تحليل جانب الخلق ممّا في سورة العلق
في تفسير الطبري: [اقرأ يا محمد بذكر ربّك. ثم بيّن الذي خلق فقال: (خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَق) يعني: من الدم، وقال: مِن علق؛ والمراد به من علقة، لأنه ذهب إلى الجمع، كما يقال: شجرة وشجر، وقصَبة وَقصَب، وكذلك علقة وعَلَق] وفي تفسير القرطبي: [وقيل: الباء بمعنى على، أي اقرأ على اسم ربك. يقال: فعل كذا باسم الله، وعلى اسم الله. وعلى هذا فالمقروء محذوف، أي اقرأ القرآن، وافتتحه باسم الله... إلخ] انتهى.
وتعليقي: لم ترد "العلق" حرفيًّا في علم الأحياء، ممّا درست في المتوسطة وفي الثانوية، على أنها مادّة خلق الإنسان! ولم تدرَّس في قسم البيولوجي من كلّيّة علميّة. فالمعلوم عند أهل الكتاب أن الله خلق الإنسان من تراب، ليس من دم! لكن في ما بعد؛ حصل كاتب القرآن على هذه المعلومة من أهل الكتاب فشكّلها شخصيًّا بأشكال متنوّعة: (تراب، طين، صلصال) والواحد منها مختلف عن الآخر وهذا الالتباس لا يمتّ إلى وحي الله بأيّة صِلة، لأنّ الله بليغ المقصد ودقيق. فلماذا قفز محمّد إلى العلق، أجهلًا منه أم لكي تتفق هذه الفاصلة مع خَلَق؟
وفي تفسير القرطبي: [مِنْ عَلَق: أي من دم؛ جمع عَلَقَة، والعلقة الدم الجامد؛ وإذا جرى فهو المسفوح. وقال: (مِن علق) فذكره بلفظ الجمع؛ لأنه أراد بالإنسان الجمع؛ وكلُّهم خُلِقوا من علق بعد النطفة. والعلقة: قطعة من دم رطب، سُمّيَت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمرّ عليه، فإذا جفّت لم تكن علقة. قال الشاعر:
تركناه يخرّ على يديه – يَمُجّ عليهما علق الوتينِ
وخصّ الإنسان بالذكر تشريفًا له. وقيل: أراد أن يبيّن قدر نعمته عليه، بأن خلقه من علقة مَهِينة، حتى صار بشرًا سويًّا وعاقلًا مميّزا] انتهى.
وتعليقي: 1 قول القرطبي (خُلِقوا مِن علق بعد النطفة) سابق أوانه لأنّ ترتيب سورة المؤمنين تاريخيًّا 74 وفي ترتيب المصحف 23 وهي السورة التي ذُكِرتْ فيها مراحل تطوّر الجنين قرآنيًّا: (طين، نطفة، علقة، مضغة، عظام، لحم، خلْق آخر) والتي ترك كثير من المسلمين الإسلام لتعارض المراحل المذكورة مع الحقائق العلمية. فبأيّ حقّ أجاز القرطبي لنفسه تبرير هذا الخطأ، بذكر النطفة، وكاتب القرآن لم يقل من علق بعد النطفة؟ إن تبرير القرطبي في نظري ضرب من الخداع والتزوير والتضليل، لكني أحترم جهود هذا المفسِّر.
2 أمّا بيت الشعر المذكور فكتب القرطبي "قال الشاعر" والصواب: قال شاعر، لأنّ "أل" التعريف تدلّ على أن الشاعر المقصود مذكور بالإسم أي معروف، لكنّ القرطبي لم يذكر اسمه! فإذا كان أبو سعيد الحَسَنُ بنُ الحُسَين السُّكَّريّ (1) قائل هذا البيت (تركناه يخرّ... إلى قوله: علق الوتينِ- على وزن الوافر) فهذه المرّة ليست الأولى التي استشهد بها القرطبي بقول شاعر، مولود بعد زمان القرآن، لكي يبرهن على ورود مفردة قرآنية ما في لسان العرب قبل ظهور القرآن. كان المفترض بالقرطبي أن يستشهد بقول شاعر سبق ظهور القرآن لكي يظهر لنا أن "العلق" وردت في لسان العرب بالمعنى الذي ذكره. هذا لأن الشاعر المذكور فهِمَ كلمة العلق في ضوء القرآن، ليس العكس. فأغلب الظّنّ أنّ القرطبي لم يصله شعر عنترة بن شدّاد عن العلق ولا شعر زهير بن أبي سلمى، إذ قال عنترة- على وزن الوافر أيضا:
تركتُ جُبيلةَ بن أبي عَدِيٍّ – يبُلّ ثيابَهُ عَلَقٌ نجيعُ
وقال زهير- على وزن الكامل:
وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدّرعِ أنتَ لنا إذا – نهِلتْ مِنَ العَلَقِ الرِّماحُ وعَلَّتِ
نَهِلَت: شَرِبَت الشُّربَ الأَوَّل. علّت: شَرِبَت ثانية أو تِباعا.
