لقد نبّه السيد المسيح أتباعه بالقول: {قد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا. سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة فيها يظنّ كلّ مَن يقتلكم أنّه يقدِّم خدمة لله}+ بداية يوحنّا 16: 2 فلم يأمر المسيح أتباعه بمقاومة الشّرّ القادم من الأعداء، إنّما ختم كلامه في هذا الأصحاح بالقول: {قد كلّمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. في العالم سيكون لكم ضِيق، ولكنْ ثِقوا: أنا قد غلبتُ العالم} وقد كان أبرز الأعداء كهنة يهود ذلك الزمان، في وقت كانت المنطقة اليهودية تحت نير الاحتلال الروماني الوثني. ولا يخفى اضطهاد الوثنيّين ضدّ المسيحيّين حتّى هذا اليوم. وكان من أثمار تعليم السيد المسيح انتشار محبّة الله المعلنة في الكتاب المقدَّس عبر الجهات الأربع بالحُجّة المُقْنِعة، بسيف الكلمة الحيّ لا سيف الحديد الصّدِئ، لتحقيق إرادة الله في {أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخلُصُون، وإلى مَعرِفةِ الحَقِّ يُقْبِلُون}+ 1تيموثاوس 2: 4
فلم يترك الله شعبه ولم يخذله ولم يهمله منذ بدء الخليقة. تأمّل-ي في قول الله ليشوع بن نون: {لا يَثبُتُ أحدٌ أمامَكَ طُولَ أيّامِ حياتِكَ. كما كُنتُ معَ موسى أكونُ معَكَ، لا أخذُلُكَ ولا أُهمِلُكَ} وفي ترجمة أخرى: {لا أُهْمِلُكَ وَلا أَتْرُكُكَ}+ يشوع 1: 5 عِلمًا أن يشوع بن نون خليفة موسى النبي الذي قاد بني إسرائيل بأمر من الله بعد وفاة موسى مباشرة.
فإن ردَّد النقّاد قسوة الله في العهد القديم على شعبه من جهة وعلى أعداء شعبه من أخرى فإنّ لي مقالة خاصّة بهذا الموضوع؛ ورد فيها ما معناه أنّ (العنف في العهد القديم حصل ضدّ سبعة شعوب مذكورة بالإسم، بعد تأنّي الله على الخطيئة بأنواعها وبشاعتها حوالي ستّمئة سنة. أراد الله به تطهير البشريّة من الشّرّ، ما لم يحسّ به هذا الجيل وأجيال كثيرة سبقته، لأنّ هذا الجيل وسائر الأجيال السابقة قد فتحوا عيونهم على خلاصة إنسان جديد! فإنسان العهد الجديد غير إنسان العهد القديم فكريًّا وسلوكيًّا. ثمّ انتهى زمن العنف بدون رجعة. وقد خلّص الله شعبه في النهاية بيسوع المسيح الفادي والمخلِّص، إذ ابتدأ المسيح عهد النعمة بأقواله وأفعاله. فلماذا العودة بصبغة دينية دنيوية، اليوم ومنذ القرن السابع الميلادي، إلى العنف والظلم والهدم والحرق والتشويه والتحريف والتدليس! وإلى ثقافة منحرفة 180% عن ثقافة المسيح؟) والمزيد في الرابط أدنى (1)
ـــ ـــ ـــ
موقف الكتاب المقدَّس من الأمم والأعداء
قال الله بشخص المسيح، غير الظاهر، في التوراة: {لِيَ النَّقْمَةُ وَالْجَزَاء}+ التثنية 32: 35
وقد يخرج النقّاد هنا عن الموضوع، كعادتهم، بالقول: (أشركتَ بالله عيسى بن مريم عبد الله ورسوله) والجواب أوَّلًا من الكتاب المقدَّس: {فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ}+ بداية الإنجيل بتدوين يوحنّا. وثانيًا: قد سبق لي القول إنّ كتاب المسيح الرسمي هو الكتاب المقدَّس، فلا يعنيني أيّ كتاب آخر بشيء مِن بعده وليست حُجّة على الكتاب المقدَّس أيّة مقولة وردت من خارجه في الماضي واليوم وفي المستقبل. فمَن أراد أن يعرف الله على حقيقته فليقرأ الكتاب المقدَّس، لأنّ فيه الحقيقة كلَّها، هو مصدر النور في العالم ومصدر المحبة والعلم والتقوى والفضيلة. أمّا المنسوب إلى الله في غير الكتاب المقدَّس فما خلا في نظري من افتراء على صفات الله ولا سيّما الوحدانية والقداسة.
