إنّ النبوّة نوعان؛ الأوّل مقدّس، موحًى به من الله بطريقة مباشرة. من سِمات هذا النوع أنّه أوّلًا مدوَّن في كتاب الله- الكتاب المقدَّس- بالتفصيل. ثانيًا أنّه مقتصر على الأمّة اليهوديّة فقط، أي على بني إسرائيل وعلى بناته، فلا نبيّ لله عربيًّا ولا فارسيًّا ولا هنديًّا... إلخ، وهذا بيت قصيد هذه المقالة. ثالثًا أنّ مجيء المخلِّص- السيد المسيح- محور جميع النبوّات فلا نبيّ كلّمه الله بعد مجيء المخلِّص ولا أرسله وإن تنبّأ، إلّا رسل المسيح وخدّامه.
فإن اعترض قارئ هذه السطور قائلًا إن إبراهيم الخليل (لم يكن يهوديًّا ولا من بني إسرائيل) فالجواب أنّ إبراهيمَ أبو اليهود؛ قال السيد المسيح لهم: {أَبُوكُمْ إبرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بأنْ يَرَى يَومِي فرَأَى وفَرِح}+ يوحنّا 8: 56 فهو أوّل يهودي. أمّا إسرائيل (يعقوب بن إسحق بن إبراهيم) فهو حفيد إبراهيم. وأمّا نبوّة إبراهيم (تكوين 20: 7) فلم يركّز عليها الكتاب المقدَّس إذ دُعِيَ إبراهيم خليلَ الله (يعقوب 2: 23) إنّما ركّز على إيمانه بالله فحُسِبَ له بِرًّا (يعقوب 2: 23 ورومية 4: 3 وغلاطية 3: 6) والبارّ هو مَن يقبل إرادة الله فيكيّف حياته وفقَها. ومن الأمثلة على البارّ، بالإضافة إلى إبراهيم: نوح (تكوين 6: 9) في العهد القديم ويوسف النجار (متّى 1: 19) في العهد الجديد. فليس البارّ نبيًّا بالضرورة ولا رسولا.
وإن اعترض آخر على أن الله (قادر على أن يرسل نبيًّا إلى الناس أيًّا كانت جنسيّته) فالجواب: لا شكّ في قدرة الله إطلاقًا، إنّما الشّكّ في ثقافة المعترض نفسه، لو أنّه قرأ عن الله في الكتاب المقدَّس- كتابه الوحيد- لَعَرَفَ الله كما يجب، ولأدركَ أنّ الإله الخالق الذي قرأ عنه في كتاب آخر، مزوَّرة حقيقته ومعتَّم عليها ومُساءٌ إليها، وأنّ كلّ ما نُسِبَ إلى الله، غير المذكور في الكتاب المقدَّس، باطل في رأيي لا يستحقّ اهتمامًا ولا احتراما، بل مصير مؤلِّف الكتاب المزوّر النار الأبديّة: {ولكن، كان أيضًا في الشعب أنبياء كذبة، كما سيكون فيكم أيضًا معلّمون كذبة، الذين يدسّون بدَعَ هلاك. وإذْ هُم يُنكرون الرَّبَّ الذي اشتراهم، يجلِبون على أنفسهم هلاكًا سريعا. وسيتبع كثيرون تهلكاتهم. الذين بسببهم يُجدَّف على طريق الحقّ. وهم في الطمع يتّجرون بكم بأقوال مصنَّعة، الذين دينونتهم منذ القديم لا تتوانى، وهلاكهم لا يَنعَس}+ 2بطرس 2: 1-3
وقد ذكرت في مقالة سابقة أنّ الكتاب المقدَّس كلّه موحًى به من الله، من الروح القدس، فمن جدَّف عليه لن يغفر الله له؛ قال السيد المسيح: {لِذلِكَ أقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وتَجدِيف يُغْفَرُ لِلنَّاس، وأمّا التّجدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغفَرَ لِلنَّاس}+ متّى 12: 31 ولوقا 12: 10
أمّا النوع الثاني من النبوءة فهو العاديّ، غير مقدَّس لأنّه غير مذكور في الكتاب المقدَّس، قد يكون مصدره الله أيضًا لكن بطريقة غير مباشرة، على أنّ الله وهب الإنسان عقلًا صالحًا للتأمل في الظروف وتقديرها وتحليلها والتنبؤ بمستقبلها. فمِن سِمات هذا النوع أنّه عامّ، يستطيع أيّ إنسان أن يتنبّأ، وقد تشهد مجموعة من الناس لصدق نبوءته على أنّها تحقّقت، وقد تطلق عليه صفة المتنبّئ، لكنّه لا يُدعى نبيًّا، لأنّ صفة النبيّ اقتصرت على الأمّة اليهوديّة، كما تقدَّم أعلى.