ـــ ـــ
مِمَّ خُلِق الإنسان بحسب القرآن؟
إنّما السؤال المشروع بعد مطالعة سُوَر القرآن التي وردت فيها موادّ خلق الإنسان المختلفة: مِمَّ خُلِق الإنسان بحَسْب القرآن؛ أمِن علق، أي من دم سواءٌ أكان جامدًا أم مسفوحا، أم مِن تراب أم مِن طين أم من صلصال أم مِن ماء دافق أم من نُطْفة أمشاج؟ والسور تحديدًا- حسب تسلسلها الرقمي في المصحف العثماني: 15 الحِجْر و23 المؤمنون و30 الروم و32 السَّجْدة و37 الصّافّات و38 ص و55 الرحمن و76 الإنسان و86 الطارق، بالإضافة إلى 96 العلق. فالخلق القرآني تارة من علق وتارة ثانية من نطفة وثالثة من تراب ورابعة من ماء وخامسة من صلصال. لذا لم تبتعد نظرتي إلى مقولات القرآن أبعد من اعتبارها خواطر يمكن أن يعبّر عنها كلّ إنسان بحسب معرفته فينسبها إلى خياله، أو إلى كتاب ما، وهذا من حقه، لكنّ مؤلّف القرآن نسب خواطره إلى الله، حتى (ما يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم 3-4 فتأمّل-ي! وتاليًا؛ أين بلاغة القرآن في مسألة الخلق، بل أين عِلم علّام الغيوب، أين “الإتقان في علوم القرآن” إمّا كان صاحبه السيوطي (2) جادًّا في اعتبار علوم القرآن مُتقَنَة؟ والجواب في رأيي: لا بلاغة هنا ولا علم ولا إتقان. والجدير ذكره بالمناسبة استغراب السيد أحمد القبانجي من قول مؤلِّف القرآن: (خَلَقَ الإِنسانَ مِنْ صَلْصَال كالفَخَّار)- الرحمن:14 لأن الصلصال هو الفخّار عينه في مفهوم القبانجي، كأنّ صاحب القرآن (فسَّر الماء بعد الجهد بالماء) وهذا شَطْرُ بيت لابن الذروي المصري، جرى مجرى الأمثال:
أقام يُجهِدُ أيّامًا قريحتَهُ – وفسَّر الماءَ بعد الجهد بالماءِ
ـــ ـــ
خلق آدم وحوّاء في الكتاب المقدَّس
ورد في قسم المقالة الأوَّل تفصيل عن موضوع الخلق عمومًا وعن خلق الإنسان خصوصا، حسب التوراة وتحديدًا في بداية سفر التكوين وهو أوّل أسفارها الخمسة. وقد حان الآن عرض مادّة خلق آدم وحوّاء بتفصيل أيضا: {7 وجَبَلَ الرب الإله آدمَ ترابًا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حية. 8 وغرس الرب الإله جنّة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم الذي جبله... 18 وقال الرب الإله: ليس جيّدًا أن يكون آدم وحده، فأصنع له مُعينًا نظيرَه. 19 وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء، فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها، وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها. 20 فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية. وأما لنفسه فلم يجد معينا نظيره. 21 فأوقع الرب الإله سُباتًا على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما. 22 وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. 23 فقال آدم: "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من اٌمرءٍ أُخِذتْ" 24 لذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويلتصق باٌمرأته ويكونان جسدًا واحدا}+ التكوين\ الأصحاح الثاني.