وقال الله، الظاهر في الجسد بشخص المسيح، في الموعظة على الجبل: {أَحِبُّوا أعداءَكم. بارِكوا لاعِنيكم. أحسِنوا إلى مُبغِضيكم. وصلّوا لأجل الذين يسيئُون إليكم ويطردونكم}+متّى 5: 44 ولوقا- الأصحاح السادس.
وهُوَذا بالمناسبة أحد أتباع المسيح الكاتب بالوحي الإلهي: {لا تنتقِمُوا لأنفُسِكُمْ أيُّها الأَحِبَّاء، بَلْ أَعطُوا مَكانًا لِلغَضَب، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنا أُجازِي يَقُولُ الرَّبّ. فإِنْ جاعَ عَدُوُّكَ فأَطْعِمْهُ. وإِنْ عَطِشَ فاٌسْقِهِ. لأنّكَ إِنْ فَعَلتَ هذا تَجمَعْ جَمْرَ نار عَلَى رَأسِه» لاَ يَغلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بالخَيْر}+ من رسالة بولس الرسول إلى روما 12: 19-21
وقد أشار الرسول بوضوح إلى قول الله المذكور في التثنية 32: 35 وإلى محبّة الأعداء التي أوصى بها الله بشخص السيد المسيح له المجد في متّى 5: 44 ولوقا\6
والسيد المسيح- قدوة الرسول بولس وسائر المسيحيّين والمتنصّرين من خلفيّات مختلفة- قد دُفِعَ إِلَيه كُلُّ سُلْطَان في السَّمَاءِ وعَلَى الأَرض. ومع هذا فقد عبَّر عن محبّته لأعدائه؛ حتّى وَعَظَ مِن اليهود ومِن الأمم (الوثنيّة) مَن وعظ وشفى منهم مَن شفى. لم يأمر بقتال خصومه ولا أعدائه- حاشا- كيف يأمر وهو القائل: {وكلّ من سألك فأعطه، ومَن أخذ الذي لك فلا تطالبه. وكما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضًا بهم هكذا. وإن أحببتم الذين يحبّونكم، فأيّ فضل لكم؟ فإنّ الخطاة أيضًا يحبّون الذين يحبونهم. وإذا أحسنتم إلى الذين يحسنون إليكم، فأي فضل لكم؟ فإنّ الخطاة أيضًا يفعلون هكذا. وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردّوا منهم، فأي فضل لكم؟ فإن الخطاة أيضًا يقرضون الخطاة لكي يستردّوا منهم المثل. بل أحِبّوا أعداءكم، وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئا، فيكون أجركم عظيمًا وتكونوا بني العليّ، فإنه مُنعِم على غير الشاكرين والأشرار. فكونوا رحماء كما أنَّ أباكم أيضًا رحيم. ولا تَدِينوا فلا تُدانوا. لا تقضوا على أحد فلا يقضى عليكم. اغفروا يُغفَرْ لكمْ...}+ لوقا\6 وهذا هو تعليم الإله الحقّ، التعليم الذي تطمئنّ إليه النفوس وترتاح وتضمن الحياة الأبدية كملائكة السماء، أرقى تعليم مرّ على البشر، ما ضاهاه تعليم آخر ولا وصلت إلى مستواه حكمة ولا موعظة.
وقال الإله الحقّ: {دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وعَلَى الأَرْضِ، فاذهَبُوا وتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وهَا أَنا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّام إلى انقِضاءِ الدَّهْر}+ آخر الإنجيل بتدوين متّى.