فالنبوّة باختصار شديد ذات بُعدَين؛ الأوّل من جهة الله: إخبار الناس عن وجود الله وعن وصاياه وشرائعه ومشاريعه. والثاني من جهة الإنسان: إخبار الناس عن ظروفهم المستقبلية، وَفقَ ما أخبر اللهُ النبيَّ أو أوحى إليه، كمصائر الشعوب والمدن. وكِلا البُعدَين متعلِّق بإرشاد الله وتوجيهه. فقد خاطب الله أتقياءه، ومنهم الأنبياء، بصوته تارة وعبر إرسال ملائكة تارة أخرى ليتكلّموا بالنيابة عنه. يمكنك قراءة المزيد عن ملائكة الله في أحد المواقع المسيحية بالبحث عن "ملائكة" عبر غوغل.
أمّا النبي في الفكر الكتابي فهو الشخص الذي دعاه الله فقبِل الدعوة وفَعَلَ بعض التالي، أو كلّه، بإرشاد من الله وعون منه، لم يصدر عن هوى نفسه شيء ولا عن فكر شخصي؛ إذ توقّع أحداثًا مستقبلية، وتكلم مُبلِّغًا الشعب بكلّ ما سَمِع من الله، أو بكلّ ما أوحِيَ إليه من الله، وصنع معجزة أمام الشعب، وكتب ما أوحِيَ إليه... إلخ وهذه هي حال جميع أنبياء الله، باستثناء السيد المسيح! إذ كان المسيح أوّلًا إنسان الله الكامل بلا خطيئة (يوحنّا 8: 46) وثانيًا أنّه صنع المعجزات بقوّة لاهوته، أي بحلول الله فيه (يوحنّا 14: 10) (1) أمّا الناس فقد أخطأوا جميعًا ومنهم الأنبياء {إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله}+ رومية 3: 23
وقد كشف الكتاب المقدَّس عن خطيئة كلّ نبيّ، كما كشف عن العقوبة التي عاقبه الله بها لسبب الخطيئة. فالقول بعصمة الأنبياء من الخطيئة لا أساس له من الصحّة؛ لأنّ معنى عَصَمَ: حفظ أو صان، فكيف عصم الله إنسانًا من الخطيئة، إلّا إذا حَلّ الله فيه؟ لأنّ الذي لا يمكن أن يُخطئ هو الله! فإذ كان المسيح بلا خطيئة (يوحنّا 8: 46) فلا فرق جوهريًّا بين المسيح وبين الله.
والجدير ذكره بالمناسبة أنّ الأنبياء جميعًا نقلوا إلى الناس كلام الله، أمّا المسيح فقد كان نفسه كلمة الله. والجدير ذكره أيضا أنّ الله أعطى بني إسرائيل علامة لتمييز النبي الصادق من غيره، هي التالي: {وإنْ قُلْتَ في قلبك: كَيفَ نَعرِفُ الكَلاَمَ الَّذي لَمْ يَتَكَلَّمْ به الرَّبُّ؟ فمَا تَكَلَّمَ به النَّبيُّ باٌسْمِ الرَّبِّ ولم يحدُثْ ولم يَصِرْ، فهو الكلام الذي لم يتكلّم به الرب، بل بطغيان تكلّم به النبي، فلا تَخَفْ منه}+ التثنية 18: 21-22
وتعليقي على آيتَي التثنية أنّ النبوّة دعوة إلهية، لم يكن اقترانها بمعجزة ضروريًّا للنبي لتبليغ رسالة ما من رسائل الله إلى الشعب، فما صنع المعجزاتِ جميعُ الأنبياء، حتّى الكبار منهم كأشعياء وإرميا وحزقيال، ولا انشغل نبيّ الله بإثبات نبوّته لكي تصدّقه الناس، إنّما صدّقته في ضوء تحقيق نبوّاته فشهدت له أنّه من الأنبياء. فكان الهدف من النبوّات تحقيق مشيئة الله المعلنة بلسان النبي أو الرسول.
