لعلّ هذه المقدمة ضرورية لكل من يريد\ تريد متابعة سلسلة مقالات "مسيحي يطالع القرآن" ونقدها. لا توجد مقالة فوق النقد ولا كتاب، حتى المقدَّس. من حقّ كاتب هذه السطور أن يترجم فكره على الورق وأن ينشره على الملأ. ومن حقّ القارئ في المقابل نقد فكر الكاتب لا شخصه. فالنقد- بتصرّف: (فنّ تفسير الأعمال الأدبية، ومحاولة منضبطة يشترك فيها ذوق الناقد وفكره للكشف عن مواطن الجمال في الأعمال الأدبية أو القبح. والأدب سبق النقد إلى الظهور... إلخ)- والمزيد في ويكيبيديا: نقد أدبي.
لكنّ النقد من الفنون الأدبية التي أُسيء فهمها، إذ اعتبره الجهلة انتقاصًا من الشأن ومسبّة ووصمة. لذا لا يتحمّل الكاتب مسؤولية جهل بعض القرّاء وهبوط مستويات ثقافاتهم وأخلاقهم؛ بالنظر إلى تعليقاتهم على مقالاته المنشورة على فيسبوك موقع لينغا ولا سيّما [الاقتباس والتأليف وراء لغز شبهة التحريف] فالكاتب عبّر عن رأي شخصي حينما علّق على تفسير الطبري- مثالًا- لجزئيّة ما في القرآن، لم ينتقد القرآن مباشرة، إنما انتقد التفسير أو علّق عليه، فرُبّما أصاب المفسِّر وربّما أخطأ. وما انتقد الكاتب الشخصيّة المحمّدية لأنها لا تعنيه بشيء، إنّما نقل ما كُتِب عنها في كتب المسلمين، وقد قيل: ناقل الكفر ليس بكافر.
وفي النهاية أنّ حرية إبداء الرأي من حقوق الكاتب التي تعجز أيّة قوّة عن منعه من ممارستها طالما مارسها بعقلانية وأدب واحترام ودليل وبرهان، بدون افتراء على مقدَّسات أحد وبدون اعتداء عليه شخصيًّا. وقد كفلت له حقّه وثيقة حقوق الإنسان العالمية، وهي ذاتها التي وقّعت عليها دول معرَّبة ومؤسلَمة، لكن غالبية هذه وتلك عملت بخلافها، تارة في الخفاء وتارة في العلن. عِلمًا أنّ الكاتب على اطّلاع شبه تامّ على جميع ألاعيب الشرق الأوسط وأكاذيبه وعلى جميع مسبّاته تقريبا. فلا يحاولنّ أحد استغفال الكاتب أو الرهان على أنه يجهل المسبّات بلهجاتها واللعنات بأنواعها، فإنه نشأ في بيئة إسلاميّة تعدّ أحد الأمثلة على التخلّف الفكري والانحطاط الأخلاقي، باستثناء بعض أهلها من الأشراف والطيّبين والكِرام، فالتعميم لا يجوز بل ليس من الحكمة.
