هنالك ثُلاثية تخص الرب يسوع بصفته الراعي: الراعي الصالح، راعي الخراف العظيم ورئيس الرعاة. الرب له كل المجد قال عن نفسه انه "الراعي الصالح" (يو 10: 10). بولس يشير الى الرب على انه "راعي الخراف العظيم" (عب 13: 20)، وبطرس يُحرض الرعاة في الكنائس ان ينتظروا اكليل المجد من يد "رئيس الرعاة" عند ظهوره (1 بط 5: 4).
وفي سفر المزامير توجد ثلاثية تشير الى الرب في صفاته كالراعي: مزمور 22 الذي يُسلّط الضوء على الراعي الصالح لانه يتكلم عن الراعي الذي بذل نفسه لاجل الخراف (مشهد الصليب). مزمور 23 يكلمنا عن راعي الخراف العظيم (الرب راعي فلا يعوزني شيء)، ومزمور 24 الذي يصف لنا رئيس الرعاة (مشهد الملك في مجده وقوة ظهوره).
كثير من المؤمنين اختزلوا مزمور "راعي الخراف العظيم" الى اغنية الرعاية "الرب راعي فلا يعوزني شيء"، لكنني ارى ان هذا المزمور يضع المؤمن امام تحدي واضح: اذا كان الرب راعيك فيجب ان لا يعوزك شيئ! عليك ان تقول بملء الفم "لان الرب كفايتي، فلا يعوزني شيء"! حين تظهر في حياة المؤمن حالة الاعواز فانه يفرغ ترنيمة الراعي الصالح من فحواها.
ثم، ما هي "المراعي الخضر" التي يُربضني فيها؟ لا يليق ان نختصر مفهومنا في هذه الجزئية الى تسديد حاجات الجسد. لكنني اشير الى ثلاثة مراع قد نغفل عنها: اولا، الكنيسة التي تُشبع قلب اتقياء الرب عند الاجتماع الى اسمه. ثانيا، شركة المؤمنين على أساس المحبة الحقيقية، وثالثا ، كلمة الله التي فيها شبع وغنى وتسديد كل إحتياج.
واما "مياه الراحة" التي يوردنا اليها فانها تشير الى حالة السلام والهدوء على عكس جو الخصام. لنكن صادقين، كم مرة تغنينا بمياه الراحة ونحن في جو الخصام!
لكن، في هذه المرحلة ياخذ المزمور منحى مفاجئ اذ يكلمنا عن رد النفس ("يرد نفسي ويهديني إلى سبل البر"). ما الحاجة الى رد النفس؟ السنا في مراعي الخضر ومياه الراحة؟ نعم، لكن هنا نتعلم عن احتياجنا الدائم في رحلة الحياة الى تصليح المسار والرجوع عن ميول باطلة قد نسلك بها، وهذا عمل راعي الخراف العظيم.
الراعي الصالح، الذي بذل نفسه عن الخراف مرة، هو الذي يرعاك الان وقريبا سيظهر بالمجد والقوة بصفته رئيس الرعاة. له كل المجد – امين.