نعَمْ؛ قال لأتباعه: {فاذْهَبُوا وتَلْمِذُوا وعَمِّدُوا وعَلِّمُوا...} وحاشا أن يقول "اقتلوا، قاتلوا، اضربوا فوق الأعناق" بدلًا من التلمذة والتعميد والتعليم؛ لأنّ القتل مِن أفعال الشّرّ التي فعَلَها الذي هو ضدّ المسيح الحيّ، وما يزال، بل جرائم اقترفها إبليس بأيادي جنوده. وقد كشف المسيح النِّقاب عن إبليس بقوله: {هذا الّذي كان مِنَ البَدءِ قاتِلا. ما ثَبَتَ على الحقّ، لأنْ لا حَقَّ فيه. وهوَ يكذِبُ، والكَذِبُ في طَبعِهِ، لأنَّهُ كَذَّابٌ وأبو الكَذِب}+ يوحنّا 8: 44
فكلّ مَن خالف تعاليم السيد المسيح، سواء بقلبه أو بقوله أو بفعله، يُعتبر ضدّ المسيح؛ سواء أكان مسيحيًّا بالإسم أم يهوديًّا أم صابئيًّا أم إسلاميًّا أم وثنيًّا أم بوذيًّا أم هندوسيًّا أم مجوسيًّا أم نازيًّا أم شيوعيًّا أم من طائفة أخرى، أيًّا كان عِرقه وجنسه.
ـــ ـــ ـــ
الفرق بين أفعال المسيحيّين بالإسم وبين غيرهم
لقد ألقيت ضوءً على مَن خالف تعاليم السيد المسيح أيًّا كان عِرقه وجنسه ومعتقده، واصفًا إيّاه بأنه ضدّ المسيح. فنقرأ عنه (2) التالي- بتصرّف: [لم ترد هذه العبارة إلّا في رسائل يوحنّا، يُراد بها مَن يقاوم المسيح ومَن يدّعي بأنه في موضع المسيح. وإذا قابلنا الآيات التي وردت فيها وجدنا أنّ مُراد يوحنا هو الإشارة إلى ذوي الآراء الهرطوقية بخصوص تجسُّد المسيح: {كل روح لا يعترف بيسوع أنه قد جاء في الجسد فليس من الله، وهذا هو روح ضدّ المسيح الذي سمعتم أنه يأتي والآن هو في العالم}+ 1يوحنّا 4: 3 وأيضًا: {وكما سمعتم بأن ضد المسيح سيأتي. فقد قام الآن أضداد للمسيح كثيرون}+ من 1يوحنّا 2: 18 وأيضًا: {مَن هو الكذّاب إلّا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح؟ ذلك هو ضدّ المسيح الذي يُنِكر الآبَ والابن}+ 1يوحنّا 2: 22 وأيضًا: {فإنه قد انتشر في العالم مُضِلّون كثيرون لا يعترفون بأن يسوع المسيح أتى في الجسد ومَن كان كذلك فهو المُضِلّ والضِّدُّ للمسيح}+ 2يوحنّا 1: 7 والحاصل أنّ ضد المسيح هو من أنكر التجسّد واتّحاد لاهوت المسيح بناسوته، ومن جملتهم سرِنْثَس وغيره.
وربما تشير العبارتان: {لا يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ على طرِيقة ما، لأَنَّهُ لا يأْتي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارتِدَادُ أَوَّلا، ويُسْتَعلَنْ إِنسَانُ الخَطِيَّة، ابنُ الهَلاكِ المُقاوِمُ والمُرتفِعُ على كُلِّ ما يُدعَى إِلهًا أو مَعبودا، حَتَّى إِنَّهُ يَجلِسُ في هَيكَل اللهِ كإله، مُظْهِرًا نَفسَهُ أَنَّهُ إِله}+ 2تسالونيكي 2: 3-4 و{الوحش} في رؤيا يوحنّا 13: 2 إلى ضدّ المسيح] انتهى.
لذا فإنّ الكتاب المقدَّس بريء ممّا ذاق الهنود الحمر في أميركا من ويلات. وبريء من الحَربَين العالميّتين ومن هولوكوست النازيّين ضد اليهود ومن إلقاء قنبلتين نوويتين على اليابان وبريء من نحو ما تقدَّم.