إذا عُرِف السبب
سبب كتابة هذه السلسلة تلقّي الكاتب، قبل بضعة أسابيع، دعوات من معلِّقين إلى تدبّر القرآن ودخول الإسلام، ممّا يأتي بعد قليل. فشرع بقراءة القرآن من جديد وبصوت عال. والكاتب يظنّ أن أصحابها لو فهموا الإسلام وكانت ضمائرهم حيّة لتركوه ولما دعوا إليه أحدا، لأنّ تعريف الإسلام في نظر الكاتب باختصار شديد: موت وخراب، لا حياة فيه إلّا فترة قصيرة نسبيًّا، يتمّ خلالها غسل دماغ المسلم ثمّ إرساله إلى مكان ما لقتل الناس وتخريب المكان أو تشويه صورته. هذا من الإسلام الصحيح لكن ليس جميع المسلمين يطبّقونه، إنما تطبيق الإسلام متفاوت ما بين الدول المؤسلَمة. فأوّل من طبّقته بحذافيره داعش. وإليك الدليل، على أن تقرأ بنفسك تفسير الطبري وغيره لكي تتأكد من صحّة الكلام الذي هنا: (إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة يقاتلون في سبيل اللّه فيَقتُلون ويُقتَلون وعدًا عليه حقًّا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)- التوبة:111 هذا ما طبّق الإرهابي التونسي حرفيًّا حينما دهس الناس بشاحنة في مدينة نيس الفرنسية، قبل حوالي أسبوع من تاريخ كتابة هذه المقدّمة، فقَتَل فقُتِل طمعًا بالجنّة المزعومة، وامتدت عملية الدهس مسافة كيلومترين. وهو الذي قالت عنه إحدى المدافعات عن الإسلام لقناة فرانس24 الفضائية [هذا (الإرهابي) لم يقرإ القرآن] على أن القرآن (نظيف وكريم) وقيل أيضا: (إن الإسلام بريء مِن الهجمات الإرهابية) والمدافع عن الإسلام في الحقيقة هو الجاهل لأنه هرف بما لم يعرف، أو اعتُبر من المرائين إذا عرف وحَرَف. والرِّيَاء في نظر الرصافي من أقبح الصفات. ومعناه في معجم المعاني: تظاهر بخلاف ما في الباطن.
قيل؛ لا التونسي فهِمَ الإسلام ولا الليبي ولا الجزائري ولا النيجيري ولا السعودي ولا اليمني ولا القطري ولا السوري ولا العراقي ولا الفلسطيني ولا الأردني ولا الأفغاني ولا الباكستاني ولا الأندونيسي، ولا الطبري ولا القرطبي ولا السيوطي ولا الطوسي ولا المجلسي! فيا ليت شعري: ما القاسم المشترك الوحيد بين هؤلاء، أليس الإسلام؟
وللكاتب وقفة على قيام مؤلِّف القرآن بحشر الله في مقولة التوبة:111 والافتراء على محبّته ورحمته والله بريء من جميع افتراءات القرآن. ووقفة على حشر التوراة والإنجيل أيضا. فما كان في إمكان ذلك المؤلِّف تمرير المقولة المذكورة على أهل الكتاب بدون تلقّي اعتراض منهم لأن الحقّ عندهم وقد ميّزوا الحقّ عن غيره بسهولة.
في وقت دعا الكاتب المعلِّقين أنفسهم إلى معرفة الحقّ بقراءة الإنجيل، لأنّ في الإنجيل حياة في دنيا الله بمحبة ورقيّ وتسامح وغفران وسائر الفضائل، وفيه الخلاص بالحياة الأبدية في السماء لكلّ من آمن بالمسيح واعتمد. وإليك الدليل؛ قال السيد المسيح له المجد: {أنا هو الباب. إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى. السارق لا يأتي إلّا ليسرق ويذبح ويهلك، وأمّا أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل}+ يوحنّا 10: 9-10
لكنّ أحد المعلِّقين إذ قرأ أنّ الكاتب ينوي مطالعة القرآن، توقّع منه النقد السّلبيّ، ممّا في نظره، أي الكشف عن حقيقة الإسلام، وهي قطعًا مرّة ومؤلمة، لذا كتب إليه التالي حرفيًّا: (أنصحك إذا أردت أن تقرأ القرآن الكريم بفهمك أن لا تفعل، فهذا فعل أكبر منك) فلم يردّ الكاتب على تعليقه لأنه واثق بأنّ ضميره حيّ، يكتب بصدق وينقل بأمانة ويدعم آراءه بأدلّة وبراهين! وكما تقدَّم، لن ينتقد مقولة قرآنية ما حسب فهمه ما لم ينطبق على فهم غالبيّة المفسِّرين، إنما ينتقد تفسيرها المعتمد لدى كبرى طوائف المسلمين وهي السّنّيّة، على أنّ وظيفة أهل التفسير إفهامُ القارئ القرآن كما يجب أن يُفهَم. عِلمًا أنّ التفسير الشِّيِّعيّ حسب مطالعته متّفق مع التفسير السُّنِّيّ بدرجة عالية. فهو كاتب مشهود له بالرقيّ علميًّا وأدبيًّا وأخلاقيّا، لن يفرّط بهذه الشهادة! بل التزم بكلمته صادقًا في كتابتها وبموقفه ثابتًا عليه وهو على يقين بأنّ الحقّ معه.