ـــ ـــ
دعوة النبيّ ودعمه
ذُكِر في الكتاب المقدَّس أنّ الله دعا عددًا من الناس أنبياء لحمل رسائله إليها، منهم مَن قبِل الدعوة طوعًا، بدون إجبار من الله (أشعياء 6: 8) ومنهم مَن أجبره الله عليها فرفضها النبي في بداية المطاف (يونان 1: 3) ثمّ انصاع لأمر الله في النهاية (يونان 3: 3) ومنهم الذي اختاره الله نبيًّا قبل ولادته (إرميا 1: 5) ممّا يأتي ذِكره بعد قليل. ومنهم مَن دعاه الله لكنّه لم يكن واثقًا من نفسه (الخروج 3: 11 وإرميا 1: 6) ومنهم مَن لم يضمن تصديق الشعب رسالته (الخروج 3: 13) فسأل الله عمّا يفعل فأجابه الله ففعل.
واضح أن جميع دعوات النبوّة الصّادقة صادرة عن الله بطرق متنوّعة (عبرانيّين 1:1) لم يطلب أحد إلى الله أن يكون رسولًا له، ولم يفرض نبيّ الله على الناس أن تصدّق أنّه مرسل من الله، إنما انشغل النبي بأوامر الله فقط؛ منها تبليغ الشعب بها وتحذير خَطَأَة وإنذار طاغية... إلخ. فإن اقتضت الحال أيَّدَ الله نبيّه بمعجزة أو اثنتين لكي تقتنع الناس؛ مثالًا ممّا في التوراة: تأييد الله موسى النبي بمعجزتين أو ثلاث قُبَيل إرساله إلى بني إسرائيل، ليستطيع بها أن يُثبت لهم أنّه مرسَل إليهم من الله. فواضح في الآيات التالية أنّ موسى لم يكن ضامنًا تصديق بني إسرائيل رسالته، لذا سأل الله عمّا سيُجيبهم به، إذا ما سألوه عمّن أرسله إليهم لتخليصهم مِن طغيان فرعون، فأجابه الله:
{هكَذا تَقُولُ لِبَنِي إسرَائِيل: يَهْوَهْ إِلهُ آبائِكُمْ، إلهُ إبرَاهِيمَ وإلهُ إسحَاقَ وإلهُ يَعقُوبَ، أَرسَلَنِي إلَيكُمْ... فيسمعونَ لكَ وتدخلُ أنتَ وشُيوخ بَني إِسرائيلَ على مَلِكِ مِصْرَ وتقولونَ لَه: الرّبُّ إلهُ العِبرانيِّينَ قابَلَنا، فدَعنا الآنَ نسيرُ مَسيرَةَ ثلاثةِ أيّام في البَرِّيَّة ونُقَدِّمُ ذبيحةً لِلرّبِّ إلهِنا. ولكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ مَلِكَ مِصرَ لاَ يَدَعُكُمْ تَمضُونَ ولاَ بِيَدٍ قَوِيَّة. فَأَمُدُّ يَدِي وَأَضْرِبُ مِصْرَ بِكُلِّ عَجَائِبي الّتي أصنَعُ فِيها. وبَعدَ ذلِكَ يُطْلِقُكُمْ...}+ ممّا في الخروج\3 باختصار {فقالَ موسى لِلرّبّ: هُم لا يُصَدِّقونَني ولا يسمَعُونَ لِكلامي، بل يقولونَ: لم يظهَرْ لكَ الرّبّ. فأجابَهُ الرّبّ: ما هذِهِ التي في يَدِكَ؟ قالَ: عصا. قال: ألقِها على الأرض. فألقاها على الأرضِ فصارَت حَيَّة. فهَربَ موسى مِنْ وجهِها. قالَ لَه الرّبُّ: مُدَ يَدَكَ وأمسِكْ ذَنَبَها. فمَدّ موسى يَدَهُ فأمسَكَها، فعادَت عصًا في يَدِه. وقالَ لَه الرّبّ: تفعَلُ هذِهِ المُعجزَةَ ليُصَدِّقوا أنَّ الرّبَ ظَهرَ لك، وهوَ إلهُ آبائِهم، إلهُ إبراهيمَ وإسحَقَ ويعقوب. وقالَ لَه الرّبُّ أيضًا: أدخِلْ يَدَكَ في جيبِك. فأدخَلَ يَدَهُ في جيبِهِ ثُمَ أخرَجها، فإذا هِيَ بَرصاءُ كالثَّلج. فقالَ لَه الرّبّ: رُدَّ يَدَك إلى جيبِك. فرَدَ يَدَهُ إلى جيبِهِ ثُمَ أخرَجها فَعادَت كسائِرِ بَدَنِه. قالَ لَه: إنْ كانوا لا يُصَدِّقونَكَ ولا يَقتَنِعونَ بِالمُعجزَةِ الأُولى، فبِالمُعجزَةِ الثَّانيةِ يقتَنِعون. وإنْ كانُوا لا يُصَدِّقونَ هاتَينِ المُعجزَتَينِ ولا يسمعونَ لِكلامِك، فَخُذْ مِنْ ماءِ النَّهرِ واَسْكُب على الأرض، فيَصيرَ الماءُ الذي تأخذُه مِنَ النَّهرِ دَمًا. فقال موسى للرّبّ: يا ربُّ! ما كُنتُ يومًا رَجُلًا فصيحا. لا بالأمسِ ولا مِنْ يوم كَلَّمْتَني أنا عبدَكَ بل أنا بطيء النُّطْقِ وثقيلُ اللِّسان. فقالَ لَه الرّبّ: مَنِ الذي خلَقَ للإنسانِ فَمًا؟ ومَنِ الذي خلَقَ الأخرسَ أوِ الأصمَ أوِ البَصيرَ أوِ الأعمى؟ أما هوَ أنا الرّبّ؟ فاَذهَبْ وأنا أُعينُكَ على الكلامِ وأُعَلِّمُكَ ما تقول...}+ الخروج 4: 1-12