أمّا الإسلام ففي القرآن والحديث والسّنّة نصوص عدائيّة جعلته في قفص الاتّهام العقلاني عبر التاريخ؛ فلم يكن بريئًا ممّا فعل صاحب القرآن وأتباعه بيهود بني قُريظة وبني النضير وبني قينقاع ومن إخراج باقي اليهود والنصارى من شبه جزيرة العرب. وما كان بريئًا من الحروب بين المسلمين أنفسهم صراعًا على السلطة الدينية. ولا بريئًا من أيّة مذبحة ارتكبها الأمويون والعباسيون والعثمانيون وسائر الإسلاميّين ضدّ غير المسلمين. ولا بريئًا من تحريض شيوخ الوهّابيّة على اليهود و"النصارى" في المساجد الإسلامية وعبر الفضائيّات المؤدلجة إسلاميًّا. ولا بريئًا من ولادة داعش وأقرانها. ولا بريئًا من تعليم الإرهاب الذي يُدرَّس في مناهج دراسيّة في الأزهر وأمثاله ويُصدَّر إلى دول إسلاميّة حكوماتها معتدلة نسبيًّا وإلى دول غربية وأخرى غير إسلاميّة.
وما بات خافيًا على أحد ما كشف العقلانيّون، من ذوي الضمائر الحيّة، عن القاسم المشترك الوحيد بين إرهابيّين من جنسيّات مختلفة وهو الإسلام. هذا لأنّ نصوص الإسلام العدائيّة بصراحة ووضوح قد قسَّمت العالم إلى معسكرَين: مؤمن وكافر، بغضّ النظر عن وقوف شعوب الغرب، الراقية بحضارتها والمسالمة نسبيًّا، على مسافة واحدة من جميع المعتقدات. وبغضّ النظر عن رعايتها المسلمين المهاجرين إليها من ظلم بعض الطغمات الإسلامية الحاكمة في دول ذوات غالبية إسلامية.
عِلمًا أنّ نصوص الإسلام العدائيّة، المعتبرة في نظر السَّلفيّين "وثائق دائميّة صالحة كلّ زمان وفي أيّ مكان" قد حظّت على قتل الكافر، وفق المنظور الإسلامي، أنّى قويت شوكة المسلم وسنحت له فرصة وسمح الوقت. وحظّت على قتل المشرك بالله، حسب تقدير الفكر الإسلامي، وعلى قتل المرتد عن الإسلام. وعلى قتل كلّ من ينتقد رسولهم، بدون استتابة وإن تاب! بينما يستتاب من ينتقد الله!
كما حضّ نصّ قرآني واضح على دفع أهل الكتاب (الجزية عن يد وهُمْ صاغرون) أي وهُمْ محتقرون وأذلّاء. وقد رأيت أنّ هذا النّصّ (أي التوبة 29) من الأدلة القاطعة على أنّ القرآن قد صدر عن فِكر مؤلِّف القرآن، بعيدًا عن وحي الله- إله الكتاب المقدَّس- بقوله: (ولا يُحرِّمون ما حَرَّم اللهُ ورسولُه) ما أغفله جميع أئِمّة تفسير القرآن أو غضّوا بالطَّرف عنه. عِلمًا أنّ الرسول المقصود، حسب التفسير الإسلامي، هو مؤلِّفُ القرآن. فالأسئلة العقلانية التي رأيت أن من الضروري التفكير فيها بجدّيّة وحزم هي التالي: 1 ألا يكفي ما حرّم الله الذي لا إله غيره ولا شريكَ له؟ 2 ما قيمة ما حَرَّم الرسول أمام ما حَرَّم الله؟ 3 ما هي محرَّمات الذي ظَنّه المسلمون رسولًا من الله؟ 4 هل المسمّى رسول الله "إلهٌ ثانٍ" ليحرِّم أيضًا على ذوقه ومزاجه بالإضافة إلى ما حَرَّم الله ، نظرًا إلى واو العطف التي عطفت "رسوله" على "الله" كأنّ الإثنين في منزلة واحدة؟ 5 وأخيرًا؛ إذا وجد المسلمون شيئًا ما، محرَّمًا مِن رسولهم وليس محرَّمًا من الله، فهل فكّروا في إيجاد نصّ قرآني صريح بتحريمه بإذن الله أم أنّ رسولهم حرَّم اجتهادًا منه، بدون ترخيص من الله؟ فإذا وجدوا فليدقِّقوا في تفسير قوله: (قُلْ سُبحان ربّي هل كنتُ إلّا بشرًا رسولا)- الإسراء:93
