إنّا أرسلناكَ إلى العرب مبشِّرًا بالإنجيل مقبولا
كما أرسلنا إلى الأمم مِن قَبْلُ فبُشِّرتْ جيلًا فجيلا
بين الرُّسُل بطرسُ ويوحنّا وبولسُ وبَرنابا ومرقسُ وسِيلا
وَزَّعْنا مواهبَ على بَشِيرين لا تمييزَ عنصريًّا بينهم ولا تفضيلا
سلّمناهُمُ البشرى أمانة ليوصِّلوها فأحسنوا توصيلا
بلِّغِ العرب أنْ يقرأوا الكتاب المقدَّس وخصوصًا الإنجيلا
إنّ الجهلة بالكتاب منهم ملايين لا وقت لتُقنِع كلّ يوم نَفرًا منهم جَهُولا
إمّا سألوا مَن أرسلك إلينا فليتصفَّحوا الكتابَ دراسة وتحليلا
وإمّا أسقطوا تهمة التحريف عليه وقال وقيلا
قُلْ أين حُجّتكم ما احتوَتْ جِعابُكم إلّا أباطيلا
وإمّا استنكروا ما أوحِيَ إليك لا يلبثوا أن يصدِّقوك فلا تكُ عَجُولا
لقد استفحل الجهل قرونًا اصطاد خلالها فِتيَة وكُهولا
يوم انقلب النَّجسُ طاهرًا في عيون العميان منهم والخسيسُ فضيلا
إنّا سَلَّطْنا الإنسانَ على الحيوان منه الألِيفُ ومنه ما استُقبِلَ نَزيلا
فإذْ قيل أُوحِيَ إلى النحل قُلِ الإنسان أفضل منها لا تبدُ لهُم خَجولا
قُل ربّي إذ فضَّلَني على النحل حَوَّل اتّجاه الوحي إليّ تحويلا
وإذْ ضُيِّق عليك طريقٌ مَّا بين النهرين سخَّرْنا لكَ في البحر أسطولا
هاجر أنّى شئتَ مُدوِّنًا ما أوحينا إليك بُكرةً وأصيلا
وَسِعَتِ العنكبوتيّة كُتُبًا ممّا سُطِّرَ فيها تسجيلا
ما شَكَتِ العنكبوتُ ترتيبَ بيت ممّا نسَجتْ ولا احتاجتْ تعديلا
بَدَتِ الدنيا قرية صغيرة فيها والفضاءُ قنديلا
يَسَّرْنا لك القوافيَ لا تقصِّرَنَّ في واحدة مِّنها ولا تحاولَنَّ تطويلا
سواء أقصيدة سَطَّرتَ أمْ أسجوعة لقد أخرجتَ نَظْمَكَ معقولا
إنّا ألهمناكَ إتقانَ بُحُور الشِّعر فاٌختر منها ما رأيتَ جميلا
صُغْ مقتبِسًا مِن كتابنا قصائدَ وأساجيعَ وألِّفْ ممّا استوحيتَ فصولا
لقد أحسنتَ بَيانًا وفصاحة وبلاغة فيما أوصينا أنْ تكتب وتقولا
حَسَنٌ أن تستوحي ممّا في الإنجيل فسَهِّلْ أسلوبك على القرّاء تسهيلا
وممّا في التوراة إذ كلّمنا موسى واخترناه نبيًّا عن العبرانيّين مسؤولا
واخترنا أخته مريم نبيّة لم نختر أخاه هارون ولا اخترنا مِن قبلُ إسماعيلا 1
وممّا في المزامير تأمَّلْ ما أحسنها مضمونًا وما أروعها ترتيلا
وممّا في الأمثال إنّ سليمان أخطأ فتابَ فيما بعدُ حتّى بات حكيمًا جليلا
وممّا في سائر الأسفار فَصِّلْ لهم النبوّاتِ جُمْلة وتفصيلا