وتعليقي أوّلًا أنّ موسى النبي توجّه إلى الله لدعمه بأزيد من معجزة فاقتنع وتشجّع، لم يهرب كما هرب يونان مِنْ وَجهِ الرَّبّ، كما تقدَّم، ولم يأمره الله بجمع أنصار له من بني إسرائيل ليُجبر أيًّا من أسباطهم الإثني عشر على قبوله نبيًّا بينهم أو على تصديقه. ولم يأمر الله موسى بقتال المصريّين باٌسمه لنشر رسالة ما، إنّما أراد تحرير شعبه من العبودية لفرعون، فلمّا أصرّ فرعون على تحدّي إرادة الله لقِيَ المصير الذي استحقّ في حادثة انفلاق البحر الأحمر. فشتّان ما بين النبي الصادق وبين غيره.
وتعليقي ثانيًا أنّ الله أعان إرميا النبيّ أيضًا على الكلام: {فَقُلْتُ: آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إني لا أعرف أن أتكلم لأني وَلَد. فقال الرّبّ لي: لا تقل إني ولد، لأنك إلى كلّ من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكُلّ ما آمُرُك به. لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لأنقذك، يقول الرّبّ. ومَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي، وقالَ الرَّبُّ لي: هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِك}+ إرميا 1: 6-9
كما أعان الله يشوع بن نون- خليفة موسى- قائلا له: {لا يقف إنسان في وجهك كلّ أيّام حياتك. كما كنت مع موسى أكون معك. لا أهملك ولا أتركك}+ يشوع 1: 5
ـــ ـــ
النبوّة والنبي في قاموس الكتاب المقدَّس
نقرأ في قاموس الكتاب المقدَّس وفي مراجع مسيحية أخرى- بتصرّف:
[كانت نبوّات الأنبياء على أنواع، كالأحلام والرؤى (دانيال 2: 19 وأشعياء\1 و6) والتبليغ (1ملوك 13: 20-22 و1صموئيل\3) والعهد القديم سِجلّ للنّبوّات والأنبياء. وفيه تعريف النّبوّة بالإنباء عن الحوادث المستقبليّة (التكوين 49: 1 والعدد 24: 14) التي يكون مصدرها الله (أشعياء\44 و45) وهو يصف الأنبياء بأنّهم:
مُقامون من الله: {وأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أنبيَاءَ، ومِنْ فِتيَانِكُمْ نَذِيرِين. أَلَيسَ هكَذا يَا بَنِي إسرَائِيلَ، يَقُولُ الرَّبّ؟}+ عاموس 2: 11
ومعيَّنون من الله: {وعَرَفَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ أَنَّهُ قَدِ اؤْتُمِنَ صَمُوئِيلُ نَبِيًّا لِلرَّبّ}+ 1صموئيل 3: 20
كذا: {قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ في البَطْنِ عَرَفتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُك. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوب}+ إرميا 1: 5
ومُرسَلون من الله؛ مثالًا: أخبار الأيّام الثاني 36: 15 وإرميا 7: 25
وذُكِر في الكتاب المقدَّس أربعون نبيًّا، كتب ستة منهم أسفارًا نبويّة في العهد القديم. وقد شملت النبوّات الإناث أيضا؛ منهنّ في العهد القديم مريم النبيّة ابنة عَمرام وأخت موسى النبي وهارون الكاهن (1أخبار 6: 3 والخروج 15: 20) ودَبُورَةُ النبيّة (القضاة 4: 4-5) التي كانت قاضية أيضا. لكن أُطلِقتْ على زوجات الأنبياء صفة "نبيّات" أحيانا (أشعياء 8: 3) دون أن يكون لهنّ صفة كهنوتية. كذا دُعِيَت امرأة الخوري بالخوريّة.