فواضح لي أنْ قد فُرِضَ على المسلمين أن يقرأوا القرآن ليحفظوا فقط، في عمر مبكر، بدون تفكير في المحتوى ودون فهم وبحث وتدقيق، على أنّ السؤال من المحظور إسلاميًّا- حسب قول القرآن: (لا تَسألوا عنْ أشياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ...)- المائدة:101 لاتّهام السائل إمّا بالتشكيك في الرسالة المحمدية وإمّا بالانتقاص من شأنها. هذا من جهة، وعلى أنّ الكتاب المقدَّس، من جهة أخرى، طالته يد "التحريف" كما يُشاعُ بين الإسلاميّين المدافعين عن الإسلام، بما أوتوا من وسائل ماكرة ومضلِّلة، ظُلمًا منهم وافتراءً عليه. فما أجاز شيخ إسلامي للمسلمين البحث عن الحقّ الواضح في الكتاب المقدَّس وضوح الشمس.
وسبب قول الإسلاميّين، ولا سيّما مفسِّري القرآن، بالتحريف المزعوم، هو عجزهم مِن إيجاد نصّ واحد فيه إشارة إلى زعم مؤلّف القرآن: (النبيّ الأمّيّ الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل)- الأعراف:157 فاحتماليّة ورود هذا الزعم مستحيلة في منهج الكتاب المقدَّس! لأنّ الله لم يُرسل بعد صعود المسيح إلّا رسل المسيح وخدّامه ولن يرسل! تأمَّل-ي قليلًا في نصّ كلام السيد المسيح: {دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَان...} ممّا تقدّم ذكره.
كذا فشلوا في البحث في الإنجيل عمّا يدعم زعم ابن إسحق، كاتب السيرة المحمدية الأوَّل ودجّال الدجاجلة في حساب أنس بن مالك، بأنّ المقصود بالمعزّي الذي يرسله السيد المسيح في إنجيل يوحنّا\ الأصحاحات 14 و15 و16 هو "مؤلِّف القرآن" وقد قام الدّجّال الجديد أحمد ديدات بنقل زعم ابن إسحق نفسه، وهو ممّا فعل عدد من شيوخ المسلمين استنادًا على تأويلات الأئمّة المفسِّرين. لذا فإني أرثي لسذاجة فَهْم جوهر الله الصريح في الكتاب المقدَّس وصفاته وأرثي تاليًا لغضّ النظر عن السيرة الحقيقية لكلّ نبيّ من أنبيائه.
وقد تمّ دحض هذين الزعمين وتفنيدهما في مقالات منشور بعضها عبر الانترنت لكلّ مَن أراد البحث والتدقيق.
لذا ففي رأيي؛ قد أشرك مؤلِّفُ القرآن نفسَه بالله سواء بهذا النّصّ- التوبة 29- وبغيره ممّا أشرت إليه مسبقًا في عدد من مقالاتي ولا سيّما قوله "الله ورسوله" في أزيد من نصّ قرآني- حاشا الله في النهاية ممّا نُسِبَ إليه زورًا وبهتانا.
عِلمًا أنّ {الله} كلمة معرَّبة عن السريانية "آلوهو" أو عن الكلدانية "آلاها" ومعنى كلّ منهما: العالي. وأنّ "القرآن" و"السُّورة" أيضًا معرَّبتان عن السريانية.
فلم يأتِ صاحب الكتاب العربي "المُبين" بأيّ جديد مفيد. وشَتّانَ في رأيي ما بين الإسلام وبين التوحيد.