نقرأ في الأصحاح الخامس والعشرين من إنجيل ربّنا يسوع المسيح بتدوين متّى البشير 1 مَثَل العذارى العَشر 14 مَثَل الوزنات 31 المسيح هو دَيّان جميع الأمم يوم الحساب، يميّز الخِراف مِن الجداء، ومعه الملائكة.
وفي معجم المعاني؛ الوزنات جمع الوَزْنة: الدِّرهَم الذي يُتعامل به. والجِداء جمع الجَدْي: الذَّكَر من أَولاد المَعْز.
وقد لفتتني في هذا الأصحاح ثلاث إشارات إلى العهد القديم:-
الإشارة الأولى
قال السيد المسيح: {32 ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميّز بعضهم مِن بعض كما يميّز الراعي الخِراف مِن الجِداء، 33 فيُقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. 34 ثم يقول المَلِك للذين عن يمينه: تعالوا يا مبارَكِي أبي، رِثُوا الملكوت المُعَدَّ لكم منذ تأسيس العالم. 35 لأنّي جُعتُ فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني}+ عن ترجمة فان دايك. وفي الآية الـ35 إشارة إلى كُلّ من أشعياء 58: 7 وحزقيال 18: 7 و16
وفي التفسير المسيحي- بتصرّف: [ويضع الملك الخراف عن يمينه، والجداء عن اليسار. ثمّ يدعو الخراف ليدخلوا الملكوت المعدّ لهم منذ تأسيس العالم. والسبب هو أنّهم أطعموه عندما كان جائعا، وسقوه عندما كان عطشانا، ورحَّبوا به عندما كان غريبا، وكسوه عندما كان عريانا، وزاروه في مرضه، وذهبوا إليه في سجنه. والخراف الأبرار لا يذكرون أنّهم أظهروا أيّ إحسان للمَلِك إذْ لم يكن موجودًا على الأرض في جيلهم. لكنّ الملك يشرح لهم أنّهم بمساعدتهم لأحد إخوته الأصاغر قد ساعدوه هو بالذّات. فكلّ ما صُنِع لواحد من تلاميذه فكأنّه صُنِع له شخصيًّا]- بقلم وليم ماكدونالد.
وتعليقي: أضيف إلى قول الأخ المفسِّر (بمساعدتهم لأحد إخوته الأصاغر قد ساعدوه هو بالذّات) أنّ السيد المسيح قال للإثني عشر: {مَن يقبلكم يقبلني، ومَن يقبلني يقبل الذي أرسلني}+ متّى 10: 40
ـــ ـــ
الإشارة الثانية
في قول السيد المسيح: {41 ثُمَّ يَقولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمالِه: اَبتَعِدوا عنّي، يا ملاعينُ، إلى النّار الأبدِيَّة المُهيَّأة لإبليسَ وأعوانِه؛ 42 لأنَّي جُعتُ فما أطعَمتُموني، وعَطِشتُ فما سَقَيتُموني، 43 وكُنتُ غَريبًا فما آوَيتموني، وعُريانًا فما كَسَوتُموني، ومريضًا وسَجينًا فما زُرتُموني}+ عن الترجمة المشتركة. ورد في ترجمة فان دايك: المُعَدَّة لإبليسَ وملائكته.
وفي الآية الـ41 إشارة إلى سِفر المزامير 6: 8
وفي التفسير المسيحي- بتصرّف: [إنّ الرّبّ يسوع يميّز كلّ أمر نفعله لأجل خاصته أو لأجله (متى 10: 42 ومرقس 9: 41) وهو أيضًا يعتبر أيّ أذى نسبّبه لخاصّته كأننا نسببه له (أعمال 9: 4) وبالمعنى الدقيق؛ إن "الإخوة" هنا سيكونون جزءً من اليهودية البقيّة في الأيام الأخرى، الذين سيكونون شهودًا لله في الأيام المظلمة مِن وقت ضيقة يعقوب والضيقة العظيمة (دانيال 12: 1-3 وإرميا 30: 7) وهذا سيكون بعد اختطاف الكنيسة وقبل تأسيس الملكوت، إذ سينتهي زمن الضيقة ذاك بمجيء ابن الإنسان، كما رأينا في متّى 24: 21 و23 و29 و30 فإذ يذهب رُسُل الملك إلى العالم سيكون هناك من يقبلونهم ويؤمنون برسالتهم: هؤلاء هم الخراف. وآخرون يرفضونهم ويزدرون بشهادتهم: وهؤلاء هم الجداء.
ومعلوم أنّ المؤمنين جميعًا هم إخوة للمسيح، إلّا أنّ من الواضح أن العبارة هنا تُستَخدَم بمعنى خاص، لأن هناك ثلاث مجموعات من الناس أمامنا: الخراف والجداء وأولئك الذين دعاهم ابن الإنسان بـ "إخوتي" أي المؤمنون الذين يرتبطون بالمسيح، بحسب الجسد وأيضًا بحسب الروح، وسيكونون شهودَهُ الموثوقين الصادقين في زمن الضيقة الآتي، عندما ينتهي عصر الكنيسة]- بقلم هنري أ. أيرونسايد.
الإشارة الثالثة
في قول السيد المسيح: {45 كُلَ مرَّة ما عَمِلتُم هذا لِواحد مِنْ إخوتي هؤلاءِ الصَّغارِ، فلي ما عمِلتُموهُ. 46 فيذهَبُ هؤُلاءِ إلى العَذاب الأبديّ، والصّالِحونَ إلى الحياةِ الأبدِيَّة}+ عن الترجمة المشتركة. وفي الآية الـ46 إشارة إلى سِفر دانيآل 12: 2
وفي التفسير المسيحي- بتصرّف: [يقدّم السيِّد المسيح لمؤمنيه الملكوتَ {المُعَدَّ لهم منذ تأسيس العالم} وعندما يُطرَد الأشرار يقول السيد عن النار الأبديّة {المُعَدَّة لإبليس وملائكته} فهو لم يُعِدّ الإنسان للنار الخارجيّة وإنما للملكوت الأبدي. وقد اختار الأشرار لأنفسهم بأنفسهم أن يُلقَوا فيما أُعِدّ لغيرهم أي لإبليس وجنوده.
أخيرًا فإنّ الملكوت الذي ننظره هو التمتّع بالسيِّد المسيح نفسه الذي هو سرّ فرحنا الأبدي، يملك فينا، ونقطن فيه إلى الأبد]- بقلم القمّص تادرس يعقوب ملطي.
ثمّ استشهد جناب القمّص بمقولة للقدّيس كبريانوس: [المسيح نفسه أيها الإخوة الأحبّاء هو ملكوت الله الذي نشتاق إليه من يوم إلى يوم لكي يأتي. مجيئُه شهوة لنا نودّ أن يُعلَن لنا سريعًا. مادام هو نفسه قيامتنا ففيه نقوم، لنفهم ملكوت الله أنه هو بنفسه، إذْ فيه نملك]+ آمين.