وتعليقي أنّ اللبيب يفهم من "نظيره" في الآية الـ18 أنّ المرأة تساوي الرجل. ويلاحظ في الآية التي بعدها أنّ الله ترك حرية الاختيار لآدم ليسمّي كلّ ذات نفس حية بإسم ما. ويستنتج من الآية الـ24 أساس شريعة الزوجة الواحدة.
فمَن أطلق على المرأة الأولى اسم حوّاء؟ والجواب في التالي: {20 ودعا آدم اسم امرأته «حوّاء» لأنها أمّ كلّ حيّ. 21 وصنع الرب الإله لآدم واٌمرأته أقمصة مِن جلد وألبَسَهُما}+ التكوين\ الأصحاح الثالث. ومعلوم أنّ الله أحبّ الإنسان فخلقهم ذكرًا وأنثى، لذا اعتنى بآدم وحوّاء وبنسلهما. فشتّان ما بين الكتاب الإلهي المقدَّس وبين غيره من كتب الأرض.
ـــ ـــ
وداعة الملاك ما بين القرآن وبين الإنجيل
ورد في تفسير الطبري بداية سورة العلق؛ حَدّثَني أحمد بن عثمان البصري عن... عن عائشة أنها قالت- بتصرّف: [كان أول ما ابتدئ به رسول الله (ص) من الوحي الرؤيا الصادقة؛ كانت تجيء مثل فلق الصبح، ثمّ حُبّب إليه الخلاء، فكان بغار حراء يتحنّث فيه الليالي ذوات العدد، قبل أن يرجع إلى أهله، ثم يرجع إلى أهله فيتزود لمثلها، حتى فجأهُ الحقّ، فأتاه؛ فقال: يا محمد أنت رسول الله. قال: فجثوت لركبتي وأنا قائم، ثم رجعت ترجف بوادري، ثم دخلت على خديجة، فقلت: زمِّلوني زمِّلوني، حتى ذهب عني الرّوع، ثم أتاني فقال: يا محمد، أنا جبريل وأنت رسول الله، قال: فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتمثل إليّ حين هممت بذلك، فقال: يا محمد، أنا جبريل وأنت رسول الله. ثم قال: اقرأ، قلت: ما أقرأ؟ قال: فأخذني فغطّني ثلاث مرات، حتى بلغ منّي الجهد، ثم قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فقرأت. فأتيت خديجة، فقلت: لقد أشفقت على نفسي، فأخبرتها خبري، فقالت: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، ووالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتؤدي الأمانة، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت بي إلى ورقة بن نوفل بن أسد، قالت: اسمع من ابن أخيك، فسألني، فأخبرته خبري، فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى (ص) ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًّا حين يخرجك قومك، قلت: أومُخرِجيّ هم؟ قال: نعم، إنه لم يجئ رجل قط بما جئت به، إلا عُودي، ولئن أدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزّرا. ثمّ كان أول ما نزل عليّ من القرآن بعد "اقرأ": (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون ... إلخ] انتهى.
وتعليقي أوّلا: ليس في سيرة نبيّ من أنبياء الله وسائر رسله أنّ منهم مَن فجأه الحقّ (أي بغَتَه، جاءه في وقت لم يتوقَّعه فيه) ورجفتْ بوادره ودخل على زوجته ليزّمّل حتى يذهب عنه الرّوع (أي الفزع، الهلع، الخوف) وهَمّ أن يطرح نفسه من حالق (أي المكان المرتفع المُنيف) من جبل لينتحر. لن يجد قارئ الكتاب المقدَّس ودارسه سيرة ملتبسة لنبيّ أو رسول مثل سيرة محمّد المكتوبة بعد مضيّ أزيد من قرن على موته! فلا شكّ في أنّ الذي ظهر لمحمّد حسب هذه السيرة كائنٌ مُروّع من الجنّ أي الشياطين. وفي السيرة المحمدية أن كان لمحمد قرين من الجنّ وهذا ثابت في الشرع الإسلامي. وإليك أحد الأحاديث الصحيحة: قال محمد: [ما مِنكُمْ مِنْ أَحَد إِلّا وقد وُكّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنّ. قالُوا: وإيّاكَ يَا رَسُولَ اللّه؟ قال وإِيّاي. إِلاّ أَنّ اللّهَ أَعانني عليه فأَسْلَم. فلا يَأْمُرُنِي إِلّا بخير]- أخرجه أحمد ومسلم عَن عبد اللّه بْنِ مسعود. وأترك التعليق للقرّاء.
