَى هذا، أضاف الموقع: [يَكُونُ حِساب قُوَّة نَبِيِّنا أَربَعَة آلَاف] انتهى. فما الفرق إذًا ما بين الجنّة المحمّدية وبين محلّات بيع الهوى؟ حاشا الله إذ قال الرب يسوع لسائليه: {لأنهم في القيامة لا يُزَوِّجُونَ ولا يتزوَّجون بل يكونون كملائكة الله في السماء}+ متّى 22: 30