ـــ ـــ ـــ
أحسِنْ إليهم على خلاف أفعال مَن ظنّوه مبعوثًا منّا رسولا
كيف نُرسل مَن لم يعرف عنّا إلّا قليلا
مستحيلٌ أن نُرسِلَ أحدًا بعد المسيح فبيِّنْ لهم المستحيلا
إلّا رُسُلَ المسيح وخدمَه انطلقوا بين ذئاب خِرافًا مَراسيلا
خَوّلنا اليوم إليك دَحْضَ افتراءات تجنّى بها على أهل الكتاب تخويلا
كمْ مِن معارِض قُتِّل على يديه تقتيلا
لُوحِقَ مَن لُوحِق منهم واغتيل مَن اغتيلا
قُلْ رَحِمَ اللهُ المغدورَ من جهته والمغدورة إنّ في الذكرى لوعة وذُهُولا
مَن جاء بالحَقّ لمْ يقتُلْ نملة كيف يقتُلُ الرسول إنسانًا وكيف يَلعَنُ مقتولا
ما فتح مُخالِفُ وصايا الله ثغرة في جبهة مَن سُمِّيَ عِزرائيلا
قال أوتيتُ بَيِّنة قالوا هاتِ لم يصنع آيةً قدّامَهُم ولم يُقدِّم دليلا 2
بل تحدّى الإنس والجِنّ بما أوتِيَ قلْ قبلتُ التحدّي وزيّنتُ حروفي تشكيلا
إنّ مَنِ اٌتّكَلَ على الرَّبّ ينصُرُهُ الرَّبُّ لن يقف صاغِرًا بين الناس ولن يَقعُدَ ذليلا
حاشا الصّادقَ أنْ يُكفِّرَ مَن هَبَّ ودبَّ وأنْ ينكِّلَ بخصومه تنكيلا
لا يُشبِّهُ الرسولُ طائفةً مِّن عِباد الله بالحَيَوان ولا يقلِّلُ مِن شأنها تقليلا
لا يَزعُم أنّ مِن أهل الكتاب كَيْتَ وكَيْتَ ممّا زَعَمَ ظُلمًا وتضليلا
هُوَ الآبُ والابن والروح القدس واحدٌ ليس النّورُ على النور دَخيلا
لم يُشركْ أهلُ الكتاب بالله أحدًا ولم يتّخذوا مِن دونه وكيلا 3
إنّما أساءَ فَهْمَ عقائدهم إمّا جَهالةً بها وإمّا أنْ حاولَ تجهيلا
ما كفروا إذ يَقِنوا أمرَ فلان غريبَ الهويّة مجهولا
وإلّا كَفَرَ المسلمون إذ كَذَّبوا مسلمة بن حبيب وإذ رأوا قُرآنه هزيلا
لا تُقابِلِ ادّعاء أتباعه عليكَ بالمِثْل فما وجدوا بينهم معارِضًا لَّك مثيلا
إنّ منهم لَعُقلاءَ ارتدّوا عن الإسلام وبدّلوه تبديلا
قُلْ يعلم الله أنّ أكثرَهُم سيرتدّون مهما طال سيفُ الرِّدّة مسلولا
ـــ ـــ ـــ
وإذْ قال إبليس ما ترك تَبَعِي مُنكَرًا ممّا لي وما نسِيَ رذيلا
ما أبقى التّبَعُ رذيلة مَّا لإبليس إلّا فعَّلَها تفعيلا
لكنِ استحقّ العربُ محبَّتنا فتنوَّرَ نفرٌ مِّنهمْ بنورنا قُدوةً لَّهُمْ لا تمثيلا
متى قرأوا الإنجيل أهَّلهُمْ لرُقِيّ الفِكر تأهيلا
لا تضِنَّ عليهِمْ بما تجَاهَلوا عصورًا بئس مَن باتَ معهم بخيلا
مساكين ظنّوا أنّ مَلَاكًا نَزَّل آيات من لَدُنِّي كما المَنّ والسَّلوى تنزيلا