أمّا الذين تعمّدوا اقتطاع نصوص من الكتاب المقدَّس ليفسّروا على هواهم، أو على أهواء من سبقهم إلى هذا الفعل الخسيس، بثقافتهم الهابطة والمنحرفة، فهؤلاء حثالة المسلمين! والكاتب يعلم أنّ صدورهم مريضة وأنّ حججهم باطلة. فكما أن للقرآن مفسِّرين معتمَدين فإنّ للكتاب المقدَّس أيضًا مفسِّرين معتمدين! فما جاز للحثالة التطاول على الكتاب المقدَّس باقتطاع نصّ من سِفر التثنية أو من سِفر حزقيال أو من سفر نشيد الأنشاد ومن غيره، لعرضه على القرّاء كآية مستقلّة عمّا سبقها وعمّا لحقها، لحرف معناها عن الدلالة الحقيقية، ما دلّ على إفلاس هؤلاء من إيجاد نقطة واحدة ضدّ الكتاب المقدَّس بدون كذب وتزوير وتضليل.
وأمّا الحثالة الذين وجّهوا بغباء تهمة التحريف إلى الكتاب المقدَّس فقد حان الوقت ليعلموا الحقيقة وهي أنّ الكتاب المقدَّس خالٍ من التحريف حرفيًّا ومعنويّا مهما تعدّدت ترجماته وتنوّعت ومهما اختلفت بالحرف والأسلوب! والدليل على غبائهم فراغ جعابهم من دليل واحد على تحريفه أو برهان، إنّما الذي صدر عنها تطاول على الكتاب المقدَّس وعلى أهله، سواء عبر الانترنت وعبر بعض الفضائيات الإسلامية. وهذا من أفعال ضعيف الشخصية الذي بيته من زجاج، المهزوز أمام الحقيقة القائلة: إنّ رسوله، مؤلِّف القرآن، قد ثبت ببراهين قاطعة وحجج دامغة أنّه نقل علوم القرآن وقصصه، الصحيحة منها والمغلوطة، عن مصادر منها المنحولة ومنها الأسطورية، لذا اختلفت علوم القرآن وقصصه عمّا في الكتاب المقدّس، قطعًا تصبح مختلفة. فمن الحجج والبراهين ما في سلسلة مقالات الكاتب التي تحت عنوان: وقفة بين الكتاب المقدَّس وبين غيره (1) وقد مال أهل العقول الحديثة، المتمدّنة والباحثة عن الحقّ والمتنوّرة، إلى تصديق صاحب الحجّة القويّة في مقابل احتقار صاحب خلافها مهما علا صراخ الثاني في الفضاء الرحب ومهما ندب حظّه.
ـــ ـــ
لكل عمل هدف
هدف هذه السلسلة من جهة، إفهام المسلمين دينهم الذي تربّوا عليه وهم لا يفقهون فيه إلّا قليلا، لا يفقهون حتّى لغتهم الأمّ- العربيّة- وهي التي كُتِب بها القرآن. وهذا وذاك ممّا لاحظ الكاتب من خلال قراءة التعليقات المذكورة، حتّى أجاب على مداخلة أحد المعلِّقين بالتالي: من العار أن تدافع عن القرآن ولغتك التي أمامي مليئة بأخطاء إملائيّة ونحويّة... إلخ.
أمّا هدفها من جهة أخرى فتبشير المسلمين بالخلاص المجّاني الذي قدّمه السيد المسيح للعالم أجمع بسفك دمه الثمين على الصَّليب، لأنّ الله {يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاس يَخْلُصُون، وإلى مَعرِفة الحَقّ يُقْبِلُون}+ 1تيموثاوس 2: 4 فالهدف عمومًا نابع من محبّة الكاتب الإخوة المسلمين والأخوات المسلمات بدون مصلحة شخصيّة وبدون أن يمنّ على أحد بشيء.