ثانيا: قوله "فأخذني فغطّني ثلاث مرات، حتى بلغ مني الجهد" لا ينسجم مع وداعة ملائكة الله، باستثناء إبليس! عِلمًا أنّ الله خلق إبليس كما خلق سائر الملائكة، إلّا أنّ إبليس اختار عصيان الله والتمرد عليه وخاض في طريق الشّرّ وتضليل الإنسان، حاشا لله أن يخلق شَرًّا أو يُضِلّ أحدا! والدليل على الوداعة المذكورة موجود في بشارة الملاك جبرائيل التي حملها إلى السيدة العذراء في الإنجيل بتدوين لوقا- حسب الترجمة البولسية:
{وفي الشَّهرِ السَّادس، أُرسِلُ الملاكُ جِبرائيلُ، مِن قِبَلِ الله، الى مَدينة في الجَليل تُسمَّى النَّاصرة، إِلى عَذراءَ مخطوبة لرجُل اسمُهُ يوسُفُ، من بَيتِ داوُد؛ واسمُ العذراء مريم. فلمَّا دَخَل (الملاكُ) إِليها، قال لها: السَّلامُ عليكِ يا مُمْتلئةً نِعمة أَلرَّبُّ مَعَك. فاضطربَتْ مريمُ لهذا الكلام، وجَعلَتْ تُفكِّرُ ما عَسى أَنْ يكونَ هذا السَّلام. فقالَ لها المَلاك: لا تَخافي يا مَريم فلَقَد نِلْتِ حُظْوة عِندَ الله؛ وها أَنتِ تَحبَلِين، وتَلِدينَ ابنًا، وتُسَمِّينهُ يَسوع. إنَّهُ يكونُ عظيمًا، وابنَ العَليِّ يُدعى. وسَيُعطيهِ الرَّبُّ الإِلهُ عَرشَ داودَ أَبيه؛ ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ الى الدَّهر، ولَنْ يكونَ لِمُلْكِهِ انقضاء}+ لوقا 1: 26-33
فواضح أنّ الملاك طمأن مريم العذراء بعد اضطرابها ولم يُروّعها- لا سمح الله- ومعلوم في التراث المسيحي أنّ لوقا عاصر السيدة العذراء فنقل عن فمها الطّاهر أخبار هذا النّصّ وغيره، لأنّ لوقا كان دقيقًا إذ كتب: {تَتَبَّعت كلّ شيء بتدقيق}+ لوقا 1: 3
ثالثا: تأمّلت قليلا في مقولة السيدة خديجة (أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا) فتساءلت: كيف يُعقَل أنّ السيدة خديجة طمْأنتْ "رسولًا إلهيًّا" بأنّ الله لا يخزيه أبدًا، هل كانت السيدة خديجة في منزلة الملائكة؟ فالغريب هنا أن الطمأنة صدرت عن مخلوق، لم تصدر عن الخالق، إمّا مباشرة أو بواسطة أحد ملائكته. وتاليا؛ هل اعتدّ الإسلام بشهادة امرأة واحدة؟ ثمّ هل اعتدّ القضاء الإسلامي بشهادة امرأة لزوجها؟ بل [شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله لا تجوز، لِمَا رُوِيَ عن النبي (ص) أنه قال: (لا تجوز شهادة الإبن لأبيه، ولا الأب لابنه ولا المرأة لزوجها، ولا الزوج لامرأته) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه. وكذلك الحكم في شهادة الولد لوالدته، والعكس، وأيضًا شهادة الزوج لزوجته، والعكس، حيث لم يجزها الجمهور، خلافًا للشافعية. وأما شهادة كل واحد منهما على الآخر، فإنها تجوز]- عن إدارة الإفتاء في دولة الكويت.