أمّا في العهد الجديد فقد ذُكِرت حَنَّة النبية بنت فَنُوئِيل (لوقا 2: 36) وبنات فِيلُبُّسَ الْمُبَشِّرِ الأربع (أعمال الرسل 21: 9) ولم تُذكر في الإنجيل نبيّة غيرهنّ.
لكنّ الكتاب حَذَّر في الوقت نفسه من الأنبياء الكذبة في مناسبات كثيرة؛ منها التثنية\13 و18: 20 وإرميا 14: 15 وحزقيال 13: 17-19 في العهد القديم، ومنها متّى 24: 11 ورسالة يوحنّا الأولى 4: 1 في العهد الجديد. وذكر أيضًا أسماء نبيّات كاذبات مثل نُوعَدْيَةَ (نحميا 6: 14) في العهد القديم وإيزابَل (رؤيا 2: 20) في العهد الجديد...] انتهى.
ضوء على صفة "النبي" في تفسير القرطبي
ورد في مقالتي [مسيحي يُطالع القرآن: القلم] (2) أنّ مؤلِّف القرآن نبيّ في نظر القرطبي إذ كتب في تفسيره العلق:4 عبارة "ثبت عن النبي" فعلّقت عليها بما معناه: [أنّ القرطبي لم يحسب حساب القارئ-ة الباحث-ة عن الحقّ، لم يُثبت لهما نبوّة الشخص الذي أشار إليه، بصفته مفسِّرًا، حتّى أعلنته الأمّة نبيًّا بإجماع علمائها] لذا قرّرت أن أكتب هذه المقالة للتحرّي عن نبوّة هذا النبي، لأنّ مشروع النبوّات حسب علمي قد انتهى بمجيء المخلِّص- السيد المسيح- إذ كان الإخبار عن مجيئه مِحورَ نبوّات الأنبياء- كما تقدَّم. لذا فكلّ مَن ادّعى نبوّة من بعد السيد المسيح، أي من خارج الكتاب المقدَّس، فنبوّته بأقلّ تقدير ليست مقدَّسة، وإلّا لبات مسلمة بن حبيب وسجاح بنت الحارث التميمية والأسود العنسي وطليحة بن خويلد ونوستراداموس وغلام أحمد القادياني من الأنبياء والقائمة طويلة. أمّا خاتم الأنبياء فكان يوحنّا المعمدان (قرآنيًّا: يحيى) وهو من بني إسرائيل وهو الذي أعلن لليهود أنّ يسوع المسيح الذي رأوا بعيونهم هو المَسِيّا- المسيح- الذي انتظروا مجيئه.
وبهذه المناسبة؛ أدعو إلى قراءة الإنجيل بإرشاد الله وبالاستعانة بتفسير مسيحي معتمد، بعيدًا عن الشائعات التي لفّقها عدد من الإسلاميّين ضدّ الكتاب المقدَّس. فمِن الضروري البحث في الكتب وعلى غوغل للتحرّي عن كلّ صغيرة وكبيرة، لمعرفة الله جيّدًا بشخص السيد المسيح. فصفات الله مُساء إليها في القرآن، حسب مطالعتي؛ شتّان ما بينها وبين ما نُسِبَ إلى الله في القرآن، شتّان ما بين مسيح الإنجيل وبين عيسى القرآن، شتّان ما بين أخبار أنبياء الكتاب المقدَّس وبين أخبار شخصيّات القرآن.