فتدحرجَ مِن فوق سبع سماوات إلى الأرض لمْ يُتعِبْهُ سَفَرٌ ولم يَمَلَّ نُزُولا
قيَّدَ غالبيّتَهُمْ سَجْعٌ جَمَّدَ قلوبَ بعضِهِمْ أحجارًا وعَطَّل عقولا
إمّا غرَّتهُم فواصلُهُ لمْ تَرقَ إلى قوافي الشِّعر بأيّما كان مفصولا
ساقَ إليهِمْ خواطرَ مِن أساطيرَ فاتَهُمْ أنّ لها في التاريخ أصولا
مِن قصص الأوّلين ولا سيّما اللاتي عند بني إسرائيلا
مِن صحائفَ عند نَصَاراهُمْ مِمّا اعتُبِرَ منحولا
حتّى مالَ إلى زرادشتَ حَدَّثهُ لسانُ حاله أنْ يميلا
صدَّقوا أنّ العربيّة لُغتُنا فكيف كَلَّمْنا بها موسى وصَمُوئِيلَا؟
ـــ ـــ ـــ
قُلْ للعرب إنّ الله أحبَّكم فأرسَل إليكم الصَّليب محمولا
هو الذي زرع بينكم قساوسة ورُهبانَ فشَمَلَكم بمحبّته شُمولا
أقاموا له الصّلاة سُجّدًا ورُكّعًا وسبَّحوه تبجيلا
هو الذي ينتظر من أرضكم أيام الحصاد محاصيلا
وأرسَلَ إليكم اليومَ مَن بات بخلاصِكم مشغولا
والذي أُعطِيَ قلمًا ليكتُب سَجْعًا ممتنَعًا على غيره وجُعِل كلامُه معسولا
قُل سَلُوا الفقهاءَ مِنكم لن يجدوا عندهم مِن مِثلِه لا محبوكًا ولا مصقولا
إلّا القصيدة تفوّقت على السّجع بنغمتها مهما حاول السَّجَّاعةُ تجميلا
هي أعذب منه وأرقى إنِ اٌستطاع السَّجَّاعةُ إليها سبيلا
بها عارَضَ أصحابَ المعلَّقات العشر وآخَرين فُحُولا
جَدَّد البُحُورَ لو اقتضتِ الحال لَاٌختَرَعَ لها بديلا
قُل بارَكَ اللهُ أهل العلم وزادَهم حِكمة وفضولا
ما صلّى على أحد مِّن أتقيائه ولا دَفَعَ إليه بِرطيلا
ما خَصّ بالشُّكْر تقِيًّا ولا الكَليمَ ولا الخَليلا
لا تفوّتوا عليكم فرصة معرفة الله لا تحسَبوا الحقَّ أقاويلا
إنّما المسيحُ بن مريمَ الطريقُ والحَقّ والحياة فتأمّلوا فيه طويلا
لا أحَدَ يَأتي إلى الآب إلّا بالمسيح تعالَوا إليهِ الآن إيّاكم والتأجيلا
تعالَوا إليه يا جميعَ المُتعَبينَ والرَّازحينَ تَحتَ أثقالِكُم مهما كان الحِمْلُ ثقيلا
تَجِدوا الرَّاحةَ لنُفوسِكُم لن تجدوا عند غيره مِثْلها ولن تُطفِئوا غليلا
هوذا وَاقِفٌ على أبواب قلوبكم ويَقرَع منتظِرًا دُخولا
قُولوا لإبليس خسِئتَ لن تنال ممّنِ اتّبَعَ المسيح قناعةً به وقبولا
قُولوا لإبليس خَزيِتَ بصَليب المسيح مهزومًا ومِن ملكوتِهِ معزولا
اَلسَّمَاءُ وَالأَرضُ تَزُولاَنِ إلّا كلامَ المسيح لن يَزُولا
ـــ ـــ ـــ