فلا يتفق ما تقدّم مع نظرة رسول الإسلام إلى المرأة أنها (ناقصة عقل ودين وأنّ شهادتها مثل نصف شهادة الرجل- في الصحيحين) و(تقطع الصلاة كالحمار والكلب الأسود- صحيح مسلم) وأنّ النساء (أكثر أهل النار- صحيح البخاري) بالإضافة إلى قوله في النساء:34 ما معناه "اربطوهنّ بالحبل في المضاجع واضربوهنّ" وغير ما تقدّم من إذلال واحتقار. وبعد هذا وذاك؛ يأتيني جاهل بدينه ليصدع رأسي بأنّ الإسلام "كرّم المرأة" فيا له من تكريم! ويا ليت شِعري كيف يكون الاحتقار والذّلّ؟
وفي رواية أخرى عن السيدة خديجة أنّها أقسمت بالله أنّ الذي ظهر لمحمد ملاك وليس بشيطان: {يا ابن عمّ اثبت وأبشر فوالله انه لملاك وليس بشيطان} فإسنادها حسن، المحدّث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد 259:8 علمًا أنّ الحديث مرويّ في “تاريخ الإسلام” للذهبي ص 60 و”الخصائص الكبرى” للسيوطي ص218 وفي ”السيرة الحلبية” ج1 ص386 و”السيرة النبوية” لاٌبن هشام و”تاريخ الطبري” ج1 ص289 وغيره.
وتعليقي، كما سبق؛ أنّ المفترض أوّلًا أن تأتي الطمأنة من الله! وتاليًا لا شهادة مقبولة في الإسلام من امرأة واحدة ولا سيّما شهادتها لزوجها، إلّا إذا استثنى المسلمون شهادة السيدة خديجة لمصلحة الإسلام. لكنّ هذا الاستثناء، إذا غطّى على مخالفة المسلمين كلام محمد، الوارد في الحديث الذي أخرجه ابن أبي شيبة، فإنّه يُظهر محمّدًا كأنّه ألزم غيره بما لم يلزم به نفسه. فالتساؤل المشروع في هذه الحالة: أين محل قوله التالي من الإعراب: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)- الأحزاب:21؟ ومعلوم - مثالًا لا حصرًا- أن محمّدًا قد أجاز لأتباعه (....) أربع ترغيبًا لهم في "الجهاد" المزعوم، بغضّ النظر عن ملك اليمين، بينما مات عن تسع.
4 تعليقي على القول المنسوب إلى القس ورقة بن نوفل: [هذا الناموس الذي أنزل على موسى...] فأين ذكر شرائع "هذا الناموس" في الحديث المذكور أعلى ومَن قال إن هذا هو ما "أنزل" على موسى النبيّ ومَن قال إن أهل الكتاب آمنوا بخرافة التنزيل وكيف أشاد نصرانيّ بالتوراة متجاهلًا الإنجيل؟ فأغلب الظّنّ أن المذكور منسوب إلى ورقة! فيا له من تدليس على التوراة ويا له من افتراء على نصراني برتبة قسّ وإن اختلف مذهب النصراني عن مذهب المسيحي. فإذ ضَحِك السلفيّون على بعض الذقون، فعلى ذقن فقيه من أهل الكتاب ما استطاعوا الضحك ولن يستطيعوا! لعلّ القارئ-ة يتأمّلان قليلًا في أل التعريف التي في "أهل الكتاب" فإنها دلّت على أن الكتاب المقدَّس كتاب الله الذي لا كتاب غيره وأنّه ليس كتابًا أيّ كتاب! فبئست الأقاويل المبنية على كذب وتزوير وافتراء.
ـــ ـــ
مفاجأة في تفسير القرطبي
أختم بتقديم اختلاف، ممّا ورد في تفسير القرطبي بداية سورة العلق: [وقِيل: إنَّ أَوَّل مَا نَزَلَ (يا أيّهَا المُدَّثِّر) قالَهُ جابر بْن عبد الله]- رواه أيضًا البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة المدّثّر، باب قوله وربّك فكبّر. وفي تفسير القرطبي عينه- بتصرّف: [قال عَلِيّ بن أبي طَالِب: أَوَّل ما نَزَلَ من القُرآن (قُلْ تعَالَوا أتْلُ ما حَرَّمَ ربّكُمْ عليكُمْ...)- الأنعام: 151 والصَّحِيح الأوَّل] وفيه أيضًا- بتصرّف: [روت السيدة عائشة أنها (أي العلق) أول سورة أنزلت على "رسول الله" ثمّ بعدها ن والقلم (3) ثم يا أيها المدثر ثم والضحى...] انتهى.
وتعليقي: أنّ تسلسل القلم تاريخيًّا 2 والمدثر 4 والضحى 11 والتفاصيل في ويكيبيديا: قائمة سور القرآن الكريم.