ـــ ـــ
النحو والقرآن ممّا في الذاكرة
ما زال حرف الاستفهام "هل" في ذاكرة المرحلة الثانوية: (هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان)- الرحمن:60 ومعنى "هل" هنا: ما.
وفي الذاكرة أيضًا أن حسن موسى أستاذ اللغة العربيّة في السادس العلمي طلب إلى تلاميذه إدخال "أفّ" في جملة مميّزة. فرفع الحبيّب يده قائلا: (فلا تقلْ لهما أفٍّ ولا تنهرهما) فأردف الأستاذ فرِحًا: (وقلْ لهما قولًـا كريما)- الإسراء:23 فأشاد بشطارة الحبيّب وصفّق له. قال زميل الحبيّب الذي كان جالسًا إلى جانبه مندهشا: مسيحي! وبهذه السرعة؟ أي أدهشه أن الحبيّب مسيحي ويعرف شيئًا ما في القرآن، كما أدهشته سرعة البديهة عند الحبيّب وهي ما تزال. عِلمًا أنه كان المسيحي الوحيد في تلك الشعبة.
أمّا المثال التالي فمتعلّق بالنحو وبالعَروض؛ فقد عَرَّفنا مطلك حنون بنفسه أستاذًا في اللغة العربية للصف الرابع العامّ. فكتب بيت شعر للبوصيري على السبورة:
والنفس كالطفل إن تتركه شبّ على – حبّ الرضاع وإنْ تفطمه ينفطمِ
قال: (سنتعرّف على قائل البيت ونفسّر معناه ثم نعربه، ثمّ نذكر عَروضه إذا أمكن) فانتظر الحبيّب سؤال العَروض لكي يُظهِر سعة اطّلاعه على علم العروض وتحديدًا بحور الشعر العربي (2) فما انتهى الأستاذ من الإعراب حتى رفع يده للإجابة على عَروض البيت ولم تُرفَع يد سواها: بحر البسيط. فوجئ الأستاذ بمعرفة التلميذ- الحبيّب- علم العروض، لأنّ هذا العلم يدرَّس لاحقًا في القسم الأدبي، ما بعد الرابع العامّ، لا العلمي. فحظِيَ التلميذ باهتمام أستاذه منذ ذلك الحين حتّى اختفاء الأستاذ فجأة. لقد اختفى الأستاذان معًا وهما في عزّ الشباب؛ قيل أن السلطة أعدمتهما لانتمائهما إلى حزب الدعوة المحظور خلال تلك الفترة.
ـــ ـــ
هكذا قرأت القرآن
لم تكن الدعوات المذكورة أعلى جديدة من نوعها، بل وصلت إلى الكاتب عبر الانترنت منذ سنة 2009 باستمرار. فوعد أصحابها بأخذها على محمل الجدّ ووفى بوعده، كاتبًا عمّا قرأ سلسلة مقالات تحت عنوان "هكذا قرأت القرآن" تفضّل أحد المواقع العلمانية، من غير المسيحية، بنشر عشر حلقات منها مشكورًا لا أزيد، لأنّ "علمانيّين" من القرّاء والكتّاب ضغطوا على الموقع لإيقاف نشر مزيد منها، إذ اعتبروها مسيئة إلى الإسلام دون إساءة إلى المسيحية، بل اعتبرها بعضهم تبشيرية، إذ باتّ التبشير "تهمة" فلم تنسجم معه توجّهاتهم العلمانية منها والليبرالية واليسارية، لكن الموقع استمرّ على توجّهه بنشر المقالات المسيحية الأخرى على رغم ضغوطهم. فآثر الكاتب الإعراض عن النشر فيه لهذا السبب وغيره. ذلك كأنّ في التبشير برسالة السيد المسيح دعوة إلى احتلال بلدان وتحريضًا على قتال وسفك دماء ونهب ثروات وسبي نساء واستغلال أطفال! كلّا وحاشا، لأن خلاصة الرسالة المسيحية التي باتت معلومة للقاصي كما الداني: المحبة والسلام والغفران والتسامح مع الآخرين وتقبّلهم على علّاتهم، رسالة تكفل لجميع الشعوب التعايش السلمي بأمان ورفاهية وتقدّم، رسالة الرّقيّ بالأخلاق إلى أعلى المستويات. وكم حاول مسلمون انتحال الصفات المسيحية لتبييض وجه الإسلام وتلميعه ابتداء بالدجال ابن إسحق!
أمّا بعد فقد أخذ الكاتب على عاتقه قراءة القرآن، للإخوة المسلمين وللأخوات المسلمات، ابتداء بسورة العلق، لأنها "نُزِّلت" قبل غيرها، لكن ترتيبها في المصحف العثماني 96 تلتها "القلم" التي ظهر أنّ تسلسلها في المصحف 68 ما دلّ على خشية علماء الشريعة الإسلامية على القرآن من شيء ما، فغيّروا تسلسل "النزول" التاريخي إلى هذا المدوَّن في المصحف المنسوب إلى عثمان. عِلمًا أنّ أحد النّقّاد الملحدين من ذوي الخلفيّة الإسلاميّة فسّر سلوكهم بأنّه (وسيلة لتضليل الناس عن معرفة حقيقة القرآن الإرهابية والكذب على المسلمين قبل غيرهم) فأيًّا كان تبرير علماء الشريعة فإن إدراج سور القرآن حسب التسلسل التاريخي كان ضروريًا لثلاثة أسباب؛
أوّلًا: لإثبات مصداقيّتهم وإخلاصًا للقرآن.
ثانيًا: لرصد مراحل انقلاب مؤلِّف القرآن بدقّة؛ من الاعتدال والتسامح النسبيَّين في القرآن المكّي ما قبل الهجرة، أي خلال فترة الضعف، إلى التهجّم على عقائد الآخرين وتشريع الحرب عليهم في القرآن المدني، أي خلال فترة القوة.
وثالثًا: لتسهيل دراسة شخصيّة هذا المؤلّف.
وقد بات التسلسل التاريخي متوفّرًا اليوم عبر الانترنت لكل من يرغب في الاطّلاع عليه (3) فالسؤال القائم: لماذا دلّس علماء الإسلام حقيقة تاريخ النزول؟ ورأي الكاتب: لو كان القرآن موحى به من الله لَمَا استطاع أحد التلاعب بشيء ما فيه.
وسيركّز الكاتب على نقد اختلاف القرآن موضوعيًّا ونقد تناقضاته التي حاول المفسِّرون تبريرها بذريعة الناسخ والمنسوخ منسوبَين إلى الله- حاشا الله من تغيير رأيه بين ليلة وضحاها- ونقد اختلاف قراءة القرآن ما بين مصحف وآخر لأن الاختلاف بشكل عامّ متعارض مع قول مؤلّف القرآن في آخر سورة البروج.
فالسؤال الذي يتخلّل كل حلقة في هذه السلسلة: هل القرآن من وحي الله؟ لا تتعجّل-ي في الجواب لأنّ في هذه المطالعة الجديد الذي قد يكون مفيدًا لك ومهمًّا، ما لم يخطر في بال أحد من أهل التفسير أو التأويل، ربّما خطر ولم يستطع الإفصاح عنه خشية التعرّض لتهمة خطيرة كالزندقة. وإلّا فليت اللبيب يتخلّى عن حفظ القرآن في ذاكرته بدون فهم، ليبدأ من جديد بقراءته مستعينًا بتفسيره الأقرب عهدًا إلى صدر الإسلام، ولا سيّما تفسير الطبري، لكي يستنتج بنفسه جوابًا على سؤال ما طالما دار في ذهنه، مقتنعًا بالجواب بحُرّيّة، بعيدًا عن ضغط مِن أحد أو إكراه، وإن أدّى استنتاجه إلى لمس المواجع وقضّ المضاجع. والأفضل في نظر الكاتب الاطّلاع على الإنجيل أوّلًا قبل قراءة القرآن. وهو يضمن لقارئ الإنجيل إيجاد بعد ما بين الإنجيل وبين القرآن قد يتجاوز ما بين الشمس وبين الأرض.